هالة منير بدير تكتب: إنهم أعوذ بالله يُفَكِّرُون !!

- يقولون لهم : التعذيب يستشري في السجون في حق المعتقلين ..
- فيردُّون : إنتُّوا مابتشوفوش الضباط والجنود اللي بتتقتل كل يوم ؟!!!
ثم يبزغ السؤال الجوهري : هُوَّ إيه همزة الوصل بين الواقعتين ؟!!
 
هل تكون الإجابة أن تعذيب المعتقلين في أحداث شغب وخرق قانون تظاهر وسيلة لانتزاع اعترافات على مرتكبي أعمال إرهابية أو اغتيالات ضباط الشرطة ؟! أم أن تلك الانتهاكات ضمن مبدأ ( اضرب المربوط يخاف السايب ) ؟! أم أن وزارة الداخلية لم تعد تهتم لقَسَم احترام المهنة وتأخذ حق شهدائها بالذراع ممن تطاله يدها حتى لو كان مشتبه فيهم ومحبوسين على ذمم قضايا أخرى ، وكأنَّ تعذيب المساجين لا يُطّوِّق دم شهداء الواجب بعار تجاوزات الداخلية ، التي أنكرت بدورها حدوث التعذيب إلا في بعض تجاوزات استثنائية راجعة بنا لعصور الاستبداد والظلم ..
 
سؤال هامشي : في أثناء بحثك عن هدية الفلانتين بما أن مشاعرك جياشة إلى هذا الحد ، ( لن أسألك عن الباحثين عن أنابيب البتوجاز ) هل تذكرت الضابط شهيد بورسعيد المُغتال أمام منزله ؟ هل تذكرت ملازم الإسماعيلية وحيد أبويه الذي لم يكمل الإثنين وعشرين عاماً المُغتال أثناء مباشرة عمله ؟ هل تذكرت والدته التي وقفت عند جثمان ابنها وهي تزغرد وتصرخ بنفس الصوت في ذات النفس ؟ هل تساءلت لماذا تتكرر الاغتيالات بنفس الطريقة وعلى نفس الوتيرة ولم تفلح الداخلية في إحباط عملية واحدة حتى الآن  طالما تهتم جداً وتتوهج مشاعرك لاغتيالات ضباط الشرطة وتحاول تبرير كل تجاوز على حس تلك الاغتيالات ؟!!
 
إنتوا بتفكرُّوا ازاي ؟!! ..
 
كيف تُبرر تعذيب يتعرض له متهمون لم تثبت في حقهم الإدانة بعد بحجة أنهم ( بلطجية / إخوان / مخربون / مجرمون / إرهابيون ينتمون إلى جماعة محظورة ) وفي قرارة نفسك على أتم العلم أن الشرطة تعتقل اشتباه ، أو تأخذ الحابل بالنابل ، وتلقف كل من يمر بطريقها ، ولم يتغير أسلوبها في التلفيق وحشو الحبس بالمظاليم ، تعلم ذلك تماماً كإسمك ، ولكن لسانك لا يطاوعك لأنه وقت الحرب على الإرهاب ، ولابد من الضرب بيدٍ من حديد طالما أن هذا الحديد لم يلامس جلدك ، أو ربما تكون كمن لديه من الوطنية زائد كيلو أو اثنين ليطلق زوجته الإخوانية لأجل مصريته ، أو يُبَلِّغ عن ابنه لانتمائه للجماعة المحظورة ، أو لديه من الحفاظ على الشرعية ما هو زائد أيضاً كيلو أو اثنين ليقتل زوجته لتصويتها على الدستور بنعم ، أو من يَشمت في مقتل ضباط الجيش والشرطة معتقداً أن هذا قصاص الله العادل نزل بالسفاحين أصحاب الإنقلاب ، أو من لديه من القسوة والفظاظة ليبرر كلبشة يد معتقلة في السرير وهي لازالت تحت تأثير المخدربعد ولادتها القيصرية ، لتنشد أناشيد ( إيه اللي ودَّاها هناك ، والبركة في جوزها ، والقيصرية مالهاش مخاض ومفيهاش معاناة الولادة الطبيعية ، لأ الموضوع فبركة ) أو قد تكون أرق حالاً فتتكم على الخبر وتعمل نفسك عبيط وماتجيبش سيرته حفظاً لماء وجهك المِسوَّد من كثرة التبريرات والتفسيرات والتحليلات  ..
 
سؤال هامشي تاني : هل مازلت تتذكر أنَّك ذهبت لتصوت على الدستور بنعم ، وأن مواد باب الحقوق والحريات يشمل أن الكرامة الإنسانية حق أصيل لكل إنسان ولا يجوز المساس بها وتلتزم سلطات الدولة باحترامها وحمايتها بعدم انتقاصها بالتعذيب أو الإهانة أو المساس بالجسد أو الإذلال ؟! لو حضرتك نسيت ومكسِّل تقرأ تاني لو قرأت أصلاً أولاني ياريت تفتكر وصلة الرقص على أغنية " تسلم الأيادي " التي قمت بها أمام اللجنة ، أعتقد أنها ستنعش الذاكرة بشكل أفضل وستعدِّل طريقة التفكير إلى وضع أحسن ، قبل أن تضطر لقراءته بعد أن تأتي رجلك في محبسٍ ما أثناء مرورك بجانب مظاهرة بتهمة قطع الطريق ..
 
أقولك ؟ .. كبَّر مخك في بلادنا الدساتير مجرد حبر على ورق ولا يهتم من يصوِّت على الدستور لإنجاحه بانتزاع حقه من الدولة كما تنتزع هي حقها منه .. !!
 
 
إنهم لا يَتَفَكَّرون ولا يَتَذَكَّرون !! .. 
 
تعليقات القراء