«مليون دولار إذا أبلغوا عن أي تحركات مصرية» .. تفاصيل سقوط «أسرة الجواسيس» في قبضة المخابرات العامة المصرية

الموجز

استطاع رجال المخابرات المصرية كشف شبكة تجسس مكونة من أسرة كاملة (الزوج، والزوجة والأبناء الثلاث)، وبدأت محاكمتهم في أكتوبر؛ ليكون شهر الانتصارات على كافة المستويات.

تابعت جريدة الأهرام الحدث، ونشرت تفاصيلها على صفحتها الأولى في 5 أكتوبر عام 1974تحت عنوان:

الكشف عن أخطر قضية جاسوسية لحساب إسرائيل

الجاسوس وزوجته وأولاده الثلاثة يكونون شبكة تجسس واحدة

مليون دولار إذا أبلغوا عن أي تحركات مصرية لحرب جديدة

وجاءت التفاصيل كالآتي:

تبدأ اليوم في القاهرة محاكمة جاسوس لإسرائيل (فلسطيني) ضبطته المخابرات العامة هو وزوجته المصرية وأولادهما الثلاثة لاشتراكهم جميعا في شبكة واحدة.

وطلبت المخابرات الإسرائيلية من الجاسوس "إبراهيم سعيد شاهين" إلى جانب تصوير المنشآت العسكرية، التركيز على أي شواهد يمكن أن تُنبئ عن عزم مصر دخول حرب جديدة وإبلاغها فورًا.. ووعدته بمليون دولار ثمناً لهذه المعلومات وحدها!

ولقد ضبطت المخابرات العامة لدي الجاسوس جهاز راديو حديثا يعتبر أدق نوع مخصص للتراسل في العالم كله، لم يسبق أن ضبط في أي قضية تجسس في مصر أو في الخارج.. وهو أحدث إنتاج لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، زودت به مخابرات إسرائيل، ويعمل بعقل إلكتروني صغير يمكنه أن يضبط الموجة تلقائيا ويبعث بالرسالة في 12 ثانية.

اعترف الجاسوس بأن المخابرات الإسرائيلية دفنت له الجهاز في مكان على طريق السويس – أيام الثغرة - ثم أرشدته إلى مكانه.

تم ضبط الجاسوس وشبكته في أواخر أغسطس الماضي، وقد اعترف الجاسوس الذي يعمل في خدمة مخابرات إسرائيل منذ عام 1967م، بأن نائب مدير المخابرات الإسرائيلية استدعاه في أبريل الماضي وبعد توبيخه لعدم إخطارهم بشيء مسبقا عما حدث في أكتوبر، قال له: "إننا لا نريد تكرار هذه المأساة".

واستكملت "الأهرام"  باقي التفاصيل في يسار الصفحة الثالثة تحت عنوان:

"الأسرة كلها جواسيس"

كيف جندت إسرائيل الموظف الفلسطيني وزوجته المصرية في العريش وكيف جند هو أولاده الثلاثة؟

الزوج والزوجة "ضابطان" في جيش إسرائيل ويعيشان في القاهرة

أطراف العملية

الأشخاص: الزوج إبراهيم سعيد محمد يوسف شاهين (والاسم الكودي المستخدم في عملياتنا هنا "المقدم موسي عمر") - من مواليد القدس  عام 1936م- فلسطيني الجنسية- يحمل شهادة الإعدادية- يعمل موظفا في مديرية العمل بمحافظة سيناء.

الزوجة: انشراح على مرسي (والاسم الكودي المستخدم "الملازم أول دينا عمر") - من مواليد المنيا عام 1937م مصرية – وتحمل أيضا الإعدادية.

الأولاد: نبيل، عمره 22 سنة طالب بالثانوية الأزهرية، محمد عمره 17 سن حاصل على الإعدادية، عادل عمره 16 سنة طالب في الإعدادية، كلهم بحكم الشاب يحملون الجنسية الفلسطينية.

وسرد الخبر كيف خطا إبراهيم عام 1967م أولى خطواته في هذا العالم أثناء عمله بالعريش التي تحتلها القوات الإسرائيلية، حيث لمس الحاكم العسكري فيه نواة لما يمكن أن يكون عميلًا مثاليًا ليختبره في معلومة بسيطة عن أسعار الخضروات والفاكهة في القاهرة، وتكررت اللقاءات حتى التقي بضابط المخابرات "أبو يعقوب"، والذي عرض عليه بشكل صريح العمل معهم بمرتب 70$ ووافق عليه، تابعت خطواته في الطريق الذي اختاره واستكمل في الصفحة الثامنة التفاصيل حتى القبض عليه :

القاهرة 5/ 8 / 1974 القدر

في ذلك اليوم، صحا إبراهيم من نومه. كان مع أولاده الثلاثة عندما رن جرس الباب.. فنح الابن الأصغر .. دخل رجال النيابة العسكرية والمخابرات العامة .. انتشروا في البيت، وجد إبراهيم نفسه وسطهم قال "ده قدري .. أنا غلطان وندمان".

