محمد فتحي يكتب: عملية استئصال

قبل عدة أشهر لاحظ القائد أن هناك ثلاثة لواءات منتفخي الأعين. لم تكن ملاحظته هذه هي الأولى من نوعها لكنها المرة الأولى التي قرر فيها أن يسألهم في اجتماع مغلق: مالكم؟. رد أحدهم: أبداً يا فندم..الإرهاق والـ......

(كانت لهجته غير مقنعة فاستسهل وأكملوحضرتك عارف

بان على ملامح القائد عدم الرضا من الإحابة فأكمل لواء آخر : يا فندم مشكلة وبنحلهاو......

قاطعه اللواء الثالث في نفاذ صبر :سيادة القائد يجب أن يعرف.

خبط القائد على سطح المكتب في غضب وهو يصيح فيهم: ما الأمر ؟.

قال أحدهم: حالة غريبة يا فندم.كوابيس لا تجعلنا ننام.

نظر له القائد وسأله في استخفاف: كوابيس؟!.

قال أكبرهم سناً: كوابيس نحلم بها يومياً وحين نقصها على بعضنا البعض نجد بينها تشابهاً كبيراً.

أنا مثلاً حلمت بأنني أجري مذعوراً في الشارع ومدرعة ضخمة تتجه نحوي و...........

(أكمل في صوت منخفض) تدهسني.

سأله القائد: وبعدها؟ 

قال اللواء: بعدها أستيقظ.

تشجع اللواء الثاني وأكمل: وانا يا فندم أرى نحو خمسين شخصاً يقفون في مواجهتي وحدي وهم يرفعون بنادقهم نحوي..أحاول أن أجري ولا أستطيع فأجد طوبة ما أن أهم بالتقاطها للدفاع عن نفسي حتى يطلق الجميع رصاصاتهم على عيني فأستيقظ شاعراً بآلام لا توصف في عيني.

تطلع القائد للثالث الذي ظل صامتاً فسأله: وأنت .

قال اللواء في خجل: عادي يا فندم..مثلهم.

ضحك اللواءان الآخران فاستفز ذلك القائد الذي أمره بأن يحكي كابوسه.

قال الثالث في ارتباك: كابوسي مشابه لهما مع اختلاف أنهم لا يقتلوني ولا يدهسوني.

نظر له القائد في تساؤل فأكمل: يخلعوا لي ملابسي ويسحلوني في الشارع قبل أن يفتح مجموعة منهم قدماي عنوة و.............

قاطعه القائد: مفهوم مفهوم..

إلا أن اللواء لوح بيده: لا يا فندم..ليس كما تخيلت والله،

لكنهم فقط يكتفون بالفحص والتفعيص.

ساد الصمت على الحجرة وتطلعت الأعين للقائد الذي تكلم أخيراً: لا تخشوا شيئاً..

أنا أيضاً كنت أعاني من الكوابيس في فترة ما.

تهللت أساريرهم فجأة فقال القائد: لكنه كان كابوس مضحك..

تطلع الجميع إليه في لهفة فحكى: كنت أرى القذافي وهو يغني : أنا في انتظارك..مليت.

كتموا ضحكاتهم لكن أحدهم سأل في جدية: وماذا فعلت يا سيدي؟.

قال القائد: أجريت عملية بسيطة في سرية تامة..

عملية استئصال.

سأله الخجلان: استئصال إيه بالظبط يا فندم؟

قال القائد: الضمير.

بعد يومين من هذا الاجتماع احتفل الجميع بنجاح العملية

وأصبحوا ينامون في هدوء

 

تعليقات القراء