هالة منير بدير تكتب: دستور حياتي يا عين

 
- قررت " تِصَوّت " على الدستور ؟ .. هتصوَّت بنعم أم بلا ؟ .. طيب قرأته الأول ؟ طيب فاهم كل المواد فهم يؤهلك للموافقة أو الرفض فعلاً ؟ طيب أحسست أو اكتشفت الثغرات والعيوب والتناقضات التي دعت بعض الشخصيات القانونية والسياسية لتعديلها قبل الدعوة للإستفتاء عليه ؟ .. في النهاية سيظل حبراً على ورق ، وإن لم ( نِبِلُّه ونشرب ميته ) مثل الشهادة الجامعية سنعلقه على الحائط فوق كنبة الصالون ، .. لأن كل مرة يُولد لنا دستور يكون أعظم دستور في العالم ولا يصل من عظمته شيء للمواطن العادي الغلبان ، مجرد حقوق وواجبات ، والتزام الدولة بتقديم كذا وكذا وفي الحقيقة لا التزام ، أو التزام رديء ناقص معيب .. 
 
- عند تصويتك على الدستور سواء بالرفض أو الموافقة ، تَذَكَّر سياسيين تمادوا في صولات وجولات بين عبارتين : الحكم المدني أو الحكومة المدنية ( الخطأ الوارد في الديباجة ) ، أو جدال عن قانون التظاهر و تقييده للحريات ومدى التزام الداخلية بأصول تطبيقه ، أو عن المحاكمات العسكرية للمدنيين المرفوضة لسرعة المحاكمات العسكرية وافتقارها لدرجات التقاضي ، تذَكَّر أيضاً أن أغلب من يصوت في استفتاءات وانتخابات يشاركون لممارسة الحقوق السياسية وهم في نفس الوقت لم يحصلوا على التزام الدولة بتوفير حقوقهم في الصحة والتعليم والمسكن والعمل وحفظ الكرامة الإنسانية ، تذَكَّر أن نسبة ليست بالهينة لم تبلغ مستوى تعليمي أو ثقافي يجعلها تصوت بثقة ووعي بعيداً عن دعوات الدخول للجنة أو اتهامات بالخيانة  ، نسبة كبيرة لم تبلغ من الاكتفاء المالي ما يغنيها عن قبول الرشى لشراء الأصوات ..
 
- هناك فرق بين دعوات الحشد للمشاركة في الدستور وبين الحشد للتصويت بنعم ، لكنك تجد من يعترض على من يدعو للحشد بالتصويت بنعم ، في حين أنه يفعلها صريحة ويدعو للحشد بالتصويت ب ( لا ) ؟!! منهم وجوه كانت ملتفة على أهداف ثورة 25 يناير وموجتها 30 يونيو ، ينقسمون الآن حول التصويت على الدستور ، أحدهم أعلنها صريحة تصويته ب " لا " على الدستور وفند 20 سبباً لذلك كلها عن وجهة نظره وفهمه الخاص ، أحدها إهدار حق اللجوء السياسي إلى مصر ، ومنع وتقييد المظاهرات ، ومنع أصحاب الديانات الأرضية من ممارسة طقوس دينهم ، وكأن مصر وفرَّت اللجوء الآدمي لكافة المواطنين للعيش بكرامة على أرضها لتكون نقطة اللجوء السياسي لغير المصريين معوقاً للموافقة على الدستور ، وكأنه يريد مظاهرات دون قيد أو شرط تخرج كل يوم مسببة الهرج والمرج دون رقيب ونسي قوانين المظاهرات في الدول الغربية التي يتغنى بدساتيرها في حماية حقوق الإنسان ، وكأن عدم ممارسة أصحاب الديانات الأرضية هو ما ينقصنا بعد أن وأدنا الفتن الطائفية وأصبحت حرية ممارسة طقوس الإسلام والمسيحية وبناء دور العبادة مشكلة حُلَّت من جذورها .. !! ..  
 
- متى سيكف من يزال يحمل وشم الثورة عن إطلاق شعارات بناء الدولة الديموقراطية التي تحتاج لوقتٍ طويل ، الزج بأسماء الشهداء ونداءات القصاص لدمائهم ؟! متى سيعي هؤلاء وهم لازالوا على نفس ممارساتهم وأساليبهم التي انتهجوها لمدة 3 سنوات كاملة لتحقيق أهداف الثورة التي لم تجدي نفعاً لاسترداد أي حقٍ ؟! لا نية لهم في الاستيقاظ أوالتجديد .. هذا هو النظام في مصر ، مجرد لعبة للكراسي الموسيقية ، لا يجتهد أحد فيها إلا للجلوس على الكرسي ولا يهمه ما فيه من خدوش أو شروخ أو عيوب ، أو إذا ما كانت أرجل الكرسي تحتاج للإصلاح ..  لا تطمحوا في شيء لأنه ليس في الإمكان أكثر مما كان ، ليس دعوة للإحباط ولا خيانة لفقدان الأمل ولكن عندما أجد المحسوبين على الثورة في مناصب مسئولة تصدر تصريحات لا ترقى المسئولية التي على عاتقهم ، أو قليلي الحيلة ليس بيدهم شيء ، أو مطمورين لا نعلم عن إنجازاتهم شيء بفضل إعلام الندابات والبط والسيديهات ..  
 
فقط جمعيات دستور واستفتاءات وانتخابات وسياسات وخطط عمل وخطط مكافحة ولجان ودراسات وتوعية ورصد وإحصاء وكباب وكفتة هذا كل ما نأخذه من عبارات في الدستور بالتزام الدولة ..
 
- على سبيل المثال : أين التزام الدولة في الدستور الذي يضمن حق الفقير ؟؟ هل ترى المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق ؟؟ هل لاحظت المساواة في الحياة السياسية والإنسانية ؟؟
مثال آخر : تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة وتعمل على رعاية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الصحيحة وتهيئة الظروف لذلك ، هل ترى أثراً لذلك أو التزام حقيقي من الدولة لتحويل النص من كلام على ورق إلى فعل حقيقي ؟!!
مثال آخر : ظاهرة التحرش التي تفشت بصورة مفزعة والأكثر إفزاعاً أن أغلب أبطال التحرش بالفتاة أو السيدة يكونون إما طلبة مدارس أو ضباط شرطة ، ماذا فعلت الدولة الملتزمة في الدستور في هذا الشأن ؟!!
مثال آخر : شايف التلج اللي إحنا فيه ، حلو مش كده ؟ عملوا منه رجل الثلج .. فيه ناس تانية طول عمرها في الطين في الشوارع وبتعمل رجل الطين ، بنية تحتية ولا أروع منذ أيام مبارك وأكيد الدستور أيامها كان ينص على التزام الدولة بشيء ما يجعل الناس في وضع أكثر آدمية في ليالي البرد القارصة ، وإعفاء المشردين في الشوارع  من حملات جمع البطاطين والتبرع بالجواكت وبرطمانات شوربة العدس ..
 
أين إذاً التزام الدولة على أرض الواقع ؟!
 
 دستور حياتي يا عين .. ماشفت زيه كتاب 
تلتزم الدولة بسطرين .. والباقي كله عذاب
 
تعليقات القراء