ليست غزة وأوكرانيا فقط.. العالم على صفيح ساخن: هذه هي الصراعات المسلحة في عام 2023

الموجز - شريف الجنيدي   

كشفت وكالة "بلومبرج" أن هناك 183 صراعا مسلحا إقليميا في العالم عام 2023، ليعد الرقم الأعلى منذ 30 عاما.

جاء ذلك فيما نقلته "بلومبرج" عن المراجعة السنوية للصراعات التي أعدها ونشرها المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية The International Institute for Strategic Studies IISS.

ورسمت الدراسة صورة قاتمة لتصاعد العنف والحروب بشكل كبير حول العالم وهو ما يحول دون حدوث السلام في العديد من المناطق بحلول عيد الميلاد المقبل، أو حتى مع الربع الأول في عام 2024.

وعلى الرغم من أن العالم ليس مهدداً بحرب كبرى، على الأقل حتى هذه اللحظة، مثل تلك التي اندلعت في الفترة من 1914 إلى 1918 ومن عام 1939 إلى عام 1945، فإن التوترات آخذة في الارتفاع، وخاصة بين الولايات المتحدة والصين.

حروب وصراعات

وأشارت الدراسة إلى ازدياد ثقة بوتين بالانتصار في حربه على أوكرانيا، خاصة مع التراجع الملحوظ للدعم الشعبي الأمريكي والأوروبي لكييف، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حرة المقاومة الفلسطينية "حماس" على إسرائيل.

وأضافت أن أي احتمال لحل الصراع يجب أن يتوقف على حصول كييف على "ضمانات أمنية تضمن سلامة أراضي أوكرانيا في المستقبل ضد العدوان الخارجي".

من ناحية أخرى، قالت الدراسة إنه من غير المعروف إلى أي مدى قد يكون الرئيس الصيني شي جين بينج على استعداد لتوسيع نفوذه في بحر الصين الجنوبي، وفي المقام الأول تجاه تايوان.

كما يظل الخطر قائماً في أن يؤدي العدوان الإسرائيلي على غزة، في أعقاب عملية السابع من اكتوبر الماضي، إلى التعجيل بصراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.

وأشارت إلى أن هناك اشتباكات حدودية في مختلف أنحاء العالم، حيث استولت أذربيجان على منطقة ناجورنو كاراباخ، الأمر الذي أدى إلى نزوح أكثر من 100 ألف من سكانها الأرمن. ولا تزال التوترات مستمرة بين روسيا وجورجيا، بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب الداخلي في باكستان، في ظل توتر العلاقات مع الحكومة الهندية المناهضة للمسلمين إلى مستويات خطيرة.

وفي الوقت نفسه، يقول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن "أزمة المناخ المتسارعة لا تزال تعمل كعامل مضاعف للأسباب الجذرية للصراع ونقاط الضعف المؤسسية في البلدان الهشة".

وفي أحداث استطلاع للرأي، فقد تزايدت حدة الصراع على أساس سنوي، مع زيادة الوفيات بنسبة 14% وأحداث العنف بنسبة 28%. ويصف القائمون على الدراسة العالم بأنه “تهيمن عليه الصراعات المستعصية على نحو متزايد والعنف المسلح وسط انتشار الجهات الفاعلة والدوافع المعقدة والمتداخلة والتأثيرات العالمية وتسارع تغير المناخ”.

وتصنف اللجنة الدولية للصليب الأحمر 459 جماعة مسلحة تثير أنشطتها مخاوف إنسانية، ويعيش 195 مليون شخص تحت سيطرتها الكاملة أو الجزئية. وتمتلك أربعة أخماس هذه المجموعات هيمنة محلية أو إقليمية كافية لفرض الضرائب وتوفير قدر من الخدمات العامة. ولا يمتد أمر الحكومات الوطنية المعترف بها إلى مناطق كبيرة من مساحة اليابسة العالمية.

وأكدت الدراسة أن السياسات العدوانية المتزايدة التي تنتهجها دول مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وإيران تشكل أحد الأسباب الرئيسية لزوال العمليات التقليدية لحل الصراعات وصنع السلام، مشيرة إلى أن كثيراً ما تدعم هذه القوى الأنظمة الاستبدادية وتتجاهل المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي.

