د. هبة طاهر تكتب: نعم هناك أصابع و لكنها ليست خفية!

 

لماذا لم تنتهي الحرب العالمية الأولى حتى الآن؟

 

لأن الشرق الأوسط دونا عن كل المستعمرات الأوروبية، لم يحرر تماماً، لأسباب كثيره، منها أن به أكبر مخزون من البترول العالمي وموقعه الإستراتيچي. فمنذ تقسيم الجزيرة العربية بعد انهيار الأمبراطورية العثمانية، إبان الحرب العالمية الأولى، تعرضت بلاد العرب إلى الغزو من قبل بريطانيا، فرنسا، أمريكا، إسرائيل، و تثبيت قواعد أمريكية على أراضيها، و مؤازرة الغرب لحكوماتها الديكتاتورية لإحكام السيطرة عليها. و هكذا و بسبب  إستمرار تداعيات هذه الحرب في الشرق الأوسط لم تنتهي الحرب العالميه الأولي. و هناك أمور يجب أن ننتبه لها. 

 

فالثورات في تونس و مصر، لم تقم ضد إستمرار التدخل الأجنبي بها أو الاستعمار الاسرائيلي ولكن بسبب الفساد و الفقر و كبت الحريات التي كانت سببها حكامها، عملاء الغرب.

 

سقوط هؤلاء الحكام قد يمثل خطر علي استراتيچيات الغرب في الشرق الأوسط، و هذا ملاحظ، حيث أنه منذ سقوط مبارك، والغرب ومن يواليهم من دول الخليج يحاولون شراء، تدمير أو التقليل من شأن هذه الثورات.

 

و من لا يصدق هذا الكلام فالتاريخ ملئ بالأحداث المشابهة، ولكي تستطيع الثورات العربية السيطرة علي مستقبلها، فيجب ان تراقب عن كثب ماضيها الحافل.

 

أول درس نتعلمه من الماضي، أن الغرب لم ولن يتنازل عن رغبته في السيطرة علي الشرق الأوسط، و هذه معلومه يجب ان نضعها صوب أعيننا قبل و أثناء المضي في ثورتنا. و هناك سبع قصص في تاريخنا المعاصر يجب ان نضعها صوب أعيننا حتي نأخذ حذرنا و نحتاط، لا للغضب و الشعارات و نعم للحيطه و الحذر و العمل في صمت. سأذكر منها إثنان 

 

في عام ١٩٥٨،عندما بدأت الدول العربية تخرج عن نطاق سيطرة الاستعمار الغربي، تحت تأثير الحلم الناصري العربي، قام ضباط الجيش العراقي القوميين المتشددين بإسقاط النظام الملكي الموالي للغرب آنذاك، هكذا اصبحت العراق البلد الغنيه بالبترول في خطر، في خلال أيام، القوات البريطانية والأمريكية، حركت ألوف القوات إلى الأردن و لبنان لحماية الحكومات العربية الموالية لها آنذاك من هذا الفيروس الناصري، أو كما أطلقوا عليها"لتوُقف التعفن في الشرق الأوسط".

 

تم التخطيط للتخلص من هذا الفيروس العربي الذي أصاب العراق، ففي أقل من٥سنوات في فبراير١٩٦٣،المخابرات الأمريكية و البريطانية، ساهمت في انقلاب دموي للتخلص من عبد الكريم قاسم الذي قام بتشريع القانون رقم٨٠ الذي بموجبه حدد عمل الشركات الأجنبية بحقول البترول التي كانت تعمل بها دون السماح لها باكتشاف حقول جديدة. برغم ذلك، في ظل الحكومة الجديدة برئاسة أحمد حسن البكر و نائبه صدام حسين،آنذاك، تم تأميم البترول العراقي، في أوائل السبعينيات.

 

و في عام ٢٠٠٣، أُحكِم مخطط أمريكا و بريطانيا، وتم غزو واستعمار العراق بأكملها. و لولا المقاومة العراقية المستميتة، و كمية الخسائر البشرية في صفوف الدول الغربية، ما انسحبت أمريكا الأسبوع الماضي. ولكن حتى مع الانسحاب مازال هناك١٦٠٠٠شركة أمن، و مدربين آخرين تحت إمرة أمريكا. في العراق،كما في باقي دول المنطقه،هؤلاء لن يرحلوا الا إذا اجبرناهم على الرحيل.

 

و كلكم تعرفون قصة العدوان الثلاثي، الذي شنته هذه البلدان على مصر بعد تأميم قناة السويس، عن ظهر قلب.

 

أكتب هذا المقال ردا عن المتسائلين عن الأصابع الخفيه الغريبة. نعم هناك أصابع و لكنها ليست خفية.. إنها، غاية في الوضوح، و أي شخص عربي مخلص اطلع علي تاريخ أوطانه الحافل لتجلت له هذه الحقائق. انني أُشير لهذه الحقائق ،ليس تثبيطا للعزيمة، ولكن للتنبيه والتنوير، إذا كانت هذه الأصابع موجودة، فلا يعني ذلك أننا سنتركها تتلاعب بنا.

 

 

تعليقات القراء