علاء الدين العبد يكتب: د. الجنزوري .. أيها الأخرس ، مامنعك وقد نطقت..

بداية لن يكون المقال عن الجنزوري هجوماً ولا دفاعاً ، لكننا نستطيع أن نتفق علي الأقل أن  يده  نظيفة ، ويريد أن يعمل بجد و إخلاص وفعلاً كان له رصيد شعبي لدى المواطن المصري أثناء حكومته في التسعينيات ، ربما لم يلمسه الكثير من الأجيال الحالية ..

 لقد حل علينا الجنزوري كضيف في العاشرة مساء بعد التنحي بأيام لمدة تصل لساعتين ، وصف نفسه  خلالها بالأخرس الذي نطق ، وقدم لنا تفاؤلاً  بدا واضحاً جداً بالثورة ، ويكاد يكون الوحيد في ذلك الوقت من المسئولين السابقين الذي أبدى إعجابه بوضوح وبصراحة بشباب الميدان وبمدى نضجه برغم أن الحكومة منعتهم من ممارسة السياسة في الجامعات ، مضيفاً أن جيلنا لابد أن يقف وراءهم ولا يسرق فرحتهم (لكننا للأسف لم نجد دور للشباب في حكومته ) ، قال الجنزوري : أن الأيام القادمة القليلة وبالتحديد بعد شهر سيلمس المواطن تغيراً كبيراً في حياته وأكد أن المشروعات الكبرى التى بدأها وتوقفت بعد خروجه من الوزارة سترى النور ، ضارباً مثلاً بمشروع توشكى والذي كان يقف وراءه بعض ناس غير جادة لاستصلاح الأراضي على مستوى ولاد العم أو الأمريكان لأني لو مزرعتش هاستورد ، ثم استطرد لمنى الشاذلي قائلاً : بكره هتشوفي توشكى وافتكرى خلال شهر الناس هتروح هناك وتزرع وإلا أبقى معرفش حاجة ..أنت لو رحتى هناك وشفتى محطة الميه اللى اتكلفت نصف مليار والميه بتجري في الصحرا تبكي ، اللى إتعمل ده جريمة بكل المعاني و أنا مستعد للمحاسبة الآن على هذه المشاريع ..

ذكر في حديثه  (بعد التنحي ) أن على المسئول محافظ أو وزير أو رئيس وزراء أن يتخذ القرار المناسب الذي يراه في صالح الوطن والمواطن بدون الرجوع لأي حد ولكن عليه أن يتحمل مسئولية قراراته ..

( مر الآن أكثر من عام على الثورة ومر ثلاثة أشهر وليس شهر منذ توليه الحكومة  كرئيس وزراء بصلاحيات رئيس جمهورية كما صرح ، ولم نسمع جديد عن توشكى أو المشروعات الكبرى التى ستقضي على نصف البطالة البالغة 3.5 مليون عاطل ، فما منعه  وقد مَنَّ الله عليه و نطق الآن الأخرس  ؟؟ .. هل التمويل أم أن اولاد العم والأمريكان مازالوا يعوقوا حركتك) ..

لم يختلف كثيراً حديث الجنزوري  في العاشرة مساءاً  بعد التنحي بأيام عن بيان الحكومة الذي ألقاه منذ أيام قليلة ، ففي المشهدين ستجد أنه تعرض لسرد طويل عن مساوئ الفترة السابقة والتى أدت الى مانحن عليه الآن وكذلك ما تعرض له من ظلم هو شخصياً ..

لقد قال وكرر قبل التنحي أنه إن لم يكن هناك نظام سياسي جديد  في أسرع وقت ممكن يقول للعالم أن هناك نظام ديمقراطي به حرية مطلقة ، ومجلس شعب على مستوى ، يستطيع أن يقوم بدوره الرقابي و التشريعي ، يستطيع العضو فيه أن يقرأ ويفهم ويناقش الموازنة العامة  و استنكر أن يوجد أعضاء لا تقرأ ولا تكتب ، وقضاء مستقل يلجأ له المواطن بدل ما يلجأ لواحد صاحب نفوذ فلن نستطيع الحصول على إستثمارات جديدة ، وأن يكون التفتيش القضائي تحت إشراف مجلس القضاء وليس وزير العدل وكذلك النيابة العامة  ..

