خالد وجيه يكتب: سائق لا يجيد القيادة!..

المجلس العسكري المصري وجد نفسه بعد 25 يناير 2011 قائداً لسيارة موديل 1952.. الموتور تعبان.. والعفشة خربانة.. والدريكسيون قديم مش باور.. وعوادمها كثيرة.. والزيت أختلط بالماء.. وبلا إضاءة.. ورغم ذلك أراد قيادتها وهو لم يتعلم في الأصل قيادة السيارات.. بل وليست لدية رخصة قيادة.. وقفنا بجواره وشجعناه ونادينا به من المدرجات حتى يستطيع أن "يورينا القوة والهمة".. ولكنه بدلاً من أن يستعين بخبير متمرس لقيادتها ويجلس هو بجواره يدله على الطريق ويعاونه.. أو بدلاً من أن يستعين بميكانيكي شاطر يستطيع أن يصلح له العربة.. أو مدرب قيادة يعلمه فنونها... فضل الطريق الأسهل وهو الإستعانة بمن هم في وضعه ليس لديهم خبرة في إدارة السيارات أو القيادة أو حتى إصلاحها..
أجلس الأخوان المسلمين بجواره يرشدونه إلى الطريق ويعلمونه كيف يدير مفتاح "المارش" وكيف يدوس على دواسة البنزين.. ربما كان يظن أنهم الأكثر قدرة على قيادة السيارة أو أنهم سيقفون بجواره إذا أصطدم بأي سيارة أخرى موديل حديث.. أستعان بقائد ليس لديه علم أن موديلات السيارات قد تطورت. وأن هناك اختلافاً في السرعات ما بين موديل 52 وموديل 2011.. ولكنهم وعن "خبث متعمد" أفهموه أن السيارة بموديلها القديم ستجعل القيادة آمنة حتى دون الحاجة إلى فرامل.. لأنها ببساطة تسير ببطء وستقف عند أي حاجز وأن "صاجها" القوي المتين المصنوع من الحديد سيحمي من بداخلها.. كما أن السيارات الحديثة التي بجواره هشة وخفيفة و"صاجها فايبر" ولن تتحمل صدماته وأنه إذا "كسر" بس عليهم سيفرون من أمامه..
وهوووووووووووووب ومع أول مطب طلبوا منه أن يزيد من السرعة حتى يتجاوزه.. ومع أول إعتراض طلع له المرشد وأرشده "أطلع فوق الرصيف.. وأبعد عنه".. ومع أول إشارة حمراء نصحوه أن بقطعها لأن الدنيا ليل ومافيش حد جاي من الجهة المعاكسة ولا يوجد عسكري يراه.. وفي كل حادثة يعملها يسارعون هم بالنوم في دواسة السيارة ويتوارون عن الأنظار.. قالوا له "إشارتك خضراء ياباشا.. كل الركاب معاك".. غشوه في الطريق وبدلاً من أن يأخذ الطريق السريع نصحوه بالدائري "كله بيوصل ياريس".. أفهموه أن الشعب سيمنحه رخصة قيادة من الدرجة الأولى دون اختبار.. وأن ماضية سيشفع له في عدد القتلى الذين داس عليهم وهو يسير بتلك السيارة القديمة.. قالوا له "أيه يعني ألف ولا ألفين.. ده أنت سايق سيارة فيها 85 مليون.. سوق ياراجل".. المشكلة أنه أغلق نوافذ السيارة "وربما كانت لا تفتح في الأصل" حتى لا يسمع دوشة الطريق كما أفهمه الأخوان المسلمون... وجلسوا هم فقط بجواره يبثون حقدهم وسمهم على كل من هم خارج العربة التي يوجهون هم دفتها لطريقهم الخاص.. ويفهمونه أنهم وحدهم الذين يساعدونه على التعلم وأنهم بجواره ومعهم الشعب الحقيقي وأن المعارضين لأسلوب قيادته طمعانين في السيارة..
عندما جاءات محطة "القصر العيني" طلبوا منه الوقوف لينزلوا هم أمام بيتهم وشكروه لأنه أوصلهم "هم" بالسلامة.. وأكدوا له أن الذين سقطوا في طريقهم قلة لا داعي لأن نذكرها.. وأن عليه الآن أن يقود السيارة بنفسه دون أن يكون بجواره أحد ليصل إلى محطته التالية.. والمطلوب منه الآن أن يسير بسيارته إلى القصر الجمهوري مباشرة متخذاً طريق كوبري "6 أكتوبر" فهو سالك وسريع ويحظى بقبول الشعب.. ولكنهم ضحكوا عليه ولم يقولوا له أن نهاية الكوبري ليست عند القصر الجمهوري.. بل ينتهي عند "المنصة" و"نصب الشهيد"...
رسالة..

المشير طنطاوي.. قيادة السيارة فن.. والمدرب لا بد وأن يكون صاحب خبرة في القيادة والطرق.. وأنت لم تستعن إلا بمن كان معتاداً على القيادة في الصحراء.. لا شوارع ولا أرصفة ولا إشارات ولا مطبات ولا إضاءة.. ولا شعب!.. لأنه في النهاية نزل عند محطته الأولى.. وألبسك أنت في الحائط..
 فاهم يا ذكي!...
تعليقات القراء