تجارة أعضاء وجلود بشرية.. إسرائيل تسرق جثث الشهداء الفلسطينيين.. فعل غير إنساني وراءه جرائم بشعة (تقرير)

الموجز - شريف الجنيدي 

لم تكتف إسرائيل من إسقاط أطنان من القنابل على الشعب الفلسطيني، واستهداف الآلاف من سكان غزة العزل غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير القطاع وتحويله إلى كومة كبيرة من الركام والأنقاض، بل أن ممارساتها المسكوت عنها وغير المعروفة تخطت جميع التصورات وفاقت كل الحدود.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، خرجت بعض التصريحات المثيرة والغامضة من قبل بعض الصحفيين والمسئولين في غزة عن سرقة جثامين شهداء فلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يثير التساؤلات عن الأسباب وراء تلك الأفعال غير الإنسانية والتي تؤجج الغضب العربي والعالمي - بلا شك - تجاه إسرائيل وسياستها الإجرامية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وقبل نحو 10 أيام، كشف الصحفي الفلسطيني، وسام نصار، والذي يعمل على رصد انتهاكات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، أن القوات الإسرائيلية نبشت في القبور الجماعية في مجمع الشفاء الطبي، وسرقت جثامين الفلسطينيين.

لكن ما السر وراء مثل هذه الأفعال البشعة؟

يقول موقع "جوردان نيوز" أن إسرائيل تمتلك "أكبر بنك جلدي في العالم"، وهو عبارة عن منشأة طبية تقوم بتخزين جلد الإنسان لاستخدامه لاحقاً في علاج الحروق وسرطان الجلد.

ووفقا للموقع، في تقرير لها، فإنه تم تأسيس هذا البنك في عام 1986 تحت إشراف القطاع الطبي العسكري التابع لجيش الاحتلال، والذي يقدم خدماته دوليا، وخاصة للطلبات الواردة من الدول الغربية.

وأضاف التقرير أن هذا البنك الإسرائيلي يختلف عن البنوك الأخرى في جميع أنحاء العالم من حيث أن إمداداته من هذه الأعضاء الحيوية لا تأتي فقط من المتبرعين الطوعيين، وبدلا من ذلك، تم تسجيل حالات موثقة لسرقة جلود من أجساد الفلسطينيين، الذين سرقت أعضاؤهم أيضا.

وأشار إلى أن البنك يحتوي على نحو 170 مترا مربعا من الجلود البشرية تم انتزاعها من أجساد شهداء فلسطينيين ومهاجرين وعمال أجانب في إسرائيل.

وأكد أن هناك أدلة دامغة على تورط إسرائيليين في الاتجار بالأعضاء المسروقة، مما يجعل إسرائيل أكبر سوق للأعضاء البشرية في الشرق الأوسط.

من أين حصلت إسرائيل على هذا المخزون؟

وصرح أنس أبو عرقوب، الخبير في الشأن الإسرائيلي، بأن "بنك الجلود البشرية الإسرائيلي هو الأكبر في العالم، متفوقا على بنك الجلود الأمريكي الذي أنشئ قبله بأربعين عاما"، منوها بأن "عدد سكان إسرائيل أقل بكثير من عدد سكان الولايات المتحدة".

وأكد "عرقوب" أن سرقة الأعضاء من جثث الفلسطينيين ليست مجرد شبهات، قائلا "حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية تعترف بأنها عملية انتزاع دون علم أهالي الشهداء".

وأشار "عرقوب" إلى أن إسرائيل تحتل المرتبة الثالثة في رفض سكانها التبرع بالأعضاء، بسبب المعتقدات الدينية اليهودية، لكن في الوقت ذاته بنك الجلود الإسرائيلي هو الأكبر على مستوى العالم.

جثث بدون أعضاء

وذكر التقرير أنه في عام 2001، نشر الصحفي الاستقصائي السويدي، دونالد بوستروم، تحقيقا فاضحا كشف خلاله سرقة أعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين والاتجار بها من قبل جهات إسرائيلية.

وفي عام 2009، نشر "بوستروم" تحقيقا آخر حول نفس الموضوع على صفحات مجلة "أفتونبلاديت" السويدية، كشف خلاله أن وزارة الصحة الإسرائيلية أطلقت حملة وطنية لتشجيع التبرع بالأعضاء في عام 1992، لكن استمرت فجوة كبيرة بين العرض والطلب على التبرع بالأعضاء.

وأشار التحقيق إلى أنه وبالتزامن مع تلك الحملة، بدأت حالات اختفاء عدد من الشباب الفلسطيني، ليعودوا بعد ذلك في توابيت مغلقة. وأجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ذويهم على دفنهم ليلاً دون تشييع.

وتوجه الصحفي "بوستروم" لمقابلة أهالي الشهداء الذين أكدوا سرقة أعضاء أبنائهم قبل مقتلهم، من بينهم نجل الشهيد بلال أحمد غنان الذي كان يبلغ من العمر 19 عاماً عندما اعتقله جيش الاحتلال في قرية أم التوت بالضفة الغربية عام 1992، و"عاد بجسد بلا أعضاء داخلية، من الرقبة وحتى أسفل البطن".

