مدفع الإفطار .. قذيفة مدفعية إنطلقت من القاهرة ووصلت حتى البوسنة في أوروبا ..صور للمدفع الشهير في أكثر من دولة .. أشهر الروايات عن أشهر مدفع في التاريخ

الموجز

مدفع الإفطار اضرب .. أشهر الجمل التي ارتبطت بالشهر الكريم .

وقد تعددت الروايات التي تحكي قصة هذا التقليد ، المصري الأصيل .

والذي خرج من القاهرة لبقية دول العالم الإسلامي ، ليصبح تقليداً رمضانياً بطعم مصري .

عهد الخديوي إسماعيل

من أقوى الروايات التي تتردد أن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدر الملك فاروق فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية، وارتبط اسم المدفع باسم الأميرة.

جبل المقطم

وفي عام 1853 طل المدفع من فوق أسوار قلعة صلاح الدين، لتذكير أكبر عدد من سكان القاهرة بموعد الإفطار، ثم أمر الخديوي بعد ذلك بسنوات بوضعه فوق جبل المقطم حتى يسمعه أكبر عدد من سكان القاهرة.

ويقول الدكتور عبد المقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن مدفع الإفطار موضوع طيب وفي نفس الوقت يحمل في داخله معنى الطرافة.

محمد علي باشا 

وتابع: "بالطبع قبل أن يضرب هذا المدفع لم يكن هناك مدفع للإفطار لكن ما حدث أنه مع التقدم العلمي واختراع المدفعية قام محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية في مصر بشراء بعض المدافع اللازمة في الجيش المصري".

وأوضح باشا في تصريح لـ"الوطن"، أن مقر الحكم كان في قلعة صلاح الدين الأيوبي وبالتالي كان محمد علي يقيم في القلعة وأمر بعض جنوده بتجربة هذه الآلة الجديدة التي قام بشراء العديد منها، فقام الجنود بإطلاق المدفع وتصادف إطلاقه مع أذان المغرب في رمضان تماما فأفطر الناس.

 

السلطان المملوكي "خشقدم"

هناك رواية تقول إنه عند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي "خشقدم" أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، ظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار، ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.

المماليك لم يستخدموا المدافع في معاركهم على الإطلاق 

لكن الدكتور عبد المقصود باشا نفى صحة هذه الرواية، مؤكدا أن المماليك لم يستخدموا المدافع في معاركهم على الإطلاق، حيث هزموا بقيادة السلطان قنصوة الغوري أمام الجيش العثماني بقيادة السلطان سليم الأول في معركة مرج دابق في بلاد الشام، لأن العثمانيون استخدموا المدافع والبنادق وحققوا انتصارا كبيرا، لافتا إلى أن المماليك أرسلوا رسالة للعثمانيين قالوا فيها "قاتولنا كما كان يقاتل رسول الله صلى الله وسلم" أي بالسيوف.

تحذير هيئة الآثار 

وتوقف المدفع عن العمل في عام 1987 بسبب تحذير هيئة الآثار في ذلك الوقت من تأثير صوت المدفع على أسوار القلعة والمباني الأثرية.

المؤرخ العراقي علي النشمي

بدأت قصة المدفع من القاهرة في مطلع القرن التاسع عشر، عندما كانت مصر تخضع للدولة العثمانية تحت ولاية محمد علي باشا، كما يروي المؤرخ العراقي علي النشمي.

ويضيف النشمي أن أفراد الجيش المصري كانوا يتدربون على استخدام المدفعية، وبعد انتهاء التدريب كان من المفترض إجراء إطلاق مدفعي تجريبي.

تأخرت عملية الإطلاق لتتزامن مع موعد الإفطار في مغرب اليوم الأول من رمضان.

انطلق المدفع مع أذان المغرب وكانت العملية خارج مدينة القاهرة وتوقع المصريون أن الإطلاق كان إشارة من الدولة عن موعد الإفطار.

وفي المساء، حضر عدد من وجهاء تلك المنطقة (التي حصل فيها إطلاق المدفع) ليشكروا الباشا محمد علي، الذي لم يكن يعلم تفاصيل الموضوع واكتفى بالابتسامة.

وبعد توضيح مستشاريه تفاصيل الموضوع، أمر محمد علي بإطلاق قذيفة مدفع عند موعد أذان المغرب في كل أيام رمضان، كنوع من الإعلان، إذ لم تكن توجد في تلك الفترة مكبرات صوت في الجوامع.

وأمر علي بتوسيع عملية إطلاق مدفع إفطار رمضان في المدن المصرية.

وانتشر بعدها مدفع رمضان في معظم الدول الإسلامية، خصوصا التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية.

مدفع رمضان العراق

​مدفع رمضان العراقي

في المنطقة الواقعة بين جسري السنك والجمهورية، كانت تطل فوهة مدفع الإفطار المنتصب في جانب الرصافة على نهر دجلة حتى عام 2003.

كانت وزارة الدفاع تكلف رعيلا من فصيل المدفعية بموجب كتاب من رئاسة الجمهورية بتنفيذ إطلاقة الفطور، التي تستخدم فيها قذيفة خلب (صوتية).

وكان الرعيل المدفعي ينصب خيمة على مدى أيام رمضان ليبقى مقيما إلى جانب المدفع بشكل مستمر على مدى أيام الشهر.

يقول المؤرخ النشمي إن تقليد مدفع رمضان وصل إلى العراق في نهاية القرن التاسع عشر.

لكنه توقف بعد عام 2003، "بسبب الوضع الأمني في البلاد وتواجد القوات الأميركية، ما جعل الحكومة العراقية تمتنع عن ممارسة هذا التقليد"، وفقا للنشمي.

ويضيف "كما أن لوجود عدد كبير من الفضائيات ومكبرات صوت في الجوامع، لم يعد وجود المدفع ضروريا للإعلان عن موعد الفطور".

دول حافظت على التقليد

مدفع الإفطار انقرض في عدة دول وليس في العراق فقط، فيما لا تزال دول أخرى تحتفظ بهذا التقليد، من بينها الإمارات والبحرين والسعودية وفلسطين وتونس والمغرب وتركيا والبوسنة وعمان ولبنان والأردن واليمن والكويت

مدفع الإفطار في البوسنة

مدفع رمضان الكويت 

تعليقات القراء