مروان يونس يكتب: حتى لا نصل لمرحلة الترويع السياسي

الكل يعرف أننا على أعتاب خطوط النهاية للفترة الانتقالية الثانية، هذه الفترة التي هي نتاجا مشتركا ليناير ويونيو معا، أنتجت مشهدا لشارع مصري يتصدره حزب الكنبة بكل اقتدار، كما أنتجت قيادة وحكومة بل حركات وأحزاب سياسية نتاج يناير...
 
تعايش المصريون لسبعة شهور الآن تحت هذا التوازن، بين عمليات الشد والجذب بين طرفي المعادلة السياسية للتيار المدني ليونيو ويناير، أنتجت عملية الشد والجذب دستورا سياسيا يحافظ على أحقية طرفي المعادلة فيما هو قادم من مستقبل، بل ظهر هذا التوازن جليا في مواد الدستور فليونيو الرئيس وليناير الحكومة، ففرض الأمر الواقع توازنا آخر، فلا يوجد لدي قوى يناير من يصلح ليلتف حوله المصريون ليكون رئيس ولكن يونيو تمتلك ثلاثة يتصدرهم المشير السيسي بقارق شعبي كبير ووراءه إلى الآن متنافسان هما أحمد شفيق و مراد موافي، أما قوى يناير وأحزابها فهي من تمتلك الأحزاب وبذلك ستنول نصيبها من الجمهورية الجديدة من إدارة الحياة العامة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من خلال برلمان ستحدد فيه كتلة الأغلبية رئيس الوزراء وسيفرض طيفها السياسي الوزراء بالحكومة…
 
وقبل أن ننطلق لمرحلة التخوفات، فلندرس أعمدة الواقع الذي ستفرضه الاستحقاقات القادمة، الأول: أن الرئيس القادم سيكون ممثل لقوى يونيو وفي الأغلب هو المشير السيسي إن ترشح، وإن لم يترشح فشفيق أو موافي، وثلاثتهما لايوجد لديهم ظهيرا سياسيا حزبيا قويا، الثاني: أن البرلمان ستتصدر إرادته السياسية إرادة يناير ومن الواقعية أن نستشف أن رئيس الوزراء القادم لابد أن ينول رضاء 100 عضو برلمان تيارا دينيا على أقل تقدير، وثالث أعمدة الواقعية هو الإدراك أن السلطة ستكون مقاسمة بينه وبين الرئيس...  
 
ولنبدأ نتحدث في المطلق عن أهم التحديات...
 
بالنسبة للرئيس، ولنتكلم عن الرئيس المنتظر، الرئيس الحلم لقوى يونيو هو "الفريق السيسي"، فإن ترشح فكلنا ورائه، وحتى لا نقع في خطأ التعميم فمعظم المصريين وراءه بل ربما سيفوز من المرحلة الأولى، ولكن ماذا بعد الفوز بالانتخابات؟؟
 
فالرئيس لديه عقبتين رئيسيتين، الأولى خارجية، وهي ضبط وربط الوضع الدولي لمصر في ظل تواجد الإخوان ومن معهم كميليشيات مسلحة تحاول فرض شكل جديدا لها وشرعية جديدة كمقاومة مسلحة "جوريلا" تتنازع بالسلاح على السلطة، فمن خلال تحويل قدراتها بمال وسلاح الغرب لقوات نظامية ذات زيا مميزا وقيادة موحدة وبفرض السيطرة ولو على أمتار معدودة في مصر سنجد أنفسنا أمام جنيف 2، ولكن ليس لسوريا بل لمصر، وينبثق من هذا التحدي تحديا آخر، ففي أحسن الفروض سيكون هناك ضغطا دوليا لتصوير مصر منقلبة ولابد من عقابها...
 
فالتخوف الخارجي الأول ربما لا أخشي منه كثيرا ولكن كل الحذر واجب، فلايجب ترك المجال لهؤلاء الإرهابيين بالتقدم أي خطوة تجاه التسليح والتمركز والتمترس وكلنا ثقة في جيش مصر العظيم وقياداته أنه قادر على وأد تلك الفتنة...
 
بالنسبة للتخوف الثاني وهو الضغط العالمي والذي سيكون من آثاره الضغط الاقتصادي، ننصح الرئيس المنتظر بإعادة النظر في وضع الخارجية المصرية وبث دماء جديدة والاستعانة ببيوت الخبرة العالمية في شركات الدعاية بل التعامل مع شركات اللوبي أو التحالفات بالخارج، بل ربما أنصح وزير الخاريجة ببداية الإبداع أو استبداله بوزير متوسط العمر قادر على الإبتكار في الحلول وأسرع في الحركة...
 
بخصوص المخاوف الداخلية وأغلبها سياسية، فالرئيس المنتظر ليس له ظهيرا حزبيا قويا يسانده بالبرلمان وإن تمت المساندة بالمستقلين فمن الصعب السيطرة عليهم أو لم شملهم تحت لواء حزب واحد أو قيادة واحدة تتحدث عن إرادة الرئيس بالبرلمان أو الضغط لوصول رئيس للوزراء مناسب للمرحلة واقعيا وليس متناغما مع الكوكتيل السياسي..
 