ولفت التحقيق إلى السلطات الطبية الإسرائيلية لم تنف تعرض بلال أحمد غنان للتعذيب وسرقة أعضاءه، مضيفا أن عائلة الشهيد لم تتلق أي تفسير أو اعتذار أو تعويض عما حدث.

اعترافات إسرائيلية

وفي فيلم وثائقي عن القضية المثيرة للجدل صدر عام 2009، كان هناك اعترافات من المدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي، يهودا هيس، الذي أكد سرقة أعضاء من جثث فلسطينيين في المعهد.

وقال هيس: "أخذنا القرنيات والجلد وصمامات القلب والعظام... كل شيء تقريبًا تم بشكل غير رسمي إلى حد كبير... ولم يتم طلب الإذن من العائلات".

وفي السياق، ذكرت عالمة الأنثروبولوجيا ميراف فايس، في دراستها حول التعامل مع جثث الفلسطينيين في مركز أبو كبير للطب الشرعي في تل أبيب، والمنشورة في كتاب بعنوان "على أجسادهم"، أنها شهدت "كيف يأخذون الأعضاء من أجساد الفلسطينيين ويتركون جثث جنود الجيش الإسرائيلي سليمة".

وأضافت "ميراف": "يأخذون القرنيات والجلد وصمامات القلب بطريقة تجعل غياب تلك الأعضاء غير ملحوظ لغير المختصين، ويستبدلون القرنيات بأجسام بلاستيكية، ويزيلون الجلد من الخلف حتى لا يثير انتباه العائلات، بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام جثث الموتى في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لأغراض بحثية".

وأضافت عالمة الأنثروبولوجيا أنه "في الانتفاضة الأولى، سمح الجيش فعلياً للمعهد باستخراج الأعضاء من الفلسطينيين بموجب إجراء عسكري يتطلب تشريح جثث السجناء الفلسطينيين. وكانت عملية التشريح مصحوبة بإزالة الأعضاء التي يستخدمها بنك الجلد الإسرائيلي، والذي أنشيء في عام 1986 لعلاج الحروق التي أصيب بها جنود الاحتلال."

الإتجار بأعضاء الشهداء الفلسطينيين

وذكر التقرير أن إسرائيل تعد أحد أكبر أسواق الاتجار بالأعضاء البشرية في العالم، حيث كشفت تقارير إعلامية أن إسرائيل متورطة في "قتل الفلسطينيين لسرقة أعضائهم الداخلية بطريقة غير مشروعة والمتاجرة بها ضمن شبكة دولية غير قانونية."

وأفاد التقرير بأنه في عام 2009، قام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) باعتقال مستوطنًا إسرائيليًا يُدعى ليفي إسحاق روزنباوم، وتبين من التحقيقات معه أنه قام بدور الوسيط في عمليات بيع الأعضاء في الولايات المتحدة لصالح خلية إجرامية يقودها حاخامات وسياسيون ومسؤولون حكوميون في إسرائيل.

ورجح الصحفي دونالد بوستروم في تحقيقه وجود علاقة بين هذه الشبكة وعمليات سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين التي تجري في تل أبيب.

ويقول "بوستروم" في هذا الصدد: "إن نصف الكلى المزروعة للإسرائيليين منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تم شراؤها بشكل غير قانوني. والسلطات الصحية الإسرائيلية لديها معرفة كاملة بهذا النشاط لكنها لا تفعل شيئا حياله".

وفي عام 2016، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرا عن اعتراف إسرائيل بفقدان العشرات من جثث الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة تصريحات لمصادر في الأجهزة القضائية والأمنية الإسرائيلية حول فقدان 121 جثة لفلسطينيين تحتجزهم سلطات الاحتلال منذ التسعينيات.

السرقة مستمرة

وفي أعقاب الكشف عن فضيحة سرقة الأعضاء في عام 2009، حاولت الحكومة الإسرائيلية التهرب من التهم الموجهة إليها.

وأصدرت المتحدثة باسم وزارة الصحة الإسرائيلية آنذاك، إيناف شمرون غرينبويم، بيانا زعمت فيه أن "الممارسة المذكورة في التحقيق قصة قديمة انتهت منذ سنوات".

ولا تزال الشكوك تحوم حول استمرار هذه الممارسات غير الأخلاقية التي تنتهك حقوق الإنسان، وما يدل عليه هو استمرار سلطات الاحتلال في احتجاز عشرات جثث الشهداء الفلسطينيين، مبررة ذلك بأنه "إجراء عقابي".

ووفقا لـ عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، فإن إسرائيل لا تزال تحتجز أكثر من 370 جثة لجثث فلسطينية وعربية ماتت في ظروف مختلفة وسنوات متباعدة.

وأضاف "فراونة" أن "قائمة هؤلاء الشهداء المعتقلين تشمل أفراداً توفوا منذ السبعينيات وحتى عام 2023 تقريباً".

تعليقات القراء