أنس حسن يكتب: تداخلات واشنطن وأطراف الصراع في مصر

واشنطن منذ فترة وهي بدأت تشعر أن المنظومات الاستبدادية في الشرق الأوسط ستضرها أكثر مما تنفعها، بسبب أن سياسيات القمع أبرزت الإسلاميين كبديل. ومن هنا كان التفكير جديا في إيجاد بدائل لتلك الأنظمة متسقه وخطاب الديمقراطية والتحرر، ولكن في نفس الوقت تحافظ على توجهات استراتيجية تخدمها. لذا كان الضغط بالإصلاح من داخل الأنظمة الاستبدادية لكن فشل هذا المشروع. بدأ في2005 في مصر وفشل في 2010، مما أدى لإنفجار شعبي أخرج الإسلاميين للسطح.

  • وصلت واشنطن الى قناعة مفادها أن أنظمة القمع والكبت تؤدي لإنفجارات لاتتوقعها "واشنطن" مما يهدد بالإخلال بالتوازنات الاستراتيجية بالمنطقة. وبالتالي طلقت واشنطن فكرة دعم المنظومات القمعية القديمة وطرحت فكرة الديمقراطيات المشروطة التي يمكن بها تنفيس الضغط الشعبي من خلال آلياتها. لذلك نجد ان الكونجرس الأمريكي يربط المساعدات "العسكرية" الأمريكية لمصر بنقل السلطة للمدنيين.

  • احتواء الإسلاميين أصبح أولوية عند واشنطن وادخالهم لعبة السلطة أصبح امرا هاما لتدجينهم وأيضا هو اعتراف بقوتهم وقبول بقواعد جديدة للعبة. وهذه آخر محاولات واشنطن لاحتواء مشاكل الشرق الأوسط، بإيجاد انفتاح جزئي في كل بلد يمتص أي احتمالية انفجار غير متوقع يكرر سيناريو ثورة إيران.

لذلك فقناعات واشنطن :انظمة شبه ديمقراطية + إسلاميين يتم ترويضهم في السلطة + منظومة عسكرية ضامنة لمصالح واشنطن في حال تمرد الاسلاميين.

موقف الانظمة المستبدة - العسكر في مصر الآن:

  • طيب نيجي ندرس الموضوع من ناحية الأنظمة المستبدة ذاتها ونأخذ مصر مثالا ونشوف هتتعامل مع الطرح الأمريكي ازاي ؟ ماشي ؟ الأنظمة المستبدة قائمة على دعامتين "المخابرات والجهاز الأمني" و "الجيش" ، والأول يتحكم في الثاني ويعرف مداخله ومخارجه وكيفية تفكيره. والمستبد يظل يضخم في دعم وتقوية جهاز مخابراته لدرجة ان جهاز مخابراته يصبح أكبر من الحاكم نفسه ويتحكم به، ويرتبط بالخارج ارتباطات فوق الدولة. ولذلك فملفات الأمن القومي والتوجه في السياسة الخارجية لا يصنعه وزير وإنما تحدد مساراته الجهات السيادية الأمنية في المنظومات المستبدة.

  • أجهزة المخابرات والسلطة تفهم ايضا فيما تفكر فيه واشنظن وتحاول الحفاظ على نفسها وتقديم البدائل لوشنطن لاحتواء مساراتها او تعديلها. امريكا لديها نقطتان لا يمكن تجاوزهما "اسرائيل" و ملف "التطرف الإسلامي" و إذا تم تصديرهم كبديل لواشنطن فإنها ستحافظ على النظام الحالي.

  • بعد الثورة شعر العسكر برغبة واشنطن الجامحة في التحول الديمقراطي المشروط لكن كان ذلك مهددا أيضا بخسارة العسكر والمخابرات لكثير من نفوذهم. لذا تم تصدير ملف "الإسلاميين" لوشنطن عن طريق جمعتي "قندهار والوثيقة" وتصدير مشكلة إسرائيل بافتعال احداث "السفارة" لتبرير بقاءهم وتفعيل الطواريء. كان أيضا هناك حرص على إبراز "الجماعة الإسلامية" ورموزها اعلاميا وهذا من شانه زيادة قلق واشنطن حول مستقبل الحكم في مصر. إذاً الرسالة التي وصلت لواشنطن "تطرف إسلامي" ينادي بحكم الله وشريعته في جمعة "قندهار" المدعومة اعلاميا ، وعداء لإسرائيل ظهر في أحداث السفارة.

    ملخص الرسالة : يا تدعمونا احنا يا هيكون البديل تدمير كامل لمصالح واشنطن في المنطقة.

