وسط الدمار والخراب.. بابا الفاتيكان يوجه رسالة من الموصل: "الأخوة أقوى من صوت الكراهية"


 

قال البابا فرنسيس، الأحد، في مدينة الموصل شمالي العراق، إن تناقص أعداد المسيحيين في العراق وشتى أنحاء الشرق الأوسط، ضرر جسيم لا يمكن تقديره.

ودعا البابا في كلمة ألقاها في ساحة حوش البيعة وأمام كنيسة مدمرة في الموصل، المسيحيين إلى العودة إلى المدينة قائلا: "الأمل في المصالحة لا يزال ممكنا ونرحب بدعوة المسيحيين للعودة إلى الموصل ونرفع صلاتنا من أجل جميع ضحايا الحرب".
وأردف: "نؤكد قناعتنا بأن الأخوّة أقوى من صوت الكراهية والعنف"، مضيفا "يجب تجاوز الانتماءات الدينية للعيش بسلام ووئام".

وأوضح "ملامح الحرب واضحة بالموصل، من المؤسف أن بلاد الحضارات تعرضت لهذه الهجمة الارهابية".


كم مرة غيرت قلعة أربيل التاريخ.. وكيف فعلت ذلك؟

وتمت مراسم الكلمة في ساحة يلفها الدمار من كل حد، بعد أن دمر داعش 14 كنيسة في المدينة، منها 7 تعود إلى القرون الخامس والسادس والسابع، كما لا توجد ملاعب في المدينة بسبب الدمار الهائل الذي لحق بها.

بينما زغردت النساء وأُطلق سراح حمامة بيضاء في إشارة إلى السلام، افتتح فرانسيس نصبًا تذكاريًا للموتى في اليوم الأخير من زيارته للعراق.

وبعدما أنهى الحبر الأعظم كلمته، ترأس البابا صلاة على أرواح ضحايا الحرب.

وبكلمات مترجمة إلى العربية، صلى فرانسيس: "إذا كان الله هو إله الحياة - فهو كذلك - فمن الخطأ أن نقتل إخوتنا وأخواتنا باسمه. إذا كان الله هو إله السلام - فهو كذلك - فمن الخطأ أن نشن الحرب باسمه. إذا كان الله هو إله المحبة - فهو كذلك - فمن الخطأ أن نكره إخوتنا وأخواتنا".

وختم الصلاة قائلاً: "نعهد إليكم بكل من قطعت حياتهم على الأرض بفعل عنف إخوتهم وأخواتهم. كما نصلي من أجل كل من تسبب في مثل هذا الأذى لإخوانهم وأخواتهم. عسى أن يتوبوا، متأثرين بقوة رحمتك".

ترحيب كبير بالبابا

ورحب زعماء مسيحيون ومسلمون في الموصل بزيارة البابا فرانسيس للمدينة العراقية التي دمرتها الحرب ودعوا المسيحيين الذين فروا من هجوم تنظيم الدولة الإسلامية إلى العودة.

في مشهد مؤثر لم يكن من الممكن تخيله قبل بضع سنوات فقط، صعد البابا منصة في ساحة مدينة محاطة بالكنائس التي تعرضت للقصف والمباني الأخرى لإيصال رسالة سلام ووحدة.

شارك القس رائد كالو، الكاهن الوحيد في ثاني أكبر مدن العراق، قصته بين الحشد وأمام البابا. فر معظم أتباعه من 500 عائلة مسيحية عندما اجتاح تنظيم داعش المدينة في يونيو 2014.

لكنه قال إنه عاد قبل ثلاث سنوات، بعد أن هزمت القوات العراقية والدولية المتطرفين في حملة شاقة تركت معظم المدينة في حالة خراب. قال: "استقبلني إخواني المسلمون بعد تحرير المدينة بحفاوة وحب شديدين".

لكنه قال إن حوالي 70 عائلة مسيحية فقط تقيم في الموصل اليوم. يخشى الباقون العودة وهاجر الكثير منهم إلى الخارج.

كما خاطب الحشد أيضا قتيبة آغا، وهو مسلم ورئيس المجلس الاجتماعي والثقافي المستقل لأهالي الموصل. في كلمات رحب بها بفرانسيس، قال: "باسم المجلس، أدعو جميع إخوتنا المسيحيين للعودة إلى هذه المدينة وممتلكاتهم وأعمالهم".

المحطة الأخيرة

وكان البابا وصل في اليوم الثالث من زيارته إلى العراق إلى مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، قبل أن ينتقل بطائرة مروحية إلى مدينة الموصل، حيث ألقى كلمته هناك.

وكان المدينة التي اجتاحها  تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، قد ازدانت بالأعلام والصور الترحيبية بالحبر الأعظم، في تعبير عن سعادة السكان زيارة البابا إليهم.

وبعد الموصل، سيتوجه البابا إلى مدينة قرقوش المسيحية قرب الموصل التي عانت من داعش.

ومحافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، حيث تعرّضت كنائسها وأديرتها الضاربة في القدم لدمار كبير على يد داعش .

وفي وقت لاحق، سيأم البابا قداسا في الهواء الطلق سيحضره الآلاف في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.

وكان البابا وصل العراق، الجمعة، في زيارة تاريخية إلى البلاد التي عانت كثيرا من الحروب والصراعات، التي عصفت بالمسيحييين في هذا البلد.

قرقوش.. المدينة العراقية التي تتحدث بلغة المسيح

بلدة قرقوش هي المحطة الثانية في زيارة البابا، الأحد، في محافظة نينوى شمال العراق، الذي وصله، الجمعة في زيارة تاريخية.

وتقع بلدة قرقوش على بعد 30 كيلومترا جنوب الموصل، عاصمة الإقليم، وللبلدة تاريخ سحيق في المسيحية.

واصطف سكان البلدة على جانبي الطريق لتحية رأس الكنيسة الكاثوليكية، الذي لوحه بيده للسكان من سيارة كانت تقله وسط موكب محاط بحراسة مشددة.

وكان البابا فرانسيس وصل في وقت سابق إلى مدينة الموصل، حيث ألقى كلمة أكدت على الأخوة وأنها أقوى من الكراهية، وترأس قداسا عن أرواح الذين قضوا في الحروب.

ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي من سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الغزو الأميركي للعراق.

وترتدي هذه المحطة من الزيارة أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، وقد تعرضت كنائسها وأديرتها التراثية العريقة لدمار كبير على يد التنظيم المتطرف.

تعليقات القراء