«يا كحك العيد يا احنا.. يا بسكويت يا احنا» .. عادة مصرية إرتبطت بأفراح الفراعنة وإمتدت إلي عصور الدولة الإسلامية .. تم حشوه بالدنانير الذهبية في عهد الدولة الإخشيدية
الموجز
"يا كحك العيد يا احنا.. يا بسكويت يا احنا.. يا شرباتات يا احنا.. فى كوبايات يا احنا.. ومحدش حلو إلا احنا" ، بهذه الكلمات الشهيرة لأقدم أغاني الفلكور المصري لعيد الفطر ، بدأت الدكتورة أمنية عامر تحكي قصة كحك العيد في مصر .
وتقول د. أمنية عامر : كعك العيد .. عادة فرعونية ، وأصل كلمة "كحك" قبطية ، ومفردها "كحكه" .
وتابعت عامر : ارتبطت هذه العادة باحتفالات وأفراح الفراعنة ، وقد امتدت هذه الصناعة من عهد الأسر الفرعونية إلي عصور الدولة الإسلامية وصولًا إلي القرن الـ21.
وعن بداية صناعة كعك أو كحك العيد قالت عامر : إن صناعة كعك العيد في الأعياد والمناسبات عادة قديمة لدى قدماء المصريين ، وسُموه بـ''القرص'' حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص على شكل تميمة الإله "ست" كما وردت في أسطورة إيزيس واوزوريس ، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة ، وكانوا يتقنون تشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية ، كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور ، ووفقاً لما جاء بكتاب ''لغز الحضارة المصرية'' للدكتور سيد كريم ، فإن من أبرز الشواهد على أن هذه الصناعة ''فرعونية'' النشأة أنه كانت هناك صورًا مفصلة لصناعة كعك العيد في مقابر طيبة ومنف ، من بينها صور على جدران مقبرة "خمي-رع" من الأسرة الثامنة عشر ، وتشرح هذه الصور كيف تتم صناعة الكعك تفصيليًا : يخلط عسل النحل بالسمن ، ويقلب على النار ثم يضاف على الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها بالأشكال التي يريدونها ، ثم يرص على ألواح الإردواز ويوضع في الأفران ، كما كانت بعض الأنواع تقلى في السمن أو الزيت ، وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة) ، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب ، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل .
يذكر التاريخ الإسلامي أن تاريخ الكعك يرجع إلى الدولة الطولونية ، حيث يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر" ، وقد احتل مكانة هامة في عصرهم ، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر .
أما في عهد الدولة الإخشيدية فقد كان الوزير "أبو بكر الماذرائي" (وزير أبي الحسن خمارويه بن أحمد بن طولون ، واستمرّ وزيرًا فى عهد الدولة الإخشيدية) مهتمًا بصناعة الكعك في العيد ، فكان يحشوه بالدنانير الذهبية ، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم "أفطن إليه" أي انتبه للمفاجأة التي فيه ، ولكن تم تحريف الاسم إلى "انطونله" ، وتعتبر كعكة "أنطونله" أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة طولها 200 متر وعرضها 7 أمتار .
وفى عهد الدولة الفاطمية كان الخليفة الفاطمي يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر ، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب ، وخصصوا من أجل صناعته إدارة حكومية تسمى "دار الفطرة" ، كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه ، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه . ويذكر أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمي كانت تحمل 60 صنفًا من الكعك والغريبة ، وكان حجم الكعكة الواحدة في حجم رغيف الخبز ، وأطلق على عيد الفطر "عيد الحُلل" لأنه كان يُخصص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان ، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر الكبير عندما يحل العيد ليحصل كل فرد على نصيبه ..واستمر هذا التقليد حتى أصبح حقا من حقوق الفقراء .
وقد حاول صلاح الدين جاهداً القضاء على كل العادات الفاطمية ولكنه فشل في القضاء على عادة كعك العيد وباقي عادات الطعام التي ما زالت موجودة إلى اليوم ، واستمرت صناعة الكعك وتطورت بعدهم في العصر المملوكي ، حيث اهتم المماليك أيضاً بصناعة كعك العيد وتقديمه إلى الفقراء والمتصوفين واعتبروه من الصدقات ، كما تهادوا به فى عيد الفطر.
استمرت المحافظة على صناعة الكعك في العصر العثماني ، واهتم سلاطين بني عثمان بتوزيع الكعك في العيد على المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين . وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة في مصر توجد قوالب الكعك عليها عبارات "كل هنيئًا واشكر" و"كل واشكر مولاك" وعبارات أخرى تحمل نفس المعنى .. وربّنا ما يقطع لنا عادة .
أهلاً .. أهلاً بالعيد
مرحب.. مرحب بالعيد
كل سنة وانتم جميعًا طيبين