  • ايضا اشعال الوضع داخليا هو لتقديم الجيش نفسه كبديل وحيد وضمانة للإستقرار وتحييد الاطراف "الثورية" اللي ملهاش استراتيجية واضحة. الاطراف اصحاب الاستراتيجيات الثابتة الجيش معندوش مشكلة في التعامل معاهم ، والمشكلة في اصحاب التوجه الثوري الغير محدد الاستراتيجية بيتم حرقه. الصورة التي يريد إيصالها "الفرعون" للشعب عن أي "موسى" يظهر معارضا له ثائرا عليه هي : إني أخاف أن يُبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد. يقلق الفرعون "القلة" صاحبة المبدأ الذي لا تساوم عليه ، ولذلك فقد ساوم "موسى" قبل أن يحاول سحقه، لأنه يعلم أن المبدأ إن صبر عليه أهله انتصر. الضغط على أي "موسى" يكون بحصار اتباعه حتى يصرخوا له قائلين "أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا" و يخبروه ان نار الفرعون خير من جنته. لقد كرر الله قصة موسى مع فرعون كثيرا في كتابه ، وليس ذلك للتسلية بل لأن بها قوانين الصراع بين الحق والباطل ، وتشرح نفسية الباطل وتفسر سلوكه.

موقف التيارات الاسلامية:

  • فهم الإسلاميون الرسالة وتوجهوا هم أيضا لواشنطن بتطمينات لأبرز ملفاتها في المنطقة ، وتغير خطابهم بخصوص اسرائيل والتوجه الاقتصادي والشريعة. مكاسب واشنطن رهيبة جدا من تغير خطاب الإسلاميين ، وأيضا مهم جدا تحافظ على الضمانة اللي هيا الجيش ، والجيش نفسه عاوز يحجم المنافس له.

    خبر: هأرتس | السفير الإسرائيلي بالقاهرة سيحاول فتح قنوات اتصال مع المسئولين الاسلاميين في مصر ومن بينهم ممثلين للإخوان وحزب "النور" السلفي

    خبر: حزب النور السلفي يعلن رسميا احترامه لمعاهدة السلام مع إسرائيل

    الإخوان : الدستور أولا

    السلفيين: نحترم معاهدة السلام مع اسرائيل

     هو ده اللي بتسميه المراكز الأمريكية "تدجين الإسلاميين" بالسلطة

     

موقف السعودية وبعض دول الخليج:

  • في حين ان واشنطن تريد ديمقراطية مشروطة وتريد العسكر كقوة ضامنة مش قوة حاكمة، هناك دول في الجوار تريد نظام عسكري يستطيعون مساومته وشراء مواقفه لذا فهم يدعموا مخطط العسكر الانقلابي، واللي يدفع اكتر. من بعد زيارة طنطاوي الأولى للخليج انقلب كل شيء في مصر للأسوأ. دول الخليج دعمت المجلس العسكري في فترته الإنتقامية ب 17.5 مليار دولار على شكل قروض ومنح واستثمارات.

الخلاصة :

هي لعبة توازنات وكل طرف عاوز يحقق اكبر مكسب على حساب التاني ولذلك فصوله كثيرة ولن تنتهي بسهولة. وتوجه واشنطن الجديد واضح مش في مصر بس بل من اول المغرب وانته جاي لحد الأردن.

  • ما أعرفـه أن نضالنا لن ينتهي بانتخاب رئيس وبرلمان ، لأن كل هؤلاء سيخضعون لتوازنات السياسة الدولية والداخلية،وفي حال سقطت ورقة الشارع، سنسقط. الدولة الأمنية بعسكرها وداخليتها ، تحتاج نضال برلماني ونضال شارع ونضال قانوني ونضال إعلامي.

  • اسقاط الشارع عملية يتم فيها استغلال سطحية وبراءة الشارع . لذا فإن توعية الشارع تسبق تحريكه. أدوات صناعة الرأي العام تقتضي بالأساس فهم الجمهور كبداية ثم الإعتراف به كما هو كتأسيس لتوجيهه. التوعية عمل ثوري وتأسيس للثورة وبقائها ، لقنوا للناس مباديء ثورتنا واكشفوا للناس أعدائها ثم ثقوا بهم فلن يخذلوكم حينها. القيمة التي يجب أن تصل لكك بيت :عشان ننهض لازم يكون فيه انتقال "حقيقي"مش "صوري" للسلطة، معركتنا معركة وعي قبل أي شيء، هذا أمر يجب أن ندركه.

*ملحوظة : هذا ليس مقال مكتوبا وفق أسس كتابة المقالات ، وانما تغريدات تويترية لي جمعتها الزميلة / سمية أبو الوفا ،، شكرا لها

تعليقات القراء