أسامة غريب يكتب: أخيرا.. وجدت مصر فارسها

أسامة غريب يكتب في جريدة التحرير: أخيرا.. وجدت مصر فارسها

 

هذا واحد من الذين قال لهم الناسُ «إن الناسَ قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبُنا الله ونعم الوكيل».

 

كنت أعلم أن الله لن يخذلنا فى معركة انتخابات الرئاسة بحيث يتركنا نهبا لمرشحين بعضهم ألعن من حسنى مبارك، والبعض الآخر يتميز فقط بأنه أفضل من حسنى مبارك! لا يعلم المهندس يحيى حسين عبد الهادى أن خبر ترشحه قد نزل بردا وسلاما على نفسى ومنحنى طمأنينة بأن مصر مصنع الرجال.

 

ما زالت قادرة على أن تضخ فى شرايين الوطن النبلاء والأخيار فى كل مجال. المجرم مبارك وعصابته هم من كانوا يسعون إلى منع ظهور الرجال العظماء حتى يستسلم الناس لجمال مبارك ويظنوه قدرا محتوما.

 

واليوم بعد أن أعلن يحيى حسين الترشح للرئاسة لم تعد هناك حجة لأحد، ولا يصح فى وجوده أن يتحدث الإخوان أو المجلس العسكرى عن رئيس توافقى، لأن هذا الرجل هو مرشح الشرفاء والحالمين بمستقبل نظيف لمصر. نعم هو مرشح الرجال الشرفاء والنساء الفضليات.

 

وإذا كان هناك من ينادون برئيس ذى خلفية عسكرية ويطرحون علينا من أجل هذا الغرض أسماء قتلة وفاسدين شاركوا حسنى مبارك كل جرائمه وولغوا بمنتهى القسوة فى دماء المصريين، فإن يحيى حسين هو ممثل العسكرية المصرية الحقة وسليل رجال مثل عبد المنعم رياض وسعد الدين الشاذلى، لا حسنى مبارك وصبيانه من تجار السلاح وباعة الأوطان.

 

وإذا كان هناك من يسألون مرشحهم أين كنت وقت أن كنا نعارض حسنى مبارك ونطالب بتغييره؟ فإن يحيى حسين كان فى طليعة الحركة الوطنية منذ عام 2004، وكان عضوا فاعلا فى حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، وقد شارك فى الثورة منذ أول يوم ووضع روحه على كفه، وكان ضمن أول مظاهرة دخلت ميدان التحرير يوم 25 يناير.

 

وإلى الذين يتحدثون عن المرجعية الإسلامية التى يجب أن تتوافر فى المرشح الرئاسى أقول هذا رجل لا يستطيع أحد أن يزايد على تقواه وصلاحه وفهمه لصحيح الدين وجوهره (الرحمة والعدل). وعندما نفتش عن الذين تصدوا للفساد ودفعوا ثمنا باهظا فى عهد مبارك، فإن هذا الرجل يأتى فى طليعة المصابيح التى أضاءت لنا طريق الحق وأعطتنا دروسا مفادها أن هناك من يرفض المال الحرام ويخاف على أصول شعب مصر من نهب الناهبين.

 

كان بإمكان يحيى حسين عبد الهادى مثل غيره من الذين تقاعدوا من الجيش وتبوؤوا المناصب المدنية أن يشق طريقه نحو السحاب فيعتلى المؤسسات والهيئات ويغرف منها كما يفعل غيره ثم يصير محافظا أو وزيرا أو رئيسا للوزراء، وكان بإمكانه أن ينهب الشركات التى كان رئيسا لها، فيصيب ثروة ويضمن رضا الأنجاس الذين لا يقبلون من العمل إلا أخبثه، لكنه اختار الشرف وقرر بإرادته أن يقف فى وجه الفساد ويكشف للناس المساخر التى جرت فى صفقة «عمر أفندى» وغيرها، فباء بغضب من محمود محيى الدين، أكثر الرجال فسادا فى عهد مبارك، والذى غفلت عنه السلطة الحالية ونسيته عمدا وبسطت عليه حماية لا يستحقها.

 

تم تشريد يحيى حسين على يد نظام مبارك بمعنى الكلمة فضغطوا عليه بمنتهى القسوة ولم يكتفوا بحصاره فى رزقه، وإنما لاحقوه بالقضايا الفالصو حتى يجهدوه فى المحاكم ويجعلوه يلين، فما لان ولا انكسر، لكنه ظل محاربا شامخا إلى النهاية.

 

هذا رجل يشغل الآن منصب مدير مركز إعداد القادة، وهو مؤسسة تربح ويمكن لمن يرأسها أن يحصل على عشرات الآلاف كل شهر حلالا طيبا ورغم هذا فإنه لا يفعل، بل إنه للغرابة يدفع من جيبه ثمن بنزين السيارة الميرى التى تحمله من وإلى المكتب! هل رأيتم فى حياتكم من يفعل هذا؟ إنه رجل يأخذ نفسه بالشدة ويقتدى بالفاروق عمر فى العدل والزهد والورع حتى يكون قدوة لمن دونه.. ولو قدر لهذا الرجل أن ينشر ذمته المالية على الناس فأرجو منكم أن تترفقوا بأنفسكم وأنتم تقارنون بينه والضباع الضارية من المرشحين الذين لن يجرؤ أغلبهم على إعلان ثروته على الناس ولو أعلنها فإنها ستكون محض نصب واحتيال كما اعتاد رجال مبارك أن يفعلوا طوال الأعوام الماضية عندما كانوا يقدمون إقرارات ذمة مالية لا يراجعها أحد ليكشف إجرام أصحابها! إن سعادتى بترشح هذا الرجل لا تقل عنها خشيتى من أن يفلت المصريون الفرصة ويضيعوها.. هذه أول مرة فى حياتنا نجد بين أيدينا رجلا يجمع بين الكفاءة الإدارية التى تشهد

بها كل المواقع التى أدارها والانضباط والعدل، وبين الأفق السياسى المتسع والثقافة الرحبة والشخصية المصرية الوسطية التى تنزع إلى التدين بلا غلو، وإلى حب الحياة والفنون والآداب. هذا رجل متدين يحب نجيب محفوظ يا أولى الألباب ويقرأ ليحيى حقى وبهاء طاهر ومحمد المخزنجى.

 

إن شجاعة هذا الرجل الذى لا يبغى من الترشح سوى خدمة وطنه لا تنفى إشفاقى عليه من الوحوش الذين سيشعرون بالرعب من وجوده، لأن طهارته وسيرته العطرة ستكشف روائحهم الكريهة. وأملى أن يجد الحماية والرعاية من شعب مصر.. مصر التى وجدت فارسها أخيرا.

 

مقال أسامة غريب - جريدة التحرير

 

تعليقات القراء