د. محمد نبيل جامع يكتب: مرشحو الثورة والمسئولية العظمى "اتحدوا أو البسوا" .. مع الاعتذار لمحمد فتحي
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
شاب وكاتب جميل، شأنه شأن كُتاب جريدة التحرير، باستثناء اثنين دكاترة (توفيق وفاروق). محمد فتحي هذا الذي لا يعيبه إلا أنه يعتبر نفسه تلميذا لكاتب اسمه دكتور احمد خالد توفيق، والحقيقة أن العكس هو الصحيح. المهم تحت هذا العنوان أوجز محمد فتحي، وصَدَق في العشرة سنتيمترات المربعة التي تتيحها له ظلما جريدة التحرير قائلا:
حدِّد موقفك أولا.. هل أنت مع الثورة؟ إذا كانت الإجابة بـ (لا)، فيمكنك من الآن أن تختار مبارك آخر من هؤلاء المرشحين للرئاسة وكلنا يعرف أن مبارك داخل هذه الانتخابات بأكثر من (نفر)، أما فى حالة الإجابة بـ (نعم) مع الثورة، فدعنى أذكِّرك بحقيقة تغيب عن ذهنك مهما ادَّعيت العكس: لن يحكمنا مَلاك منزَّل، ولا نبى يُوحَى إليه، ولا إله لا يخطئ، ولذلك فتفتيش البعض عن أخطاء وهفوات مرشحي الرئاسة الذين يمكن أن نعتمد عليهم لمواجهة دوبليرات مبارك يضر الجميع، وإذا لم يكونوا يستطيعون طرح بديل، ولا يريدون الرهان على أحد.. طب نعملّكم إيه؟ ادعموا الأمل. ■ الحديث عن ثورة أخرى قادمة هى الحل الوحيد من قبيل الرومانسية، القاعدة تقول: «إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم»، فإذا كنا لم نتغيَّر ولم نتَّحد بعد 11 فبراير، فأىُّ ثورة أخرى نراهن عليها؟ تذكَّروا أن الثورة ليست شهوة. ■ للمرة المليون أقولها: البديل الأفضل الآن هو فكرة الفريق الرئاسي.. شخصيا أراه فى أبو الفتوح وحمدين وأيمن نور وخالد على، وحتى أبو إسماعيل، ليتفقوا أو ليلبسوا في حيطة ويلبِّسونا معاهم، ولن نسامحهم أبدًا لأنهم جعلوا الله لا ينظر إلينا باعتبارنا صفًّا أعوج. ■ أرجوكم ماحدّش يقول لى الرهان على الشعب. الشعب ينحاز إلى المنتصر.. طلَّعوا عين الناس فى قلب الميدان، ثم نزلوا احتفَلوا معهم بالتنحي، وها هم الآن يعودون لشتيمة الثورة والجري وراء دوبليرات مبارك. الشعب المصري ينحاز إلى المنتصر، فاتَّحِدوا وانتصروا أولا.. وحدة حقيقية، ونصرًا لا لبس فيه.
ليس لأني قد اقترحت هذا الفريق الرئاسي بنفس أشخاصه من قبل مضيفا إليهم المستشارة نهى الزيني، وإنما لأن هذا هو السبيل الوحيد للتغلب على أعداء الثورة من مرشحي الرئاسة الذين لا يشك في موقفهم المعادي للثورة إلا منافق.
وبالمناسبة أنا شخصيا آخر من يفهم في تكتيكات الانتخابات، ومع ذلك أجتهد بقدر تمسكي بنجاح ثورة 25 يناير حتى ولو أصبح عمر سليمان هو رئيس الجمهورية القادم. بقدر ما يؤلمني جدا التخلف الذريع لوطني مصر، وبقدر ما يؤلمني جدا معاناة شعبها وحرمانه من كرامة الحياة وتكريم الإنسانية، وحرمانه من لقمة خبز هنية وشربة ماء مرية بقدر ما يدهشني تصميم هؤلاء الظلمة من كهنة ومبارك وحملة لواء نظامه وكذلك هؤلاء اللاإسلاميين المسحورين بلعبة السياسة على أن يجهضوا مطالب الثورة ونهضة شعب مصر الحبيب.
الدكتور البرادعي انصرف إلى بناء حزب الثورة وقرر أن يتمهل ويعمل على نهضة مصر "على نظيف" باستعمال كلماته الماسية، وهذا اختياره الذكي. أما اختيار المناضلين الآخرين أبو الفتوح وصباحي والبسطويسي وخالد علي والحريري فرسان الثورة أيضا فهو الذي نتعلق به في المدى القصير لإنجاح الثورة وتكريم شهدائها ومصابيها وشعب مصر. هذه الفئة الشجاعة تواجه فئة تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وهي فئة فصيلة مرشحي العسكر والتيار السياسي المتأسلم.