- على إيه يا إبراهيم .. مش تسأل إحنا مين الأول؟

ويمر 21 يومًا.. خلالها حمل الجهاز عدة رسائل تطلب إرسال معلومات.

ثم .. تصل انشراح يوم 26 .. لم تجد زوجها في المطار.. أسرعت إلى البيت دخلت وجدت الأولاد.. "إيه.. مالكم.. فين أبوكم .. يا إبراهيم"، رد الأولاد – كما لقنهم رجال المخابرات ليروا رد الفعل  "ده راح القنطرة يا ماما".

صرخت "القنطرة.. مش ممكن.. إيه اللي حصل"

وقبل أن تتمادى خرج لها رجال المخابرات من غرفة داخلية.. كانت أجرأ من زوجها "أنتم مين" .. "لا .. لا.. أنا بريئة"

لكن الجرأة لم تستمر طويلا.. ففي يدها حقيبة بها قطع غيار الجهاز.. وبلسانها روت كل شيء.. وأكثر مما يتوقع أحد.

وأوضح الخبر مطلب النيابة العسكرية وفق القانون بالنسبة للزوجين الحكم بالإعدام شنقا بكل منهما وللابنين نبيل ومحمد تهم الاشتراك والاتفاق الجنائي والمطلوب السجن مع الشغل، أما الابن الأصغر تهمة العلم وعدم الإبلاغ والمطلوب الحبس.

وفي لقاء خاص بـ"الأهرام" قال الجاسوس لمندوب الأهرام ":لقد أخافوني من مخابرات إسرائيل، كانوا يعرفون كل شيء عنى، حدثتهم عن كل أقاربي وأهلى .. خفت أتراجع فيقتلون عائلتي.. أيضا خدعوني.. عندما قرر الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1969 أن كل من تورط ويتقدم بنفسه للسلطات يعفى من العقوبة، في ذلك الوقت قاموا بحملة مشبوبة يقولون إن ذلك مجرد كلام، لقد وثقوا بي.. سنة 1972 استدعاني مدير المخابرات "اهارون ياريف" على عجل وسألني: هل ستحارب مصر حقا؟ قلت له: لا .. إذا كانت مصر تعلن أنها مستعدة لمليون شهيد في حين أن جيشها لا يتجاوز 800 ألف فكيف يصير ذلك؟.

"تقول إنهم أرسلوا برقية مساء الأربعاء يقولون "طمنونا عنكم وعن المدام.. أرسل الكارت بسرعة" نعم إن عادتهم إرسال برقية مساء الأربعاء وأخرى مساء الأحد.. من قبل كانوا يرسلون أربع برقيات أسبوعيا"

وقالت انشراح لمندوب "الأهرام"):الفلوس خدعتني.. كان لي أصدقاء كتير في بير سبع منهم "ايتى" و"سيما" الثانية كانت أظرف، كانت بتوسطنا عند رؤسائها".

"سيما" كان لها شقيقان في الجيش، مات أحدهما في حرب 73 فكانت بتحكى لى عن الرعب اللي حصل في إسرائيل وفي القيادة وفي قلب المخابرات ذاتها! وقالت لـ "سيما" وغيرها من ضابطات المخابرات وكل اللي قابلتهم بعد أكتوبر، إن الناس في إسرائيل أصبحت غير واثقة في شيء لدرجة إن الستات أصبحت تخاف من الخلفة بيقولوا يعنى نولد ونربي وبعدين يروحوا الحرب يموتوا ليه؟!

لما كانت بتنشر قضية جاسوسة كنا بنخاف, مكناش بنقرأها. كان إبراهيم يقول لنا "يالا نتكتك" ونقوم نتلهى .. ونحاول ننسي! ..كانوا يقولوا لي مش ممكن تتمسكوا يا دينا.. إحنا عاملين حسابنا. الحقيقة كنت مصدقة. الفلوس عمتني أول ما قبضوا على كنت فاكرة إنهم في المخابرات ناس قاسيين متوحشين وإنهم هيعذبوني ويعدموني. بسمع كدة وفي إسرائيل قالوا لي كدة.. لكن زى ما أنت شايف ! .. الروج والهدوم بتاعتى، وحتى بتاعت إبراهيم والأولاد كلها من بره!"

تعليقات القراء