حسام مصطفى يكتب: الشماتة في الموت..سُنّة!

لا شماتة في موت عبد من عباد الله الذين يرتكبون الحسنات والسيئات مثل باقي البشر، أما الطغاة والمتجبرون، الذين ملئوا الأرضَ ظلمًا وأذلّوا عباد الله واستباحوهم وجعلوا أيامهم على الأرض شقاء وكدحا، ونال أذاهم القاصي والداني،  فالفرح في موتهم إنما هو في حقيقته تقرّب إلى الله بالاعتراف بقدرته جل شأنه على تحقيق وعِيْده بالقصاص من الظالمين.

 

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العبد المؤمن يستريح من نَصَب "تعب" الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) رواه البخاري ومسلم.

 

ويخبرنا التاريخ الإسلامي أن المسلمين قد فرحوا أيّما فرح بموت الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي ضرب الكعبة بالمنجنيق، وقتل عبد الله بن الزبير، وكان يقتل بالشبهة دون دليل، وقال فيه خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز (لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئناهم بالحجاج لغلبناهم).

 

ولما وصل الخبر للحسن البصري –وهو من هو- سجد لله شكرًا، وقال "اللهم عقيرك وأنت قتلته، فاقطع سنّته وأرحنا من سنّته وأعماله الخبيثة" ودعا عليه [حلية الأولياء- للأصبهاني]

 

وكذلك فرح عمر بن عبد العزيز، وسجد سجدة شكر للمولى سبحانه، ولما عرف المساجين الذين كدّسهم الحجاج في سجونه بالخبر، انتظروا حتى سمعوا الناعي بأنفسهم وتأكدوا من موته –خشية أن تكون شائعة-  ثم هللوا وكبّروا وسهروا الليلة بطولها يشكرون الله على نعمته!

 

ولما أُخبر العارف بالله إبراهيم النخعي بموته، بكى من الفرح، ولما بُشِّر طاووس بموته فرح وتلا قول الله تعالى: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}.

 

وبالنسبة لحديث "اذكروا محاسن موتاكم"، فقد ضعّفه الألباني، أي أنه نوع من العُرف والتأدّب مع الموتى الذين لم يعد بيدهم شيء لا أكثر ولا أقل!

 

ومنذ نحو الساعة كتب الشيخ السديس على حسابه بالتويتر: "الفرح بموت الطغاة من سنة السلف الصالح، فقد سجد أئمة التابعين لما بلغهم موت الحجاج، كالحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبي عمرو بن العلاء".

 

إن الموت كأس دائرة، ولا أحد يُفلت من تناولها، وليس من الفطرة أن يفرح أحد بموت أحد، فما الذي يحدث ليجعل الناس يخالفون الفطرة التي جبلهم الله سبحانه وتعالى عليها؟

 

لا شك أن ما رأوه من المتوفى وظلمه وجبروته قد غيّر في فطرتهم، ودفعهم في هذا الطريق الشاق على النفس، وهو ذنب المتوفى لا ذنبهم!

 

فإن مات الطاغية، ووجدتَ الفرحَ يغمر قلبك، استبشارا برفع ظلمه عن العباد، فليس هذا إثما، وإن تمالكتَ نفسك وترفّعت عن ذلك، فإنما ذلك كرم منك ورحمة.

 

اللهم ارحم العباد المستضعفين في الأرض وأرنا عجائب قدرتك في كل ظالم جبّار.

 

أصل المقال على صفحة حساميات

تعليقات القراء