الأمل الأعظم هو نجاح مرشح الفئة الوطنية، أو على الأقل إعادة بين مرشح هذه الفئة الوطنية مع مرشح تلك الفئة الانتهازية، ثم انتصار مرشح الثورة في النهاية. يهندس للفئة الانتهازية مركب من عتاولة مبارك مثل صفوت الشريف وعمر سليمان نفسه مع عتاولة من مغول التيار السياسي المتأسلم. أما الفئة الشجاعة فأخاف أن يظن بعضهم مثل أبو الفتوح أو صباحي أنه يستطيع بمفرده أن يهزم مغول مبارك، وهذه مخاطرة ساذجة مشوبة بالفشل بنسبة 90%. ولذلك فلابد من هذا التكتل المشار إليه أعلاه للأسباب التالية:
1. مرشحو السلطة دائما يكتسبوا "بونس" أو منحة تتراوح بين 10-25% زيادة في التصويت عن أعلى مرشح معادٍ لهم نظرا للدعم اللوجستي والمادي والإعلامي والتزويري، وغير ذلك.
2. في آخر استطلاعات بوابة الأهرام "المغرضة" حصل المرشحون (المدنيون) على النسب التالية:
أ. سليمان 994 صوت بنسبة 14.89%
ب. موسى 963 صوت بنسبة 14.42%
ج. صباحي 963 صوت بنسبة 14.42%
د. شفيق 679 بنسبة 10.17%
ه. خالد علي 143 بنسبة 2.14%
وامتنع عن الإجابة 44% من الناس مما يدل على كبر حجم التيار الإسلامي الذي لم يشمله الاستطلاع.
ولذلك لو افترضنا أن أبو الفتوح سيحصل على 25% من التيار الإسلامي أي حوالي 11% من الجميع، وأن أبو اسماعيل سيحصل على 70% من التيار الإسلامي أي حوالي 30% من الجميع، وأنه لو شطب أبو اسماعيل قانونيا وأن نسبته سوف تتوزع على الشاطر والعوا وأبو الفتوح بواقع 10% تقريبا لكل منهم، يصبح نصيب أبو الفتوح 21% من المجموع. وهذه مجرد تقديرات مبدئية ومجرد مؤشرات.
وخلاصة ذلك أن تكتل سليمان وشفيق حوالي 25%، وتكتل صباحي وأبو الفتوح وخالد علي حوالي 27% (أو 37% في حالة انسحاب أبو اسماعيل). وسيبقى موسى بمفرده 14.42% حيث لا يتوقع موسى أن ينضم إلى تكتل سليمان وشفيق لأنه لا يهمه إلا المنصب، أي إما أن يفوز "باللهطة"، كما هي في نظره، أو "ظز" في الدنيا. وهذا يعني أن مرشحي الثورة لا يمكنهم أن ينتصروا على فصيلة مبارك إلا بالتوحد والاندماج في مجلس رئاسي. والكلام موجه خصيصا للدكتور عبد المنعم والأستاذ حمدين.
3. يمثل توحد مرشحي الثورة وفوزهم فوزا كاسحا بإذن الله، أي بالتفاف الشعب حولهم، ضغطا قويا على فلول النظام ومصالحه الوحشية ودعما قويا شرعيا للرئيس الجديد.
4. يمثل توحد مرشحي الثورة وفوزهم فوزا كاسحا أيضا ضغطا شديدا على الرئيس الجديد بالالتزام بأهداف الثورة وتحقيقها لأن ذلك يمثل استفتاءً جديدا على أهداف الثورة ودعما لها.
5. وأخيرا أود أن أضيف زخما قويا جدا للمجلس الرئاسي بتصميمي على إضافة المستشارة نهى الزيني له لأسباب موضوعية أولها المصلحة العامة (الاهتمام بتطهير القضاء)، ثانيا، الكفاءة والشجاعة ويكفي موقفها من الانتخابات المزورة، ثم ثالثا، دمج المرأة في الحياة السياسية على أعلى مستوى، وهنا أقول لمدعي التدين الذين عارضوا هذا الاقتراح من قبل: تذكروا قول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك"، وتذكروا أيضا أن الله جعل النساء أطول عمرا من الرجال في جميع أنحاء العالم بمتوسط قدره أربع أو خمس سنوات، لأنه بجانب أن المرأة هي التي حملتك وولدتك وأرضعتك وأمنتك في أحضانها ورعتك في قضاء حاجتك هي لطول عمرها في المتوسط التي ترعاك في شيخوختك، وتساعدك على قضاء حاجتك وأنت على فراش الموت، وتكون هي آخر من تنظر إليها وأنت تفارق الحياة على صدرها.