«حتى لو كان الشوت لن يستغرق سوى ثوان قليلة» .. عبد الشكور: فضيحة عائلية وإنهيار أخلاقي أمام مئذنة مسجد

الموجز

في تحليله لأحد مشاهد فيلم "العار" ، قال الكاتب محمود عبد الشكور ، لقطة من فيلم "العار" ، تصوير الفنان سعيد شيمي، متعه الله بالصحة والسعادة، وإخراج الراحل علي عبد الخالق، رحمه الله.

اللقطة تقدم نموذجا لعناية المخرج الفائقة بتكوين الصورة، ارتباطا وتعبيرا عن معنى الدراما، حتى لو كان الشوت لن يستغرق سوى ثوان قليلة.

هي جزء من مشهد المشاجرة بين الأخوين، أحدهما يتهم الآخر بأنه سرق ميراث الأسرة، والثاني يقول إنه سحب أموالا من البنك، لكي يدفع ثمن شحنة مخدرات، تعاقد عليها والدهما.

بعد لقطات قريبة لوجهي الرجلين، نرى هذا التكوين العجيب:

الكاميرا في زاوية منخفضة، الرجلان في ثورة، وبينهما مئذنة المسجد، قوية راسخة.

بالإضافة الى أن ظهور مئذنة المسجد يؤدي دور اللقطة التأسيسية، التي تعرفنا على مكان المواجهة، فإن هذا التكوين يحول المئذنة تجريديا الى جدار عملاق يفصل بين الرجلين، وسيترجم ذلك الى صراع طويل بينهما طوال الفيلم، سواء في البيت، أو على البحر، أو بعد موت روقة، أو في مشهد الملاحات الأخير.

المئذنة ، المصورة من زاوية منخفضة، تضاعف أيضا طول الكتل داخل الصورة، وتأخذ حركة العين الى أعلى، فالرجلان عملاقان في غضبهما، أصواتهما مرتفعة، والمئذنة العملاقة، تترجم وتستكمل بصريا هذه الثورة، كأنك تقول بالصورة، إن خناقة الرجلين قد تجاوزت الحدود، ووصلت الى عنان السماء، المئذنة هي قمة الهرم المجرد الذي تصنعه الكتل الثلاث.

فإذا لاحظت أن قداسة المئذنة، تتناقض جذريا مع مضمون الحوار، حول تجارة الأب للمخدرات، وحول اتهامات عائلية بسحب أموال من البنك، وبسرقة الميراث، فإن هذا التكوين يجسد أصل المأساة، بين تناقض المظهر والجوهر، وبين تناقض أصل العائلة، وحياتها الراهنة، وبين ماضيها، وحاضرها.

أى أننا أمام "العار في لقطة":

فضيحة عائلية، وانهيار أخلاقي (سرقة ومخدرات)، أمام مئذنة مسجد.  

تعليقات القراء