المشاكل الاقتصادية تقف في طريق حكم «أردوغان الاستبدادي»
الموجز
ترى مديرة مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن أنه منذ الانتخابات الرئاسية التركية في مايو الماضي، أعرب محللون غربيون عن أملهم في أن يخفف الرئيس، رجب طيب أردوغان، من أسلوب حكم الرجل القوي الذي ينتهجه. وغذى تفاؤلهم العديد من الخطوات التي اتخذها أردوغان، بما في ذلك تعيين تكنوقراط مؤيدين لسياسات السوق الحر في فريقه الاقتصادي، واستبدال وزير الداخلية المتشدد، وتخفيف الخطاب المناهض للغرب، والتعبير عن الدعم لعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك "تهدف كل هذه التحركات إلى تعزيز حكم الرجل الواحد لأردوغان، ويساعده الغرب".
لقد جلب التعديل الوزاري الذي أجراه أردوغان تكنوقراط، لكنه أدى أيضا إلى تهميش المنافسين المحتملين - وعلى رأسهم سليمان صويلو، وزير الداخلية السابق القومي المتعصب والمناهض للغرب، والذي كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه "الرجل الثاني" للنظام. وبعد الانتخابات، أبعده أردوغان وبدأ في تطهير البيروقراطية التركية من الموالين لصويلو، وفق الكاتبة.
وكان خلوصي أكار، وزير الدفاع السابق، خليفة محتملا آخر. وكان أكار، رئيس هيئة الأركان العامة خلال محاولة الانقلاب ضد أردوغان عام 2016، قد صعد إلى الصدارة كوزير للدفاع بعد محاولة الانقلاب.
"لكن مصير أكار تحدد بسبب شعبيته المتزايدة، وانتقاده المستتر لقرار أردوغان عدم نشر قوات في المناطق التي ضربها زلزال مدمر في فبراير وبعد فترة وجيزة من الانتخابات، تم استبداله أيضا بشخصية غير بارزة".
وترى الكاتبة أن اختيار أردوغان لوزير الدفاع، والتعيينات الجديدة في القيادة العسكرية العليا تشير إلى أنه يشدد سيطرته على المؤسسة، التي كانت ذات يوم أقوى مؤسسة في تركيا.
"وتستمر جهود أردوغان لقمع معارضيه بلا هوادة. ولا يزال ألد منافسيه السياسيين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين في السجن، على الرغم من أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وتشير الكاتبة إلى أنه بعد فوز أردوغان في الانتخابات بدأت إحدى المحاكم النظر في قضية ضد أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول المعارض الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بتهمة التلاعب في المناقصات. وبعد إدانته العام الماضي بتهمة "إهانة موظف عام"، مُنع إمام أوغلو فعليا من الترشح ضد أردوغان في انتخابات الرئاسة. ويواجه الآن عقوبة السجن المحتملة والحظر السياسي إذا ثبتت إدانته.
ومع تشديد أردوغان قبضته، انهارت المعارضة غير الموحدة وسط الاقتتال الداخلي الذي أعقب الانتخابات. ويقاوم كمال كليجدار أوغلو، الذي خسر أمام أردوغان في مايو، الدعوات للاستقالة من زعامة حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وترى الكاتبة أن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها تركيا هي، وحدها، التي تقف في طريق جهود أردوغان لتعزيز حكمه الاستبدادي.
وبدلا من الإصلاحات الهيكلية التي يحتاجها الاقتصاد، يسعى أردوغان إلى حلول سريعة.
"وللإشارة إلى تغيير في المسار، قام بتعيين محمد شيمشك، وزير المالية المؤيد للسوق، لقيادة الاقتصاد. وإلى حد ما، يبدو أن تحركات أردوغان تؤتي ثمارها. ويعود المستثمرون الأجانب ويخطط البنك الدولي لمضاعفة دعمه لتركيا إلى 35 مليار دولار، بما في ذلك الإقراض المباشر للحكومة. وتشكل هذه الأموال شريان حياة لأردوغان، دون إجراء إصلاحات ذات معنى في المقابل".
وتدعو الكاتبة من يهتمون بالديمقراطية في تركيا ألا ينخدعوا بتحركات أردوغان التكتيكية، معتبرة أن ما قد يبدو وكأنه اعتدال هو في الواقع المرحلة الأخيرة في توطيد حكم الرجل القوي لأردوغان.
واختتمت: "مع اقتراب الجمهورية التركية من الذكرى المئوية لتأسيسها الشهر المقبل، فإنها تمر بمنعطف حرج في رحلتها المتعرجة نحو الديمقراطية الغربية. وسيكون من المفارقة المحزنة أن نرى الغرب متواطئا في ترسيخ الاستبداد في تركيا".