هالة منير بدير تكتب: عدالة بلاد الفِرِنْجَة !!

عفواً يا بلد تَدَّعي أنها دولة إسلامية أحكام الدين مصدر تشريعك ولكننا لا نجد فيكِ نصف عدل .. صحيح أن القاتل في مصر لا تقطع رقبته وأن حد القتل هو الإعدام شنقاً ولكن من الجائز أيضاً أن يكون الحكم عليه بالبراءة من جميع التُهم المنسوبة إليه !! ..

ما مدى فرحتنا اليوم بسماع خبر الحكم على قاتل المواطنة المصرية مروة الشربيني بالسجن مدى الحياة في ألمانيا والذي قتلها فقط لأنها كانت ترتدي الحجاب !! وقالت المحكمة في قرارها أنه نظراً للطبيعة "الوحشية" للجريمة التي ارتكبها المتهم يُحرم من إمكانية الخروج المبكر من السجن قبل انتهاء الحكم ..

ما مدى عجبنا عندما نسمع أن محكمة في جواتيمالا حكمت على جندي سابق من القوات الخاصة بالسجن 6060 عاماً لمشاركته في مذبحة قُتِلَ فيها 201 شخص وتسبب في إزهاق الكثير من الأرواح وحكم عليه بثلاثين عاماً أمام كل روح أزهقها !! ..

ولكن ما مدى حزننا عندما نجد بلاد " الكفر والفِرِنجة " هذه كما تَدَّعِي الكثير من الحناجر أنها الدول التي ترفع رايات العدالة بإقامة العدل والقصاص من القتلة والمجرمين  ؟! ..

قاتل مروة الشربيني سيسجن مدى الحياة ، وقاتل 201 نفس سيُحبس 6060 عام ، أما قضاؤنا النزيه الشريف ما هي أحكامه الرادعة الناجزة النافذة في حق القتلة والمجرمين من أركان النظام البائد ؟! ما هي أحكام القضاء بعد سنة وشهرين في حق حسني مبارك ووزرائه الذين قتلوا الناس جوعاً وفقراً ومرضاً وحسرةً ؟! لازال القضاء مُتَعَثِّر رغم أني لا أظن أبداً أنه سيقر أحكام تشفي الصدور وتقر الأعين .. ما هو حكم القضاء في حبيب العادلي وأعوانه الذين أسقطوا أجمل شباب مصر ؟! لا نرى أيضاً حتى الآن سوى مسلسل البراءات الجماعي في حق أمناء الشرطة والضباط ..  ما هو حكم القضاء في الجنود الذين دهسوا المتظاهرين تحت سيور الدبابات وعجلات المُدَرَّعات ؟! أكيد سيكون البراءة بما أن الدبابات كانت مسروقة .. ما هو حكم القضاء في من عرَّى الفتيات وسحلهن ؟! أكيد براءة أيضاً لأنهن عاهرات واستفززن الجنود كما حُكم ببراءة الضابط المتهم في قضية كشوف العذرية ؟! .. ولكن قضاءنا العادل المغوار هو الأسرع والأكثر نزاهةً في تطبيق المحاكمات العسكرية على المدنيين في وقت قياسي وفي حبس النشطاء السياسيين وفي استدعاء كل شريف ناصر الثورة ومازال يُناصرها ، أما كل من يُطَبِّل للمجلس العسكري من المنافقين والمتلونين وأبواق الإعلام الفاسد من الجهلة والمأجورين هم من يأتي الأمر بإغلاق قنواتهم ومع ذلك فليس للقضاء أدنى هيبة من عدم تطبيق الأحكام ..  

جاءك أيها القضاء العادل دليلاً على طبقٍ من فضة وهو اندساس ضابط من الأمن الوطني بين المعتصمين أمام مجلس الشعب ، دليلاً حياً على الهواء مباشرة ، وفي حين يَتَنَصَّل وزير الداخلية من تهمة الضابط ويختلق له الحجة ، ترتسم أمام أعيننا نهاية المطاف في تبرئته مما نُسِبَ إليه كما قال النائب عصام سلطان بأنه سيتم " الطبخ " ليخرج منها كما " الشعرة من العجينة " كسابقيه وكلاحقيه إن شاء الله .. إذا كان قتلة اللواء البطران لم يقدموا إلى الآن للعدالة ، فلابد أننا فعلاً نحلم بإدانة الضابط " صائد العيون " وكأن قضاءنا المصري يريد شيئاً أكثر من الأرواح والعيون لتكون دليلا يُلقي بالمجرمين خلف القضبان !! ..

نريد أن نذهب جواتيمالا ربما قضاتها هناك يرون دليلاً ناصعاً يُدين المجرمين القتلة ويعطونهم حكماً بالسجن حتى ولو مع إيقاف التنفيذ !! ..

لقد " غسلتوا " مخ الناس بالطرف الثالث واللهو الخفي والأيادي الخفية والقلة المندسة ، ولكن غباءكم سخرَّكم لترك المتهمين في قضية التمويل يسافرون دون محاكمة وكأنكم تعرفون أن الشعب فعلاً " نسَّاي " كما قالها الخال الأبنودي وأن بكثرة المصائب وتواليها ينسون هكذا مصيبة ، لتأتي بعدها كارثة وفضيحة وننسى وتدور بنا الدوائر ويكون هكذا الواقع الذي نحياه " نحبط رؤوسنا في الحيط " ..

والآن أستعين بمقولة عظيمة للراحل جلال عامر : ( الناس قد تنسى غياب الأمن.. لكنها لا تغفر غياب العدالة ) ..

 

أصل المقال على مدونة هالة منير بدير

تعليقات القراء