«الباكي المبكي».. حينما يجتمع «الخشوع مع الشجن».. محمد صديق المنشاوي: «رفض دعوة عبدالناصر ونجا من محاولة قتل بالسم»: «شرف للرئيس أن يسمع القرآن بصوتي وليس العكس»

الموجز

حلت أمس الأحد ذكرى وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوى أشهر قراء القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامى.

ووجدت ذكرى وفاته إحتفاءا كبيرا من النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعى، الذين وصفوا صوته بأنه الصوت «الباكي المبكي» لغلبة البكاء عليه وتأثره الشديد بالقرآن الكريم.

يعد القارئ محمد صديق المنشاوي، صاحب الصوت الخاشع، أحد قُراء القرآن الكريم الذين حققوا شهرة واسعة بكل أنحاء العالم الإسلامي، كما يعد من أوائل الشيوخ الذين أقاموا مدارس لتجويد القرأن الكريم.

ولد الشيخ محمد صديق المنشاوي بقرية المنشاة التابعة لمحافظة سوهاج، وأتم حفظ القرآن الكريم في الثامنة من عمره، وتعود نشأته داخل أسرة قرآنية عريقة فأبوه الشيخ صديق المنشاوي وشقيقه الشيخ محمود صديق المنشاوي، واللذان يعدان من أعلام التلاوة في العالم الإسلامي. حسبما نشر موقع "الوطن".

مقرئ الجمهورية العربية المتحدة

اعتمد الشيخ محمد صديق المنشاوي في إذاعة القرآن الكريم في عام 1953، ليبدأ رحلة تسجيل القرآن الكريم للإذاعة المصرية، وسافر بعد ذلك إلى العديد من الدول، بدعوات من رؤساء تلك الدول وكان يحمل فى الخمسينيات لقب «مقرئ الجمهورية العربية المتحدة»، كما تلى «المنشاوى» القرآن الكريم فى المسجد الأقصى والعديد من الدول العربية والعالمية، كما لقب الشيخ المنشاوى بـ«الصوت الباكي» لما يحمله صوته من نبرة حزينة، كماحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا، وغيرها من الأوسمة والهدايا التى منحها له ملوك وزعماء الدول حول العالم.

محاولة قتله بالسم

ومن إحدى الحوادث القليلة في حياة الشيخ محمد صديق المنشاوي، التي رواها الشيخ بنفسه لبعض المقربين منه، حينما حاول أحد الأشخاص قتله خلال استغلال دعوته إلى العشاء بعد إحدى سهراته والتي كان يتلوا فيها القرأن، وكان أوصى ذلك الشخص الطباخ بأن يضع له السم في الطعام ولكن الطباخ أخبر الشيخ وطلب منه ألا يفشي سره ونجى الله الشيخ من تلك المحاولة، وفقا للموقع الرسمي للشيخ محمد صديق المنشاوي.

تفاصيل الواقعة

وعن تلك المحاولة روى الشيخ، أنه كان مدعوًا في إحدى السهرات عام 1963، وبعد الانتهاء من السهرة، دعاه صاحب المنزل لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة إلا أن «المنشاوي» رفض فأرسل صاحب إليه بعضًا من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلًا: «يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجوا ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، واستيقظ ضميري وجئت لأحذرك، لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك، فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصًا تكريمًا لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان أعطاني مبلغاً من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجوا ألا تبوح بذلك فينفضح أمري».

الطباخ يحذره

ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ ببعض الإعياء أمام أصحاب الدعوة ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلًا: «هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف».

عبدالناصر والمنشاوي

وكان هناك العديد من المواقف التي أبرزت مدى اعتزاز الشيخ المنشاوي بالقرآن وتلاوته، لكن أبرزها ما تداولته الصحافة وذُكر في العديد من الكتب، مثل كتاب «أعلام الصعيد في القرن العشرين» لـ محمد عبدالشافي القوصى وكتاب «سفراء القرآن» لـ محمد عبدالعزيز، وكان ذلك الموقف هو رفض المنشاوي أن يكون له الشرف بحضور حفل عبدالناصر، وبأنه لرسول الزعيم أن الشرف لعبدالناصر أن يسمع القرآن بصوت المنشاوي.

رفض «المنشاوي» تلاوة القرأن بحفل أمام عبدالناصر

وعن تلك الواقعة قال محمود السعودي حفيد الشيخ الراحل أن الشيخ المنشاوي بالفعل استقبل مرسومًا جاء فيه أنه من المقرر تنظيم حفل، وسيكون له الشرف أن الرئيس عبد الناصر يحضر فيها، فكان رد الشيخ حينها «طب ليه ما يكونش الشرف للرئيس»، ومع ذلك ذهب إلى الحفل، أما الرواية الثانية فتأتي على لسان حفيد آخر هو علاء محمد نور، حيث ذكر خلال تصريحات سابقة لـ«الوطن»، بأن الشيخ جاءه رسول من الرئيس عبدالناصر، وأخبره أنه سيحظى بشرف حضور الرئيس لحفله، فرد الشيخ بالقول «الرئيس اختار أسوأ رسله»، واعتذر عن الحضور.

وعلى الرغم من إختلاف سرد الواقعة بين الحفيدين، إلا أن إثبات الواقع لا ينم إلا عن اعتزاز وفخر  الشيخ محمد صديق المنشاوي بالقرآن وبتلاوته، وبأن الشيخ محمد صديق المنشاوي كان متواضع وبسيط النفس.

وفي عام 1966 أصيب «المنشاوي» بمرض دوالي المريء وعلى الرغم من مرضه وتدهور حالته الصحية ظل يقرأ القرآن حتى رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 20 يونيو عام 1969.

تعليقات القراء