مولد.. وصاحبة غايب

الموجز 

حكايات من الشارع والبيت المصري تكتبها "حنان عقل" ننشرها دون أي تعديل بالحذف او الإضافة ،،، 

مولد.. وصاحبة غايب
 

النهاردة أجازة رسمية، مولد النبي، الحقيقة مش عارفه ليه مولد النبي يكون أجازة رسمية، أيه السبب يعني، لا هو شم النسيم وحناكل رنجة ونوخم، ولا هو عيد الأضحي وحندبح وناكل كتير، فنوصل لنفس النتيجة برضه.


في ثقافة أسرتنا عم ما كان مولد النبي واخد الاهمية دي، ولا كنا عمرنا بنحتفل بيه، ولا بنجيب حلاوة المولد اللي مش عارفه برضه مين اخترعها، ومنين بدأت، وإيه اللي ربطها بالمولد النبوي أصلا، والمولد اللي عملوله الليلة الكبيرة ده، بيتعمل فين ؟!


الحلويات اللي بينصبولها صوانات وفراشات ويقفلوا بيها شوارع كاملة وميادين دي، صناعة كبيرة ومكاسب عملاقة وماحدش يقدر يستجري يغير شئ خالص من الطقس ده، بغض النظر عن إنه مش من ثقافتي إلا انه مش عاجبني كمان، لأن الحلويات دي بتتعمل بمواد وخامات رديئة، مليانة سكر وجيلاتين مطبوخ تحت السلم، في أحياء كاملة عايشة علي الصناعة دي، روحوا شوفوا الشوارع الجانبية من كلوت بيك مثلا، وياريت طعمها حلو!


افتكر وانا صغيره حد جه يزورنا وجابلي عروسة حلاوة وجاب لاخويا حصان، العروسة كان شكلها وحش جدا وألوانها أوحش وسايحة علي بعضها، كما ان ريحتها رخيصة، ومع ذلك جربت ادوقها وياريتني ما جربت، سيبتها مكانها فالنمل قام بجزء منها قبل ما أدشدشها بإيدي وارميها.


في اسر من بيبذلوا النفيس والغالي عشان يجيبوا علبة الحلاوة اللي، مع انها مجرد رفاهية زيادة عن الحاجة،غير ان الحلاوة بقت غالية جدا فوق طاقة الرجل العادي المسكين اللي بقي عياله يشوفوا كل ده يشاوروا عليه، وهو مش قادر يجيبهالهم، الناس بقوا بيعملوا كل ما في طاقتهم عشان يجيبوا علب الحلاوة، والغني من كل عيلة، يروح جايب علب زيارة وخسارة وفشخرة، ده حتي انا نفسي اللي مابحبش الحلاوة جتلي علبة من دمياط، قال ايه، اصلها بلد الحلاوة!


فللاسباب دي وغيرها انا قررت ان الحلاوة دي لن تدخل بيتنا من مالي الخاص ابدا، والفلوس الكتير بالمناسبه اللي بتندفع فيها حنزل ادور علي حد محتاجها واديهاله، لقيت ست في العتبه بتقعد هناك من اكتر من 15 سنه، ست كفيفة رقيقة الجسم والحال، ابنها لا يعمل وهيه بتعوله هو وعياله، فبتقعد طول النهار، صيف شتا نفس القعدة دي، قريب من الكنيسة الانجيلية، جنبها قزازة ميه وسخة، الست مابتتحركش خالص وبتبيع مناديل، حتي انك لو مديت ايدك في ايدها بحاجة حتسالك كام دول، لانها مش شايفة.


وقدام مدرسة التوفيقية في شارع شبرا في راجل كبير يشبهلها في رقة حاله وهزال جسمه، بيصطاد سمك ويقعد يبيعه هناك، سمك جميل ورخيص، لكن ماعندوش لا مقص ينضف بيه ولا سكينه حاميه، هيه سكينه تلمة بيعاني بيها وهو مقرفص ساعات طويله يسترزق، والناس واقفين فوق راسه اللي مابيرفعهاش خالص، ممكن نروح نجيبله مقص وسكينه حامية شوية. واللا ايه؟


وانا في السكة مروحة في شارع المحمودي، وف إيدي علبة الحلاوة الدمياطي اللي مش عايزاها، مديتلي البنوتة الصغيرة كارت صغير عليه صورة العدرا، خدتها منها وشكرتها واديتها ملبن بالبندق، قلتلها كل سنة وانتي طيبة بمناسبة مولد النبي، غمزت لمامتها وانا ماشية وضحكنا، وليلتها سمعت اجراس الكنايس مابطلتش تدق، قلت الله، اكيد بيحتفلوا معانا، وسألت نفسي ليه ما يكونش الاحتفال بمولد النبي رمزي كده، والناس تتعلم تود بعضها وتدي بعضها اللي فعلا محتاجينه في مناسبة حلوة زي دي، بيتهيألي النبي لو كان هنا، ما كانش انبسط من الفلوس اللي بتتصرف دي كلها، في عيد ميلاده، وفي ناس غلابة مش لاقية لقمة!

تعليقات القراء