جيمي جمال يكتب: نظام من الهواة!!

أربعة قوانين توضح حقيقة تعامل النظام مع ملف الحريات والفساد:
 
١-قانون التعاقدات الجديد اللي بينص على أن أحقية الطعن على عقود تبرمها الدولة مع أطراف أخرى، لا يحق لأحد الطعن عليها إلا من قبل طرفي التعاقد سواء الدولة أو الطرف الآخر (المستثمر)، والقانون يطبق على كل القضايا المنظورة أمام القضاء للفصل فيها ، القانون غير دستوري أصلاً و محل طعن أمام المحكمة الدستورية، قانون مثل هذا كارثي لأنه ببساطة يعطي السلطة التنفيذية الحق الوحيد في اتمام التعاقد وبالتالي تسهل عملية التلاعب بمقدرات الأمة و ثرواتها ، فلا رقابة ولا يحزنون ! 
الغريب أن القانون غير الدستوري هذا صدر في عهد رئيس جمهورية كان يشغل منصب رئيس المحكمة الدستورية قبل توليه الرئاسة ! 
 
٢- قانون تنظيم التظاهر أو بمعني أصح قانون قمع التظاهر، السلاح الذي يستخدمه النظام لقمع من يتظاهرون ضده في نفس الوقت لا يطبق علي من يتظاهرون لمساندته ، القانون أيضا محل طعن أمام المحكمة الدستورية لأنه مخالف في قوانينه لمواد الدستور الذي أقره الشعب عقب الثلاثين من يونيو، تظل مكمن الغرابة و المفاجأة أن هذا القانون أيضا صدر في عهد رئيس المحكمة الدستورية و رئيس الجمهورية السابق !! 
 
٣- قانون أخر صدر ولكن في عهد الرجل الأهم في نظام الثلاثين من يونيو ، عبدالفتاح السيسي ، قانون يقضي بترك أمر سماع الشهود في أيدي قاضي الجنايات وحده ، مثل هذا القانون ينتقص من شروط المحاكمات العادلة الكثير ، و يهدر حق المتهمين في نيل محاكمة عادلة لاثبات براءتهم !
 
٤-قانون الكيانات الإرهابية الصادر في عهد الرئيس السيسي ، قانون يدس السم في العسل ، يوهمك أنه فعل خصيصاً لملاحقة الجماعات الإرهابية المخربة ، ولكن بين نصوصه ما قد يسجن أي دعاة لحراك احتجاجي ضد السياسات المختلفة ، أي أنه يمكن أن يحاكم مجموعة من العمال اذا اعتصموا داخل مصنعهم و يصنفهم إرهابين و يوقع عليهم محاكمات في الدائرة المختصة و التهمة تكدير السلم العام كما ورد في نص القانون ، كما أنه يعادي أي كيانات مستقلة مثل النقابات العمالية المستقلة ، القانون هو امتداد لقانون التظاهر القمعي الفاشي الساقط دستوريا 
 
القوانين الأربعة السابقة توضح جيداً كيف يفكر النظام و كيف يتعامل مع ملف الحريات و الفساد ، قوانين فاشية ساقطة دستورياً تعلن ظاهرياً عن أغراض نبيلة و لكن في نفس الوقت تتصرف بخبث و مكر للنيل مما تبقي من مساحة الحريات . و توضح اجراءات مختلفة للنيل من عدالة المحاكمات و تحويلها لمجرد محاكمات صورية أو استنساخ من مثيلتها العسكرية الاستثنائية ولكن في لباس مدني !
 
يتبقي قانون أخير وهو قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي أصبح محل شك دستوري وقد يصدر قرارا ببطلانه بعد عدة أيام ، لا أعتقد أن النظام المصري الحالي الذي يمتلك كافة السلطات يحتاج لشريك في الحكم ، حتي وإن كان شريك سهل لا يميل للنزاع ، فاعتقادي أنه لن يكون هناك انتخابات في الفترة الحالية ، فليس لدى النظام وقت لبناء نظام ديمقراطي حقيقي ، فهو يسير بمنهج الشمولية في كل شئ ، وفي نفس الوقت يتحرك حركات عشوائية و كأن المتحكمين في هذا النظام هم مجموعة من الهواة الذين لا يدريكون عاقبة أفعالهم التي قد تحرق الدولة بأكملها !!
 
العدل هو من يصنع الاستقرار ، و القوانين المدروسة بشكل دستوري جيد هي من تجلب الاستثمار ، و السجون لا تغير الأفكار بل تزيد الإيمان بها ، و المستقبل لن ينتظر المراجعات المتأخرة ، و الثورة كالموت  لا تستأذن و ستدرككم وإن كنتم في بلاد الواء الواء !!  
تعليقات القراء