أحمد عبد الجواد يكتب: لمن لا يعرفه (3) مختصر السيرة النبوية الشريفة
وبدأ النبى محمد صلى الله عليه وسلم، يتحرك فى دعوته بعد ذلك، وبعد تعوده على نزول جبريل وقراءة القرآن، و لنر فى البداية شيئًا من أهم خصوصيات الإسلام، فقد كان من خصوصية بداية الدعوة للإسلام أن يدعو الرسول من رأى فيهم الخير وكانوا السابقين الأولين للإسلام، وهم " زوجته خديجة بنت خويلد، وابن عمه على بن أبى طالب، وزيد بن حارثة مولى النبى، وأبو بكر الصديق صديقه القريب والنسابة والتاجر الشاطر أيضًا، والذى أسلم على يده عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله"
وبدأ الناس يسلموا فى الخفاء وبدأ الإسلام ينتشر فى مكة رويدًا رويدًا واستمرت الدعوة فى السر 3 سنوات، حتى نزلت الآية "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" فجهر بالدعوة فى مكة، لكى تبدأ مرحلة جديدة من الدعوة وهى مرحلة الإضطهاد والسخرية من المشركين للمسلمين، "يااااااااااااه" تخيلوا هذا الوقت كان عدد المسلمين فى العالم كله قليل جدًا وكانوا كلهم فى مكان واحد، كانوا فى مكة ويعذبوا أشد عذاب، كان كل رئيس قبيلة يعذب من يسلم من قبيلته خاصة العبيد منهم، حتى الرسول الكريم تعرض للإيذاء من أبى لهب وأبى جهل وأمية بن خلف، وأبو بكر الصديق وهو من رجالات قريش المرموقين ضربه المشركون حتى ظنوا أنه مات، وعمار بن ياسر الذى مات أبوه وأمه من التعذيب، ولم يتركوه حتى قال مثل ما قالوا وشتم الرسول وهو مكره على شتمه، وبلال بن رباح عذبه سيده أشد تعذيب، وصهيب الرومى كانوا يعذبونه حتى يفقد وعيه.
ومع كثرة الاضطهادات التى امتدت من السنة الرابعة للدعوة حتى نصف السنة الخامسة، أمرهم النبى محمد صلى الله عليه وسلم، بالخروج إلى الحبشة وكان ملكهم مسيحى وهو النجاشى، لكن الرسول أخبرهم أنه ملك عادل ولا يظلم عنده أحد، ووصلت شائعة أن قريش أسلمت فعاد المسلمون من الحبشة لكنهم عرفوا أنها شائعة فمنهم من عاد إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة فى الخفاء، وبعدها خرج مجموعة ثانية من المسلمين إلى الحبشة فى هجرة الحبشة التانية، ولما عرفت قريش بعثت عمرو بن العاص وعبد الله بن ابى ربيعة من أجل إقناع النجاشى برد المسلمين إلى قريش، لكن جعفر بن أبى طالب استطاع أن يقنع النجاشى بحق المسلمين فى وجودهم فى الحبشة وبالفعل ظلوا هناك حتى عادوا للمدينة المنورة سنة 7 هجرية، ولما توفى النجاشى صلى عليه الرسول صلاة الغائب.
وفى آخر السنة 6 للدعوة أسلم شخصان من أقوى الشخصيات فى مكة وهم عم الرسول حمزة بن عبد المطلب ولقبه صائد الأسود؛ لإن رياضته المفضلة كانت صيد الأسود فى الجبال، وعمر بن الخطاب الذى أريدكم فقط أن تتفكروا فى كلمة ابن مسعود "ما كنا نقدر أن نصلى عند الكعبة حتى أسلم عمر"
لكن هل سكتت قريش واستسلمت للأمر الواقع أن هناك مسلمين يعيشون فى مكة، هل كملوا بنفس أسلوب التعذيب أم كان هناك أساليب أخرى؟ هناك أسئلة كثيرة وأنت تقرأ السيرة يجب أن تخطر على بالك وتحاول إيجاد الإجابة عليها.
تعلمون أن قريش لم تستسلم، والعربى بطبعه عنيد جدًا وقد ظهر هذا فى حرص قريش على قتل الدعوة الإسلامية، لكنهم لما ودوا التعذيب لا يأتى بفائدة قرروا أن يلعبوا لعبة أخرى، وهى لعبة المساومة، لقد ساوموا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، على النبوة وقالول له اترك النبوة وسنجعلك أغنى شخص فى قريش وستصبح زعيم قريش، وباختصار كل ما تتمناه من الدنيا، لكنه ببساطة رفض لأن الفكرة كانت أقوى، فكرة الدعوة وإيمانه بها كانت أقوى من أى إغراء، فلجأوا للعبة أخرى وحاولوا أن يقنعوا عمه أبى طالب برفع الحماية عنه وكان الرجل من كبار رجال قريش وله هيبته، لكن عمه رفض أيضًا.
هنا قررت قريش ببساطة أن تقوم بعملية جديدة عليها، قامت بشئ لم يكن فى ثقافة العرب وهو الحصار، قررت قريش أن تفرض حصارًا شاملاً على بنى هاشم وبنى عبد المطلب سواء من أسلموا معه أو لم يسلموا، وحاصروهم فى مكان محدد اسمه شعب أبى طالب، وقرروا لا يشترون منهم ولا يبيعون لهم، لا يزوجوهم ولا يتزوجون منهم، لا يزوروهم أو يكلموهم، وألا تأخذهم بهم أى رأفة، وكتبوا هذا الكلام فى صحيفة وعلقوها فى قلب الكعبة، واستمر الحصار 3 سنوات من محرم فى السنة السابعة للدعوة حتى محرم للسنة العاشرة، وفى هذا الوقت تحرك بعض كبار قريش ونقضوا المقاطعة الظالمة والتى عانى المسلمون منها أشد معاناة، وخرج المسلمون يعيشون فى مكة فرحين.