بعد معركة الإسماعيلية 1952.. 25 يناير عيد الشرطة المصرية.. قصة بطولة عمرها 68 عامًا

الموجز

تحتفل مصر يوم 25 يناير بذكرى الكرامة والعزة، بذكرى عيد الشرطة الـ68، حيث يخلد المصريون بطولات رجال الشرطة الذين خلدوا أسماءهم بحروف من نور في سجلات التاريخ المعاصر.

شهداء الشرطة أصبحوا أبطالا وضحوا بأرواحهم من أجل رفع راية مصر عالية، حيث رسمت معركة الإسماعيليية عام 1952 لوحة فنية تلاحمت فيها دماء "الشرطة والشعب" في أثناء تصديهم للعدوان، لتوضح للعالم أجمع بأن المصريين يد واحدة أمام العدوان الغاشم، ليصبح هذا اليوم عيداً يحتفل المصريون بكل طوائفهم وثقافتهم به كل عام. حسبما نشر موقع "أخبار اليوم".

فقبل 68 سنة من الآن، خرجت جموع الشعب المصري فى الإسماعيلية لاستقبال أبطال الشرطة في محطة السكة الحديد، وسط هتاف لا يتوقف لهم، بسبب شجاعتهم وصمودهم في وجه العدو، بعد معركة الإسماعيلية الشهيرة.

وبدأت قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 حيث قام القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

وكانت هذه الحادثة اهم الأسباب فى اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة أو التى كان يطلق عليها بلوكات النظام وقتها وهو ما جعل إكسهام وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حى العرب وحى الإفرنج ووضع سلك شائك بين المنطقتين بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.

هذه الأسباب ليست فقط ما ادت لاندلاع المعركة بل كانت هناك أسباب أخرى بعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز. حسبما نشر موقع "اليوم السابع".

وفى 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافى وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للانجليز كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء علية تماما لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952.

وبدأت المجزره الوحشية الساعة السابعة صباحا وانطلقت مدافع الميدان من عيار ‏25‏ رطلا ومدافع الدبابات ‏(السنتوريون‏)‏ الضخمة من عيار‏ 100‏ ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة‏.‏

وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات‏: لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة. واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء‏ الطاهرة. ‏

وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز ‏(لى إنفيلد‏)‏ ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة ‏56‏ شهيدا و‏80‏ جريحا، ‏‏ بينما سقط من الضباط البريطانيين ‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير‏ 1952.

ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏ لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا. وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏ وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى وتحتفى بها.


«الوطن أو الشهادة»

25 يناير من كل عام عيد للشرطة يخلد شهداء موقعة الإسماعيلية التي دارت رحاها عام 1952 بين «البوليس المصري» بأسلحة بدائية تقليدية واجه بها عدوا مدججا بأحدث الأسلحة، قبل المعركة أحضروا النية ورفعوا شعار «إما الوطن أو الشهادة» فلم يهنأ العدو المحتل حينها بتدنيس وطنهم بالاستسلام، إلا بعد أن مر على أجساد خضبت الأرض بدماء صارت علامة من علامات التاريخ ليواجه مقاومة شرسة غير متكافئة العدة والعتاد.

 

دماء رفضت إنذار العدو

في صباح 25 يناير كانت السماء تتجهز لاستقبال 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية، في ملحمة دخلوها اختيارا وليس اضطرارا، 130 من الأبطال بقسم شرطة الإسماعيلية واجهوا حصار قوات الاحتلال البريطاني  لمبني القسم الصغير، رفضوا الانصياع لإنذار عدو متغطرس لتسليم أسلحتهم الرحيل عن المنطقة، حيث كانون ضمن أقوى قوة استعمارية في العالم آنذاك «بريطانيا العظمى».

بندقية أمام دبابة

القوات البريطانية مدعومة بالدبابات والعربات المصفحة حاصرت قسم بوليس "شرطة" الإسماعيلية، ومبنى المحافظة في الإسماعيلية، بسبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق.

 

 

 

معركة الـ«ساعتين» 

بداية معركة ضارية ضرب فيها رجال البوليس البواسل مثالا للفداء والوطنية، فواجهوا قنابل ومدافع الإنجليز ببنادق عادية، واستمرت المعركة ساعتين كاملتين هاجم فيها الإنجليز قوة الشرطة الصغيرة بدباباتهم ونيران مدفعيتهم، بينما لم يمتلك الرجال سوى أرواحهم وبنادق قديمة، ولم يستطع الإنجليز ان يتقدموا خطوة واحدة بتسليحهم الهائل، إلا بعد سقوط 50 شهيدا و80 جريحا من رجال الشرطة البواسل، هم كل قوة القسم.

تحية عسكرية من العدو

لم يستطع الجنرال الإنجليزي إكسهام أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال وقتئذٍ‏:‏ "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا، وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريمًا لهم وتقديرًا لشجاعتهم‏ النادرة".

 

هذه الملحمة خلدتها مصر بعيد الشرططة، حيث أقرتها كإجازة رسمية في أول مرة بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك باعتباره إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة في حفظ الأمن والأمان واستقرار مصر واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك، وتم الإقرار به في فبراير 2009.

تعليقات القراء