التخوف الآخر فهو من ثلاث مجموعات متصدرة للمشهد السياسي المصاحب للرئيس:
 
الأولى جيل ثمانيني، ومع كل الاحترام له فلا يوجد لديه حلم أو قدرة على تحقيق الحلم فنتفق أو نختلف على تاريخهم فهم رموز لعصور ماضية ولا يملكون أدوات العصر الحالي، فإن شاركت في صناعة المستقبل، فعلى أكثر تقدير يكون بالنصح والإرشاد الغير ملزم فالمعطيات اختلفت واختلفت معها كل شيء...
 
المجموعة الثانية وهي من جيل ستيني وسبعيني من نخبة فاتها الحصول على مكاسب سياسية "ليس مالية" تذكر خلال عصر مبارك، بل فاتهم أيضا رغم محاولة التوائم مع الإخوان خيرات التنظيم ورجاله، فلم يجدوا سوى هذا العصر لتصدر المشهد سواء من خلال رياء سياسي يضر بالمشير السيسي ويونيو نفسها أو استخدام الأموال ببذخ مثير للدهشة لترويع باقي الفصائل السياسية تحت شعار "نحن القادمون" لبث الذعر السياسي بين الجميع وهنا أيضا أساءوا للمشير ويونيو بل والكنبة معا، والمؤسف أن الجميع من أيقونات هذه المجموعة عليها تساؤلات عديدة من يناير ويونيو...
 
المجموعة الثالثة، هي من الجيل العشريني الثوري بقيادة بعض الحركات السياسية، حقا هم مجموعة من المخلصين من الشباب كل ما يهمهم وطنهم ولكن من خلال المظلة الستينية والسبعينية المتصدرة للمشهد ربما نتوقع قريبا اختلافات وانقساما داخليا لاختلاف العقيدة والمآرب لدي جميع الفصائل...
 
أما بالنسبة للبرلمان فالتخوف الأكبر ينصب حول رئيس حكومة لن يصل للمنصب إلا بعد أخذ صكوك البركة من 100 إلى 150 نائب من التيار الديني بل يأخذ معه ممثليهم من وزراء في حكومته، هذه الحكومة التي إرادتها -والتي ستفرضها من خلال الدستور- ستختلف مع إرادة ثورة يونيو بكل تأكيد....
 
ومن ذلك فعذرا سيكون لدي نصائح للجميع..
 
أولا: الحذر الدولي واجب واللوبي العالمي السياسي ضروري لمنع جنيف 2 لمصر.
 
ثانيا: التعامل بقوة وبواقعية وباستباقية مع أي ظهور لأعمال عنف أو تكوين لميليشيات.
 
ثالثا: الحلم المصري يتعاظم مع الأيام والمتاح في صدارة المشهد من الجيل الثمانيني أو الستيني لقيادة المرحلة أمرا مرعبا وحذار من حماس الشباب والذي ستتغير أهواؤه لو اصطدم بواقع أن هذه القيادات ستكون دعائم الجمهورية الجديدة.
 
رابعا: بالنسبة للبرلمان والأحزاب، أرجو أن تتركوا المصلحة الحزبية جانبا ولو لبرلمان واحد وليعلو صوت الوطن في اختيار المرشحين وفي اختيار رئيس الوزراء...
 
خامسا: بخصوص النخبة الحالية، نعلم أنهم يعانون حالة فقدان ثقة بينهم وبين جماهير ولن نستطيع تتغير النخبة إلا من خلال البرلمان القادم والذي سيفرز النخبة الحقيقية الممثلة لشعب مصرـ فمحاولة إعادة إنتاجهم مره أخرى، تحت دعاوى أنهم تعلموا من تتابع أخطائهم المتتالية والمتسلسلة بدون انقطاع من 2005 إلى الآن واعتقادا أنهم لن يعيدوا الخطأ فهو وهم، فحذار من السذاجة أو التواطؤ القادم من كثير منهم فالمصالح تتصالح...
 
سادسا: بالنسبة للتيار المدني أرجو ألا نتفرق لنستطيع الوقوف بجوار رئيسا وطنيا وبرلمانا وطنيا أيضا حتى لا نجد أنفسنا يوما أمام 200 نائب من التيار الديني ربما لا يؤثرون على القرار فقط بل يتخذونه هم بأنفسهم لينتهي حلم يناير ويونيو معا.
 
سابعا: لابد من توفير حلم وآليات للوصول للحلم وعلينا جميعا اليقين رئيسا وبرلمانا أن البحث عن القيادات السياسية المناسبة من حيث العمر والقدرات للمرحلة أمرا واجبا، فمن نراهم من متصدرين المشهد فرزا ثالثا لا يغني ولا يثمن من جوع ولو انتهى الحلم انتهت مصر...
 
ثامنا: أرجو ألا تضطر مصر لبداية مرحلة من الترويع السياسي يكون مظاهرها دولة فاشلة متضاربة سلطاتها منقسمة سياسيا وغير قادرة على ممارسة السلطة وذلك على الرغم من حسن النوايا المستمر لشعب مصر و قياداتها "فرضيا" لحزب الكنية "مؤكدا”.
 
حفظ الله مصر وأهلها من كل شر وألهم قياداتها اتخاذ القرار السليم.
 
تعليقات القراء