صراع في الأمريكتين

يقول الباحثون إن معظم الصراعات الإقليمية في القارة الأمريكية تنجم عن التنافس بين المجموعات الإجرامية، لا سيما في تجارة المخدرات، وتمارس تلك الجماعات مزيدا من السلطة تجاه الدولة في عدد من دول أمريكا الجنوبية والوسطى. وما يسمى بالحرب على المخدرات، التي تشنها عدد من الدول منذ عقود، ليس لها تأثير يذكر على الإنتاج أو سلاسل التوريد. وفي عدد من الأماكن، وفقا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، لم يكن الأمر سوى استفزاز للجماعات الإجرامية لتسليح نفسها بأسلحة فتاكة متزايدة، وأغلبها يتم تهريبها من الولايات المتحدة، حيث يمكن الوصول إلى الأسلحة بسهولة.

وأوضح الباحثون أن حجم العنف في المكسيك مرعب، إذ أنه في الـ 26 من يونيو من عام 2022، هاجم أفراد عصابات مدججون بالسلاح مجموعة من 10 من رجال الشرطة بالقرب من بلدة كولومبيا على الحدود الأمريكية، ما أسفر عن مقتل 6 وإصابة اثنين. وبعد شهرين، شنت جماعات الجريمة المنظمة هجمات منسقة على قوات الأمن في خمس ولايات مكسيكية مختلفة. وفي مناطق كبيرة من هذا البلد الشاسع، لا وجود لسيادة القانون.

وفي أوراسيا، هناك العديد من الصراعات مدفوعة بالنزاعات الإقليمية المتبقية منذ تفكك الاتحاد السوفييتي، وفي المقام الأول بسبب رفض موسكو قبول العواقب وهي "حق الدول المجاورة في السيادة والاستقلال".

وأكدت الدراسة أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا "تعيد تشكيل النظام الأمني ​​والاقتصادي الإقليمي والعالمي".

إفريقيا والشرق الأوسط

وأشارت وكالة "بلومبرج" إلى أن استطلاع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تم إعداده قبل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة قبل شهرين، لكنه يسجل التوترات المتزايدة التي يقودها المتطرفون الإسرائيليون في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن "هذه الدورات الجديدة من العنف في الأراضي المحتلة تثير التكهنات بانتفاضة فلسطينية جديدة”.

ومن غير المستغرب أن تظل أوكرانيا هي المكان الأكثر عنفا على كوكب الأرض، ولكن مع وجود عنف في أماكن أخرى مثل سوريا والبرازيل وميانمار والمكسيك والعراق وفلسطين ونيجيريا والصومال واليمن وأفغانستان وغيرها.

وفي نيجيريا، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص بسبب أعمال العنف، وأكثر من 9000 شخص في الصومال، وأسفرت هذه الحروب عن العديد من اللاجئين: أكثر من 6 ملايين في سوريا، و5 ملايين في أفغانستان، ومليون في ميانمار.

وعن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فإن هناك أكثر من 70 ألف فرد يتواجدون في مناطق الصراع، معظمهم في أفريقيا والشرق الأوسط، ولا سيما جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. كما تم نشرهم منذ عقود في قبرص وجنوب لبنان. بلغ إجمالي عمليات نشر الأمم المتحدة ذروته عند 100 ألف بين عامي 2014 و2017.

"الفيتو" لاستمرار الصراعات

وأشارت الدراسة إلى أنه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تستخدم كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة مراراً وتكراراً حق النقض "الفيتو" ضد الأهداف المعلنة لبعضها البعض، أو على الأقل تدفع كل منها الأخرى إلى التخلي عن أي احتمال للحصول على التفويض في موقف معين، وأبرزها أوكرانيا.

وأكدت أن الدول الاستبدادية "ترفض رفضاً قاطعاً المبدأ القائل بأن للأمم المتحدة الحق في التدخل في الدول التي يتم فيها انتهاك حقوق الإنسان".

ولفتت إلى أن هناك ضغوط متزايدة لأن يقوم أفراد من الاتحاد الإفريقي - الذين يتم تمويلهم من قبل الأمم المتحدة - بمهام قوات حفظ السلام.

وحذرت الدراسة من أنه ما لم تصبح التوترات بين القوى العظمى أقل هيمنة على الساحة الجيوسياسية ــ وهو تطور غير مرجح ــ فإن قدرة الأمم المتحدة على التدخل بفعالية في الصراعات سوف تستمر في الانحدار.

تعليقات القراء