أحمد عبد الجواد يكتب مختصر السيرة النبوية الشريفة .. لمن لا يعرفه (2)
من أهم الأحداث التى حدثت بعد ذلك، هى حادثة حرب الفجار بين قبيلة قريش وحلفائها وقبيلة هوازن وحلفائها، واستمرت فترة طويلة وكان النبى محمد صلى الله عليه وسلم يجهز النبال لأعمامه فى الحرب، و سميت بالفجور لأنهم حاربوا فى الأشهر الحرم والتى اتفق العرب فيما بينهم على تحريم الحروب فيها، وتمت المصالحة بعد ذلك بين القبائل وبعضها وأقاموا حلفًا سموه حلف الفضول، واتفقوا فيه على نصرة المظلوم على الظالم حتى يأخذوا حقه، وبأخذ الحق للمظلوم.
ويجب أن نعلم أن الإعداد الإلهى للرسول الكريم كان من ضمنه أن يعمل الرسول فى التجارة، وذلك ليعرف الناس وطباعهم ومعاملتهم، ويكتسب خبرة كبيرة تؤهله للتعامل مع الناس لكن من منطلق آخر وهو منطلق الوحى، واستمر فى شغله بالتجارة حتى وصل إلى سن 25 سنة، ولما اشتهر بأمانته وقدرته على التجارة طلبت منه سيدة المجتمع فى وقتها "خديجة بنت خويلد" أن يتاجر لها فى مالها فوافق وخرج إلى الشام ومعه غلامها "ميسرة" ولما عاد إلى مكة وسمعت عن أمانته وبركته حدثت صديقتها برغبتها فى الزواج منه، وبالفعل فاتحت صديقتها النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فى الزواج فوافق، وكان عمر خديجة فى ساعتها 40 سنة والرسول 25 سنة، وعاشت مع الرسول الكريم 25 سنة، كانت فيهم خير زوجة لخير زوج، وأنجب منها الرسول كل أولاده إلا إبراهيم فهو من مارية القبطية.
ولما وصل الرسول 35 سنة حصلت حادثة مهمة جدًا فى التاريخ الإسلامى، وهى إن قريش أرادت إعادة بناء الكعبة بعد ما أصابتها شقوق كثيرة، فهدموها وأعادوا بنائها وكان لكل قبيلة جزء مخصص تبنيه، وبالفعل أتموا البناء إلى أن وصلوا إلى الحجر الأسود، فاختلفوا على من يضعه فى مكانه وكادت أن تقوم حرب، إلا إنهم فى النهاية قرروا أن يحكموا أول من يدخل من باب المسجد وكان هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه هتفوا :هذا هو الأمين رضيناه، فوضع الرسول الحجر فى وسط ردائه وطلب من رؤساء القبائل ان يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء وساروا به حتى مكانه فأخذه الرسول ووضعه فى مكانه.
تعود الرسول كل فترة على الصعود إلى غار حراء وتقريبًا بدأ هذا لما بلغ 37 سنة يصعد ويقضى عدة ليالى فى غار حراء يتأمل فيهم كنوع من أنواع الرياضة الروحية أو التفكير فى الكون والسماء والأرض ويحاول أن يصل إلى فكرة الخلق، وأعتقد أن أكثر ما كان يشغله فى هذه الفترة هى لماذا خلقنا، ولم وجدنا على الأرض؟ ولما وصل الرسول 40 سنة وبالتحديد فى شهر رمضان، نزل أمين السماء ملاك الرسالات السماوية "جبريل عليه السلام" إلى أمين الأرض النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وظهر على هيئته الحقيقية ملك له 700 جناح ويسد ما بين المشرق والمغرب، يضم الرسول ويقول له "اقرأ" والرسول أمىٌّ لا يجيد القراءة، فيرد ما أنا بقارئ، فيضمه جبريل مرة أخرى ويقول له اقرأ، والرسول يجيب ما أنا بقارئ، وفى الضمة الثالثة يقوله جبريل : "اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم" فينزل الرسول بسرعة من غار حراء وهو يرتعش وخائف من هول الموقف عليه، وأول شخص وتفكير يخطر على باله هو الذهاب إلى خديجة، كان يجب أن يفكر فى أحن زوجة وأفضل عقل يستطيع أن يحتويه فى هذا الوقت وكانت "خديجة الخير" هى من استقبلته وهو يرتعش ويقول لها "دثرونى زملونى" يعنى غطونى، وبعد ما يهدأ الرسول ويحكى الحكاية تذهب خديجة به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، فقالت له خديجة: أي عم! اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره الرسول فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى. يا ليتني فيها جذعا. يا ليتني أكون حيا حين يخرجَك قومُك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَوَمُخْرِجِيِ هم؟" قال ورقة: نعم. لم يأت رجلٌ قط بما جئت به إلا عُوْدِيَ. وإن يدركني يومَك أنصرك نصرًا مؤزرا.
إقرأ أيضاً:
أحمد عبد الجواد يكتب: لمن لا يعرفه (1)