رؤية قانونية لكيفية تسليم المجلس العسكرى للسلطة

 

الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان:-

تنطلق هذه الرؤية من منطلق قانونى بحت, عن طريق وضع النصوص الدستورية والقانونية جنبا إلى جنب للوصول إلى الوضع القانونى الأمثل الذى يتفق مع الشرعية التى تعبر عن إرادة الشعب… وهى تنطلق أساسا من حقيقة مؤكدة, وهى أن دستور عام 1971 لازال سارياً ولم يتم إلغاؤه بأى إجراء, وذلك للأسباب الآتية:-

أولا: أصدر المجلس العسكرى بتاريخ 13 فبراير 2011 إعلاناً دستورياً يتضمن حلّ مجلسي الشعب والشورى وتعطيل العمل بأحكام دستور 1971 استناداً إلى الشرعية الثورية, هذا الإعلان الدستورى اكتفى فقط بتعطيل العمل بهذا الدستور إلى حين إجراء تعديلات عليه.

ثانيا: تم بالفعل تشكيل لجنة لإجراء تعديلات على هذا الدستور, وقد وافق الشعب على هذه التعديلات فى استفتاء 19 مارس 2011 باعتبارها جزءا لا يتجزأ من دستور 1971, أى أن الشعب قد أعاد هذا الدستور بأكمله للسريان مرة أخرى استناداً للشرعية الشعبية

ثالثا: عندما صدر الإعلان الدستورى الحالى فى 30 مارس 2011 لم يتضمن أى إشارة إلى إلغاء دستور 1971 .. بل إنه على العكس من ذلك بدأ الإعلان بديباجة(مقدمة) تنص على ما يأتى:- “بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير، وعلى نتائج الإستفتاء على تعديل دستور جمهورية مصر العربية الذى جرى يوم 19 من مارس سنة 2011 وأعلنت نتيجة الموافقة علية فى 20 من مارس سنة 2011 …قرر …” وهذه الديباجة لا يُفهم منها إلا أن الإعلان الدستورى الحالى قد اعترف باستمرار سريان دستور 1971

رابعا: يتضمن الإعلان الدستورى نصوصاً تشير أحياناً إلى “الإعلان الدستورى” وفى أحيان أخرى إلى “الدستور”.. وهذا لا يعنى إلا اعتراف الإعلان الدستورى بوجود هذا الدستور..وعلى سبيل المثال هذه الفقرة وردت بالمادة 28 من الإعلان الدستورى وجاء نصها كالتالى “ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور” معنى هذه الفقرة أنه إذا كان المجلس العسكرى سيصدر قانون انتخابات الرئاسة, فيتعين عليه عرضه على المحكمة الدستورية لتقرر مدى مطابقته للدستور..فأى دستور ستقوم المحكمة الدستورية بالمطابقة عليه إذا لم يكن دستور 1971 قائماً؟؟

خامسا: لو كان الإعلان الدستورى يرغب فى إلغاء دستور 1971 لكان قد نص صراحةً على إلغائه كما نص فى الإعلان الدستورى الأول الصادر فى 13 فبراير على تعطيله.

إذا كانت الأسباب الخمسة السابقة تؤكد وجود واستمرار سريان دستور 1971 استناداً إلى الشرعية الشعبية المستمدة من استفتاء 19 مارس 2011 فإنه يثور التساؤل عن الوضع القانونى للإعلان الدستورى الحالى وعن النتائج المترتبة على استمرار سريان دستور 1971..

أولا: الوضع القانونى للإعلان الدستورى الحالى لا يخرج عن أمرين, إما أنه مجرد ملحق أضيف لدستور 1971 تضمن بعض المواد المكررة والمضافة دون استفتاء الشعب عليها. وإما أن هذا الإعلان يعتبر فاقداً للشرعية ومنعدما, وذلك بعد استفتاء الشعب على تعديلات لدستور 1971 القائم فعلا

ثانيا: النتائج المترتبة على استمرار سريان دستور 1971 بعد التعديلات التى أجريت عليه فى الاستفتاء الأخير تتمثل فيما يلى:- 1- أن دستور 1971 هو دستور مؤقت.. وذلك بعد إضافة فقرة إلى المادة 189 منه وإضافة المادة 189 مكررا والتى تستوجب اجتماع أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنتخبين خلال ستة أشهر من انتخابهم لاختيار جمعية تأسيسية لإعداد الدستور الجديد… 2- وجوب إعمال المادة 84 من دستور 1971 التى تنص على أنه “في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتاً رئيس مجلس الشعب, وإذا كان المجلس منحلاً حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا, وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة…ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية. ويتم إختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوما من تاريخ خلو منصب الرئاسة”..وأرى أن التطبيق الأمثل لهذه المادة فى ظل هذه الظروف هو أن يتشكل مجلس الشعب.. ثم يعلن هذا المجلس فى أول اجتماع له خلو منصب رئيس الجمهورية(وفقا للمادة 84) ويتولى رئيس مجلس الشعب الرئاسة مؤقتاً على أن يتم اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوماً…3- يتعين على مجلس الشعب بعد تشكيله مباشرة إعداد القانون المنظم لانتخابات الرئاسة وعرضه على المحكمة الدستورية التى يستوجب عليها الفصل فى مدى مطابقته للدستور فى خلال 15 يوما وفقاً للمادة 76 من الدستور بعد تعديله (المادة 28 من الإعلان الدستورى المقابلة لها) 4- يترتب أيضا على استمرار سريان دستور 1971 استرداد مجلس الشعب لسلطاته فى مراقبة السلطة التنفيذية حتى إمكانية سحب الثقة من الوزارة, وكذلك كافة الصلاحيات الواردة فى المواد من 86 إلى 136 من الدستور.. 5- بمجرد تولى رئيس مجلس الشعب رئاسة الجمهورية بصورة مؤقتة, فإنه يتعين على المجلس العسكرى تسليم السلطة بصفة نهائية والعودة للقيام بدوره الأساسى فى الدفاع عن حدود الوطن.

ملحوظة:- جميع هذه الإجراءات السابقة لا تشترط وجود مجلس الشورى, لأن دور هذا المجلس يبدأ عند الشروع فى إعداد الدستور الجديد.

أحمد عطية أبو شوشة - رئيس محكمة

تعليقات القراء