أوروبا تنقذ النظام الإيراني.. اتفاقية اقتصادية والتفاف حول العقوبات الأمريكية وغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان

الموجز - شريف الجنيدي  

بالتزامن مع تواصل التظاهرات الحاشدة ضد نظام الحكم في إيران التي انطلقت في الشهر الماضي، إلا أن المجتمع الدولي لم يدرك مدى وحشية وقمع النظام الإيراني إلا مؤخراً، وذلك من خلال التقارير الصحفية والصور والفيديوهات التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأظهرت الفيديوهات مدى وحشية تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين السلميين، التي أطلقت الرصاص الحي عليهم بدم بارد، قبل أن تغلق السلطات الأمنية الانترنت منعاً لانتشار تلك الفيديوهات والكشف عن الوجه الحقيقي لنظام الملالي إلى العالم.

وأعلنت منظمة العفو الدولية، في تقرير أصدرته الإثنين الماضي، إنه واستناداً إلى التقارير الموثوقة التي تلقتها، فإنه يُعتقد أن عدد الأشخاص الذين قتلوا في التظاهرات الإيرانية قد ارتفع إلى 208 شخصاً على الأقل، مشيرة إلى أنه من المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك.

وأورد موقع "فريدريك بيرج"، في تقرير له اليوم الجمعة، تصريحات عدد من الشخصيات المعارضة البارزة للنظام الإيراني، أبرزهم مير حسين موسوي، أحد زعماء انتفاضة الحركة الخضراء للعام 2009 والخاضع للإقامة الجبرية منذ عام 2011.

وقال موسوي إنه على الرغم من التعامل الوحشي للنظام الإيراني مع المتظاهرين السلميين، إلا أن البلاد تشهد أقوى انتفاضة لها منذ 40 عاماً.

العقوبات الأمريكية

ويقول الموقع إنه من المفاجئ والمثير للاستغراب أن يعلن حلفاء الولايات المتحدة من أوروبا عن انضمام 6 دول جديدة إلى نظام القايضة "انستكس"، والذي يعني آلية أوروبية لمواصلة التجارة مع إيران والتهرب من العقوبات الأمريكية المفروضة على التفط الإيراني.

وأوضح التقرير أن الدول الجديدة، وهي بلجيكا والدنمارك وفنلندا والنرويج وهولندا والسويد، أعلنت السبت الماضي عن انضمامها إلى نظام "انستكس" بجانب كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

ويرى مراقبون أن إعلان الدول الأوروبية عن نظام "انستكس" في هذا التوقيت بالذات، يعد إعلاناً صريحاً عن تغاضي أوروبا عن حقوق الإنسان وعمليات العنف والقمع بحق المتظاهرين السلميين خلال الاحتجاجات.

وأشار التقرير إلى ما قاله روب ماكاير سفير بريطانيا لدى إيران، رداً على ردود الفعل المنتقدة لـ "إنستكس"، حيث صرح بأنه طالما الاتفاق النووي لايزال قائماً إلى أوروبا، فإن الآلية الأوروبية تؤكد دعم التجارة التي تعود بالنفع على الإيرانيين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن زعماء القارة يعربون عن قلقهم إزاء وضع حقوق الإنسان في طهران.

واعتبر التقرير تصريحات ماكاير بأنها "العذر" الذي يستخدمه الكثير من الغربيين منذ عقود لتبرير التجارة ليس فقط مع إيران ولكن مع الأنظمة القمعية الأخرى.

فساد 

ولفت التقرير إلى الأزمة المصرفية في إيران عام 2017، حيث كان الفساد والمحسوبية هما السبب فيها، وذلك قبل أن تقرر إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب فرض عقوبات ضد الاقتصاد الإيراني.

وأوضح أن عوائد الاستثمار في إيران كانت تذهب مباشرة إلى حسابات المخبة التابعة للنظام الإيراني وليس إلى الشعب الذي كان يعاني من سوء إدارة النظام للاقتصاد.

وأشار التقرير إلى أن الفساد جزء صغير من الأزمة الكبيرة التي تشهدها إيران، حيث تقوم بتحويل ثروتها في سبيل تدخلاتها الخارجية وتوسيع نفوذها في الخارج.

وفي عام 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن إيران أنفقت 18 مليار دولار منذ 2012 في العراق وسوريا واليمن، بما فيها دفع رواتب الآلاف من مقاتلي المليشيات الحوثية الموالية لطهران.

وأكد التقرير أن الإيرانيون يدركون جيداً أن ثروات بلادهم تهدر في الخارج، حيث قرروا رفع أبرز شعاراتهم في الاحتجاجات الحالية وهو "لا غزة ولا لبنان .. حياتنا من أجل إيران".

بداية النهاية؟ 

وأشار التقرير إلى التظاهرات التي شهدتها إيران منذ 10 سنوات، والتي خرج فيها مئات الآلاف من أنصار موسوي من الطبقات المتعلمة احتجاجاً على الانتخابات المزورة، مضيفاً أن تظاهرات اليوم وصلت إلى طبقة الفقراء والأحزاب الكردية.

ويضيف أنه من السابق لأوانه اعتبار الاحتجاجات الحالية في إيران هي بداية نهاية نظام الملالي، إلا أنه من الواضح أن النظام يواجه أزمة غير مسبوقة.

واختتم التقرير أن الأوروبيون ربما يعتقدون بأن نظام الملالي، بزعامة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يتمتع بسلطة بقاء أكبر من الشاه محمد رضا بهلوي، إلا أن الشعب الإيراني لم ولن ينسى العنف والعذاب الذي شهده على أيدي هذا النظام، إضافة إلى القوى التي منحت شريان الحياة الاقتصادي.

تعليقات القراء