سقراط يكتب: شكراً سيدي الرئيس.. أنا مش هقدر أخد!!

في حفل تخرج دفعة من الكلية الحربية فاجأنا الرئيس بعرض سخي ، ألا وهو تبرعه بنصف ثروته و نصف راتبه -بالمناسبة تم رفع راتب الرئيس من ألفين لـ اثنين وأربعين ألف في مايو الماضي - ومن بعدها توالت حملة إعلان رجال الأعمال للتبرع ، منها ماهو صادق ومنها ماهو مزايدة !!
وتم إنشاء صندوق جديد بفكرة متكررة ومملة مثل فكرة صندوق ٣٠-٦ و فكرة صندوق الشيخ محمد حسان -ألا بالمناسبة هي فين فلوس صندوق الشيخ محمد حسان ؟!! - وصناديق عدة سمعنا عنها و لم نرْ أموالها !!
العرض سخي و لكن سيدي الرئيس أنا مش هقدر أخد !!
لم يقع الاختيار علي سيادتكم رئيساً لخبرتكم العالية في قيادة الجمعيات الخيرية ، لم يقع الاختيار لأنك كنت عضواً في مؤسسة مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب -مع تقديري الكامل للدكتور مجدي يعقوب ومؤسسته العظيمة - سبق ونوهت في مقالي "قراءة في شكل الدولة في عهد الجنرال" أن سيادته وقت أن كان مرشحا كان يعتمد على ثلاث ركائز، اثنين منهم المساعدات بأنواعها، وهذا لن يصنع اقتصاد دولة بها عجز ما يقارب من ٢٨٨ مليار جنيه .
(رابط المقال http://almogaz.com/news/opinion/2014/05/09/1463350 )
سيدي أنا مش هقدر أخد من فلوسك ، لأني أخاف أن تكون هي الخطوة الأولي نحو استقطاع جزء من رواتب الموظفين الكادحين ، وأخاف أن كلامك عن التبرع يكون ككلامك عن حرية الرأي و التعبير !!
سيدي مازالت الكهرباء تمارس دورها المعتاد في تكفير المصريين في هذا الحر ، مازالت الأسعار لا تجد رابطاً أو ظابطاً ، مازالت سياساتكم تبعد عن تطلعات الشعب و طموحاته الكبيره في نظامكم !!
لكن الغريب أن وسط أزمات الطاقة و الاقتصاد و المرافق و خلافه ، سيادتكم تفرغتم لإعداد قانون ينظم تعيين وليس انتخاب القيادات الجامعية، وهنا العجلة لا تعود إلى الخلف بل العجلة تدمرت من كثرة السير إلى الوراء !!   
وكأن كل شئ منتخب سيأرق سيادتكم، و يشعل غضبكم، لكن ذكرني لماذا انتفضنا ضد الأخوان أليس لأنهم يؤمنون بديمقراطية المرة الواحدة التي تصل بهم إلى الحكم  !!
في ظل هذه القوانين ننتظر في القريب قانون مشابه ليصبح المنصب الأكبر بالتعيين و ليس الانتخاب !!
عزيزي أنا مش هقدر أخد ، لأن يكفيني ما أخذت من قانون التظاهر الذي لا يعد إلا قانوناً فاشياً يجور علي الحق في التظاهر و لا ينظمه !!
عزيزي أنا مش هقدر أخد ، لأن الفساد الذي يتكشف يومياً في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات يكفينا شر الهبات و التبرعات !!
عزيزي أنا مش هقدر أخد ، لأن إصراركم علي الإبقاء علي السياسات  الأمنية الحالية ، لا يعجل بالاستقرار و الأمن بقدر مساهمة في نفور السياحة و الاستثمار ، لتفرغه في ردع معارضي النظام ، و لتقرأوا ما يكتب عن مصر في الخارج لتعلموا أن السفر لمصر صار لهم كالسقوط في الجحيم وخاصة بعد حبس المراسلين الأجانب و اتهامهم بالعمالة !!
أنا مش هقدر أخد علشان يمكن استبدال تبرعكم هذا بقانون يعمل علي خفض مخصصات الرئاسة و يقلل من انفاقها ، هذا سيكون شئ يمكن أن أقبله ، لأنه في إطار قانوني و يعمل علي تثبيت هذا الوضع للمستقبل !!
وللموضوعية أعتقد أن قرار تحديد الحد الأقصي و الأدني للاجور شئ إيجابي و لكن ما أغشاه الاستثناءات و ما أخافه أننا في بلد منعدمة الشفافية ، حتي أننا لا نعرف مخصصات بعض الوزارات أو رواتب قياداتها و موظفيها !!
عزيزي الرئيس أنا مش هقدر أخد علشان خدت كتير منذ ما يقرب من عام ، تحدثتم عن دعمكم للحرية و ضحاياكم الأبرياء -شركاؤكم السابقين في ٣٠يونيو- يملئون  السجون ، تحدثتم عن الفقر ومحاربته و انتهيتم إلى قيادة الدولة كقيادة جمعية خيرية تبحث عن متبرعين يترأفون بحالها ، تحدثتم عن الديمقراطية و حولتم ما كان منتخب بإرادة أساتذة الجامعة إلى تعيين ، ضاربين عرض الحائط بطموح الجامعات في التقدم ، قامعين أي أصوات تنادي بالإبداع داخلها !!
كنتم تعارضون رغبة الإخوان في فرض لون واحد علي المجتمع ، واليوم لا تقبلون أي صوت يقف معارضاً لسياساتكم !!
عزيزي عرضكم سخي و لكن لن أقبله ،لأن هذا ليس مكانه أو موقفه ، فهناك كثير يمكن فعله من أجل بناء اقتصاد قوي يقوم علي قوانين تسمح بالاستثمار العادل ، الذي يخلق فرص عمل و يحافظ علي حقوق العمال ، وقبل كل هذا لابد من دعم السياسات الداعمه للشفافية و الحرية وتحويل سياسات الأمن إلى حفظ الأمن وليس درع سياسي للنظام ، لأن هذا خير محافظاً علي الاقتصاد و الإدارة من الفساد و الفشل في نهاية المطاف !!
وقبل هذا فهو داعماً للسلم الاجتماعي ، فالقمع لن يخلق إلا العداء و العنف و قد يتحول كل ما هو سلمي إلى دعوات صريحة للعنف و هذا أن حدث لن يرحم أحد !!   
يكفيني ما أخذت من وعود وقوانين تكفي لمسح أي وجود لكلمة أمل من قاموسنا في هذا التوقيت !!
شكراً علي عرضكم ولكن اسمحلي أن أرفضه حتي لو اتهمت بالجحود أو الجنون !!


تعليقات القراء