كيف نستقبل رمضان
ما هي إلا أيام قلائل حتى تكتمل دورة الفلك، ويشرف على الدنيا هلال رمضان المبارك الذي تهفو إليه نفوس المؤمنين، وتتطلع شوقًا لبلوغه.
إن رمضان فرصة لا يُفوِّتُها إلا متهاون مغبون، ولا يزهد فيها إلاّ جاهل محروم، أما من أنار الله قلبه، ونقّى فؤادَه؛ فتراه يستعد لرمضان قبل أن يلقاه، وتكتحل برؤيته عيناه، لكن يبقى السؤال الأهم، ونحن على مشارف أبواب رمضان: بم ينبغي أن نستقبل شهر الفضائل والمكرمات؟
وللإجابة أطلب منك أن تدنو قليلًا، لا أقصد بجسدك؛ بل بقلبك؛ لنقرع فؤادك بهذه الهمسات التي تستعين بها في استقبال شهر رمضان:
يفضل للإنسان أن يقدّمَ بين يدي رمضان صيام شعبان أكثره؛ تأسيًا بنبيه -ﷺ- الذي دأبَ على ذلك حتى قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما رأيت رسول الله -ﷺ- استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان" [رواه البخاري:1969، ومسلم:1156].
ينبغي أن تستقبل رمضان بالفرح والسرور، والحفاوة والتكرم، فهذا شهر اختاره الله لفريضة الصيام، ومشروعية القيام، وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغلُّ فيه الشياطين، وتضاعف فيه الحسنات، وترفع الدرجات، وتغفر الخطايا، والسيئات.
ينبغي أن تستقبَل رمضان بالمبادرة إلى التوبة من الذنوب صغيرها، وكبيرها، والإكثار من الطاعات دِقِّها وجِلِّها، فهذا زمان التوبة.
ينبغي أن تستقبله بالتّشمير عن سواعِد الجدّ في استباق الخيرات، وبعقد العزم على اغتنام فرصته في تزكية النفس وتهذيبها، وإلزامها بسلوك الجادّة، وقطع الصّلَة بماضي الخطايا، وسابق الآثام، وانتهاج السبيل الموصِل إلى رضوان الله -عز وجل-، والحظوَة عنده بالدرجات العُلى، والنعيم المقيم.
وتيقَّن أن في استقبال شهر الصوم تجديدًا لطيف الذكريات، وعهود الطهر، والصفاء، والعفة، والنقاء، له في نفوس الصالحين بهجة، وفي قلوب المتعبدين فرحة.
كم في نفوسنا من شهوةٍ وهوى، وفي صدورنا دوافع غضبٍ، وانتقام، وفي الحياة تقلب في السراء والضراء، وفي دروب العمر خطوب ومشاق، ولا يُدَافع ذلك كله إلا بالصبر، والمصابرة، ولا يُتَحمّل العناء إلاّ بصدق المنهج، وحسن المراقبة، وما الصوم إلا ترويض للغرائز، وضبط للنوازع.
نسأل الله -تبارك وتعالى- بمنِّه وكرمه أن يبلغنا رمضان، وأن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يعتق رقابنا من النيران.
المصدر: موقع رمضانيات