أحمد عبد الجواد يكتب : حكاية الشعب العادى

بلغنى أنه فى عصر ما من العصور، فى سالف العهد والزمان، فى بلاد ما بعد بعد بلاد ما وراء النهرين، وأبعد من بلاد الواق واق، كان هناك شعب يعيش فى عهد الملك المبروك، الملك الذى قضى على خيال شعبه بتعويذة سحرية شاهدها كل الناس فى شاشات عجيبة الشكل، كانت دائمًا ما تبث التعويذة إلى الشعب والشعب يستقبل ويقول فى سره وبعد الصلاة على الملك "آمين".

وكان للملك حاشية كبيرة منها قاضى القضاة والساحر العليم بأحوال البلاد الخارجية، ورئيس الدرك السرى الغامض، ورئيس الدرك للتعذيب، وكبار التجار، وكبير صانعى التعاويذ.

ثم حدث أن قاضى القضاة أرسل لطلب شاب، لكنه لم يأت فغضب عليه غضبًا شديدًا وانهال عليه بالسب والضرب، وقال لرئيس الدرك عليك به، فما كان من رئيس الدرك إلا أنه ضربه حتى الموت، ومات الشاب السعيد.

كانت التعويذة السحرية دائمًا ما تقول للناس إنهم شعب عادى يعيش حياة عادية ويتزوج زيجة عادية ويعمل عملاً عاديًا ليموت فى النهاية بلا ضجة موتًا عاديًا، ويبدو أن موت الشاب السعيد كسر التعويذة ليقوم كل الشعب من نومه العميق ويهتف ضد الملك ليصبح شعبًا غير عادى، كان شعبًا عبقريًا لمدة 18 يومًا ثم انهالت عليه التعاويذ من كل مكان وللأسف لا يزال يستقبل التعاويذ ويصدقها.

هنا الكل بدأ ينظر إلى كرسى الملك، لأن الشعب ثار على الملك فقط ولم يثر على الكرسى، فقرروا أن يعيدوا انتخاب الكرسى الجديد، قال رئيس الدرك السرى أنا أنا سأصل هناك فأنا لدى الصناديق السوداء التى تحوى أسرار كل شخص فى المملكة وبالتالى سيخافون منى وينتخبونى للكرسى، وقال الساحر العليم بأحوال البلاد الخارجية بل أنا الساحر الذى سيعيد إليكم كل شيء فقط ضعونى على الكرسى، فقام شيوخ المساجد الكبيرة وقرروا أن يحرروا الكرسى بفكر جديد وهو أن يلقوا هم التعويذة على الكرسى فيلحقوا مكانًا فى الركب الكبير، فقالوا معنا ستعلمون أن الدين هو الحل الجميل، وشرب الشعب التعويذة الأخيرة وصدقهم، ولا يزالون يحاولون والشعب يشرب أو يقاوم لكن التعويذة قوية بالفعل.

من بين كل التعاويذ الكثيرة وناظرى الكرسى كان هناك شخصًا وحيدًا فى الجبل يعلم أتباعه ويقول لهم بهدوء العارف الواثق، أن سلسلة كبيرة من الرواة الهادئين حكوا لبعضهم البعض حتى وصلوا إليه فى النهاية ووصلوا إلى الصحابى عبد الرحمن بن سمرة الذى قال: قال لى النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن، لا تسأل

الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها، فكفِّر عن يمينك وأت الذي هو خير)

أيها الشعب الثورة مستمرة.

تعليقات القراء