وأنا أسأل د/ الجنزوري  بعد أكثر من عام على الثورة وثلاثة أشهر  وأنتم على رأس الوزارة هل تَحَقَّقَ شئ من ذلك ؟ هل مجلس الشعب الذي تراه الآن هو ما تمنيته ، والذي لا يقيم المجلس العسكري له وزناً حين يقوم بإصدار قوانين وتشريعات بدون الرجوع إليه ؟ ..

هل هذا القضاء الذي يلغي حظر السفر فجأة للمتهمين في قضايا التمويل ، هل تستطيع أن تشرح لنا من اتخذ القرار و كيف تم اتخاذ هذا القرار الذي جاء بعد أيام من إلقاءك لكلمتك مطالباً أنه من الآن لابد لمصر أن تتعامل مع باقي الدول بالمثل و أن مصر لن تركع ؟ ..

لقد ذكرت أن إستثمارات العرب في الغرب بلغت 1.5  تريلليون ، تحتاج منها في مصر إلى 20 مليار فقط سنوياً ، ثم  نجدك تدلى ببيان كان مشوباً بالخطأ في دقة المعلومات (وقد عرف عنك قوة ذاكرتك  ) حين تعلن أن الدول العربية لم تقف بجوار مصر ولم تقدم لها مساعدات ، فهل بهذه الطريقة  ستجلب الإستثمارات العربية ؟ ثم يتفاجأ الشعب المصري بالبيان السعودي النافي لتصريحاتك ، وأن الحكومة المصرية لم تقدم المشاريع التى لها الأولوية التى تستطيع من خلالها السعودية تقديم حزمة المساعدات التي وعدت بها طيلة تسعة اشهر حتى الآن ..

د/ الجنزوي .. لقد تحدثت كثيرا قبل التنحي ، عن الخصخصة بمعناها الحقيقي والدعم الحقيقي ودعم (اللبط ـ على حد وصفك له ) الذي كان يروج له يوسف بطرس ، وتحدثت عن الفساد وكيف كان بالمليارات من مافيا الأراضي وكيف يأتي الفساد من أعلى لأسفل وكيف تقضي عليه ، وتحدثت عن إعادة هيكلة الشرطة خصوصاً أن أعدادها تفوق أعداد القوات المسلحة ،  و أشياء أخرى ، لكن للأسف لم نرى أي تقدم ملموس على أرض الواقع ..

مرة ثانية أقول لك د/ جنزوري ..أنت فعلاً أمين ونظيف ومتفائل وتبذل جهداً  بحق لكن تلك الصفات الحميدة كلها لابد لها من قوة تحميها وتدعمها لتكون صفات فعالة  فهل هناك من يريد بك السوء ويضعك في هذا الموضع ؟ ..

وإلا فلماذا أتى بك المجلس العسكري بعد ثمانية أشهر من الثورة لتستمر حتى تسليم السلطة ؟ ..

لقد أتتك الفرصة مرة أخرى لتثبت للشعب و لمصر كلها أنك كنت على حق وأنك ظُلِمْتَ فعلاً وأنك تستطيع أن تخرج مصر من أزمتها ، فإذا كنت قادر فاستمر و إلا فلن يكون هناك فرصة مرة أخرى لتستعيد شعبيتك وصورتك لدى الأذهان ، وبالطبع لا تتمنى أن تعود مرة أخرى لتقضي ما يتبقى من العمر أخرساً ...

 

أصل المقال على مدونة الشرح النفيس في فن التنفيس

تعليقات القراء