هالة منير بدير تكتب: إنجازات الثورة : شهيد وسجين وبلياتشو !
بَدَأ العد التنازلي ليوم 25/ يناير وستنقضي سنة كاملة من جهاد الثوار ، ومقاومة أطراف عَدُّوها أيادي خارجية وطرف ثالث ، وانتظار شعب فقير لم يذق نجاح الثورة بل يحيا وَيْلات اندلاعها مُتَرَحِّماً على أيام مبارك التي لم يَشْهد فيها عذاباً مثل الذي يعانيه الآن ..
خَوَّنَنا مَنْ خَوَّنَنا في بدايات أيام الثورة ، ألصقوا بنا تُهم العمالة والتمويل والأجندات والكنتاكي ثم تراجعوا ليميزونا بين مَنْ نزل في 25 يناير عَمَّن نزل بعد 28 يناير ، عشَّمَنَا مَنْ عشَّمَنَا أن مصر لن تكون أبداً كمصر قبل 25 يناير، مقولةٌ تَرَدَّدَت على لسان كافة السياسيين المُخَضْرمين وساعتها اسْتَبْشَرْنا أن كُلَّ سوءٍ شَهِدَتْه مصر سيقف على حاله وستبدأ بلادنا بِمَحْو آثار كل ذلك السُوء لتسترجع كل بهائها في أشهر قليلة قادمة بدايةً بتنفس عبير الحرية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، ولكن ما حدث وما زال يحدث هو الأسوأ على الإطلاق حتى فاق شر ما كان أيام الرئيس المخلوع ، فأي يناير كانوا يقصدون ؟! بعد سنتين .. ثلاث .. ؟! ..
وها نحن الآن كنا نتمنى حصاد هذه الثورة ثماراً غضَّة نضرة من الخلاص من بقايا النظام ، بدء زمن جديد مما هتفنا لأجله من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية فلا نجد سوى طَرْحاً مشوه لتلك الثمار .. صورة ثلاثية الأبعاد بحق تتجلى بالأمس .. مثلث الثورة الغير متطابق الأضلاع شهيد وسجين وبلياتشو ..
عندما أشاهد بالأمس شهيدين لهذه الثورة شهيد صعد لربه بالسماء وهو الشهيد محمد مصطفى وشهيد لازال بيننا وهو البطل أحمد حرارة التي استشهدت عيناه وماتتا من أجل هذا الوطن فقط لأنهما استمرا بالنضال من أجل إكمال مسيرة الثورة .. وهما في نظر الكثيرين إما بلطجيين أو عميلين ممولين من الخارج ولا يبقى ذكرهما إلا عندما نرى صورتهما في خلفية أغنية وطنية مع باقي الشهداء تثيران المشاعر أو تسجيل ذكرى هؤلاء الأبطال بأن نطلق اسم أحدهم على مولود جديد أو على شارع كان يسمى باسم أحد الطغاة في الأزمنة الغابرة .. الشهيد ليس كل من فقد الروح بل الشهيد كل من فقد العين .. الشهيد كل أب وأم فقدا فلذة كبدهما الشهيد طفل فقد أباه والشهيد من فقد الأمل في صلاح هذا البلد .. الشهيد هو شاهد على بؤس زمن راحَ فيه فداءً لعزيز وعانى فقده ..
وأما السجين هو علاء عبد الفتاح وكل مدني وقف أمام المحاكم العسكرية وعومِلَ بأبشع المعاملات .. سجين حكم المجلس العسكري الذي هو استنساخ لحكم مبارك ولكنه النسخة المشوهة .. النسخة الأسوأ .. النسخة التي جعلت جيشنا يقتلنا ويسحلنا بدلاً من الشرطة .. النسخة التي فيها بدلاً من أن تطول بنا المحاكمات المدنية قهرتنا فيها المحاكمات العسكرية .. ها هو يخرج للحياة من جديد بكلماتٍ أقوى وأقوى ربما تكون سبباً أدعى لاعتقاله من جديد .. ولن تخمد قواه حتى يكمل المسيرة لحصاد ما كان يزرعه وغيره من المناضلين لأعوام ..
وأما البِلْياتشو أو أقصد البِلْياتشوهات والأراجوزات هم بحق من جنوا ثمارهم من الشهرة وذيع الصيت وكسب المناصب والمقاعد على أجساد الشهداء .. والبلياتشو ليس فقط المهرجين أصحاب العروض الفنية المبتذلة كل يوم على قنوات الدين والرياضة وقناة الفراعين مثل توفيق عكاشة والفرقة خاصته .. ولكن البلياتشو هو الذي صبغ الوجه واللسان والفعل بما ليس على حقيقته فقط ليكسب الأصوات والتأييد في انتخابات رئاسة أو مجلس ليصل بها لمراده من الجلوس على كرسي لا يخدم من خلاله إلا مصالحه الشخصية. ..
إلى ماذا وصلت محاكمات مبارك وأعوانه ؟! رأيناه مرة في القفص هو وأولاده ثم ارتاحت أنفسنا .. ثم منعوا بث المحاكمات وماذا بعد ؟! رأينا إبتسامة عريضة على فم العادلي وكأنه نال البراءة !! .. لم نعد نسمع عن محاكمات ضباط الداخلية المتورطين في قتل المتظاهرين حتى تَوَرَّط غيرهم من صفوف الجيش ؟! وماذا بعد ؟! يُلْهُوننا بالنتخابات ورئيس وزراء يستقيل وغيره يَتَقَلَّد المنصب وتظل الحال على ماهي عليه ! فقط نجني نحن الدماء والدموع وكرهنا لبعضنا البعض !! ..
الثورة لن تكون لعبة دومينو .. لن يكون مكسبها بكسب حجرٍ فارغ .. لابد وأن تحقق الثورة كل المطالب .. وإن كان خطاً فادحاً للثوار أن تركوا الميادين بعد التنحي ورضوا بالمجلس العسكري مسمار جحا الذي دَقَّه مبارك في أعناقنا فإن يد الثوري لازالت عالية تهتف باقتلاع هذا المسمار لندقه في نعش كل من يقف في وجه اكتمالها ونجاحها .. لسنا مستعدين أن نحني رؤوسنا من جديد .. وإن كانت هذه الثورة رفعت الرؤوس لنقول بها نحن مصريون بكل فخر فلنتذكر أن هذا المجلس العسكري المتواطئ مع مبارك هو الذي أحناها ثانيةً بمشاهد السحل والضرب والقتل .. ولكن الرأس هذه لا تخاف إلا خالقها .. فستنزل ثانية إلى الميادين لتعيد أيام خلت في العام القادم ولكن هذه المرة بالاعتصامات وليس بتجمعات خائبة كل جمعة يضاهيها مجانين على الجانب الآخر في العباسية ..
أفِق أيها الشعب ثُر وانزل إلى الميادين .. ثورة ثورة حتى النصر ..
يا أهاليـــــــنا انضموا لينا ..
يا أهاليـــــــنا انضموا لينا ..
يا أهاليـــــــنا انضموا لينا ..
أصل المقال على مدونة هالة منير بدير