هالة منير بدير تكتب: مُشير من غير حصان ولا فيل

كما يعلم الجميع أن لعبة الشطرنج تحتاج إلى قدر من الذكاء وتتطلب درجة عالية من التركيز والسرعة في اتخاذ القرار وصفاء الذهن بالإضافة إلى قدر من المراوغة والتكتيك وبُعد النظر .. ونعلم أيضاً أن المخلوع لعب هذه اللعبة من قبل وللأسف فشل فيها فشلاً ذريعاً على رقعة الثورة ..

أما الآن فقد حان دور المشير في اللعب .. كان وزيراً أثناء دور مبارك في اللعبة ولا أدري أهو من حسن الحظ أم من سُوءه أن يبقى لنهاية لعبته ولا ينتهي به الحال بخروجه فتُرَّقى قطعته من وزير إلى مشير ( الملك ) .. ولكن هل سيادته يتقن هذه اللعبة أو يمتلك بعضاً من سمات محترفيها ؟! ..

-         سيادة المشير الشطرنج يتطلب ذكاءاً يكفي لتعرف في وقت مبكر من اللعبة ما إذا كنت ستكسبها أم لا ؟ وتعلم كم من النقلات المتوقعة للقطع ؟ فما ظنك الآن ؟! هل ستنتظر حتى تسمع :" مش هنمشي ، هوَّ يمشي " بعد ما سمعت كثيراً : " ارحل.. ارحل " .. لماذا تريد البقاء حتى يستفحل الأمر وتتعقد الأمور وتُزهق المزيد من الأرواح ويسقط الأكثر من الشهداء ليزيد موقفك وموقف المجلس العسكري والجيش تعقيداً على تعقيد ..

-         لماذا لا يوجد سرعة في تنفيذ المطالب خاصة بعدما رأينا أن الأغلبية الساحقة هي التي خرجت للميادين يوم 25 يناير وليس كما ادعى المشوهون للثورة والثوار أن أغلبية الشعب المصري هو الأغلبية الصامتة وحزب الكنبة وميدان العباسية ؟! ..

-         لماذا التردد في الاعتراف الرسمي أن هناك تجاوزات قد حدثت وانتهاكات لابد من محاسبة مرتكبيها لتحسين صورة المجلس العسكري ، حتى إذا ما تعالت النداءات بالخروج الآمن نجد لها مبرراً يكفي لتقبلها دون سخط أو رغبات في الانتقام بعد فقدان الأمل في القصاص العادل ..

-         لماذا لم نسمع في خطاب المشير بمناسبة مرور عام على الثورة تعهدات بمحاكمة قتلة المتظاهرين من النظام السابق ومحاكمة مبارك وأعوانه في إهدار المال العام واستغلال النفوذ لثلاثين عاماً واكتفى بقول أن الدماء ستظل مصانة في ذاكرة الأمة ؟! ..

-         لقد قام المشير بزيارة دولة شرقاً وغرباً ولكن عجباً أنه لم تتم استضافته في أي برنامج تليفزيوني فيكون الحديث من القلب للقلب !! .. فقط الحوار الصحفي الذي يتم مثلاً بعد افتتاح طريق الجيش بالمنيا وبجواره الفريق عنان يقوم بمساعدته في الإجابة ( أو تلقينه لا أعرف!! ) عن الأسئلة التي توجه إليه بطريقة مُلفتة للنظر!! ..  

-         تكررت تصريحات أن هناك عناصر داخلية وخارجية تعمل على الوقيعة بين الجيش والشعب لإسقاط مصر وأن هناك مخطط لحرق مصر يوم 25 يناير الحالي والعجيب أن يقوم المشير بإلغاء حالة الطوارئ في هذه الليلة المُهددة بالحرق والتقسيم فهل قام المجلس العسكري بالقبض على المخططين للحرق والتقسيم أم هم قاموا بتغيير موعد العملية ليوم آخر، أم أنهم لا يروق لهم التخريب إلا تحت مظلة قانون الطوارئ  ؟! ..

-         في لعبة الشطرنج قد نضحي بقطع حركاتها محدودة لأجل الحفاظ على قطع حركاتها أهم ولكن ما المعنى أن يقوم المشير ذو ال 77 عاماً بتكريم القادة المُحالين للتقاعد ، هل هؤلاء القادة أكبر من 77 عاماً أم أنهم لا يمتلكون تطلُّعاً ليصبحوا وزراء دفاع مثلاً في يوم من الأيام ؟! ..

-         عندما وجه المشير الكلمة لأبنائه في القوات المسلحة شكرهم على تقديم الصورة المشرفة في الحفاظ على العهد ووضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار، هل مصلحة الوطن العليا كانت أن يمر قوافل البغال والحمير من بين أيدي أفراد الجيش أم في دهس المتظاهرين تحت سيور الدبابات وعجلات المدرعات أم في سحل آباء وأمهات الشهداء أم في حرق خيامهم أم في رمي قطع الرخام المسنون فوق رؤوس المعتصمين أمام مجلس الوزراء والتبول فوق رؤوسهم .. أم أن الفوتوشوب الذي وصل لكوتشي العسكري الذي ركل الفتاة المسحولة التي عراها العساكر وصل أيضاً لتصريحات أننا رفضنا أوامر بإطلاق النار ليحولها أننا لم نتلقَ أوامر بضرب النار ؟! ..

-         أذكر القوات المسلحة أن تونس لم يتدخل الجيش في إدارتها وأذكرهم أن الليبيين يطالبونا بتسليم أزلام النظام الليبي الهاربين عندنا .. وأذكرهم أن من أسقط صدام هم الأمريكان أما من أسقط طاغيتنا فهي دماء شهدائنا وأعين أبطالنا ..

-         أنصح سيادة المشير بعدم استخدام عبارة شعب مصر العظيم لأنها تذكرنا بخطابات مبارك التي كانت تصيبنا بالتشنجات وأعراض الأمراض العصبية والنفسية كلما انتظرنا سماعها في العام الماضي وأن يغير الشخص الذي يقوم بكتابة الخطابات فنص الخطابات العاطفية لم تعد تجدي نفعها مع هذا الشعب العظيم ..

-         للأسف تمنيت يوماً وأنا صغيرة أن يسمحوا بالتجنيد للفتيات من شدة إعجابي بالجيش المصري في مشاهد عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف .. لكن الآن نبكي جميعاً على صورة الجيش التي عكر نقاءها المجلس العسكري تحت لواء المشير .. لو أن الجيش حمى الثورة لابد أن يضمن نجاحها وهو إسقاط و محاسبة كل من أهدر دماً وفقأ عيناً وكان سبباً في إشاعة التخوين والتهويل وترويع الناس وتقليب الشعب على بعضه ..

أصل المقال على مدونة هالة منير بدير

تعليقات القراء