بدأ بالقرن الماضي.. ما هو سبب نزاع أرمينيا وأذربيجان؟.. واتهامات لتركيا بالتدخل وبتهديد الأمن الدولي

الموجز

 

خلال يوم الأحد، شهدت منطقة "ناغورنو كاراباخ" (Nagorno-Karabakh) أعمال عنف بين الأذربيجانيين والأرمن أسفرت عن سقوط 16 قتيلا وإصابة العشرات ضمن تطور خطير أعاد للكثيرين ذكرى النزاع المسلح الذي اندلع بين الطرفين أواخر القرن الماضي واستمر لسنوات، متسببا في سقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى.

 



وعلى الرغم من أن الأرمن يشكلون 94% من نسيجها الديموغرافي، لا تزال منطقة ناغورنو كاراباخ محل نزاع بين أرمينيا وأذربيجان، حيث ترفض الأخيرة التخلي عن هذا الإقليم الجبلي الواقع بجنوب القوقاز.

 

انفصال وسلام فاشل

 

 

 

تعود أطوار أزمة هذا الإقليم للقرن الماضي، فقبيل سقوط دولة العثمانيين، انهار النظام القيصري في روسيا وتمكن البلشفيون من استلام زمام الأمور عقب ثورة تشرين الثاني/نوفمبر 1917.

 


تزامنا مع ذلك، أعلن الأرمن والأذربيجانيون والجورجيون إنشاء دولتهم المستقلة بالقوقاز والتي عرفت باسم الجمهورية الترانسقوقازية الديمقراطية الاتحادية.

 


في الأثناء، عرفت هذه الجمهورية الحديثة نهايتها بعد أسابيع، حيث اختلفت هذه الشعوب الثلاثة حول المبادئ والأهداف، فلجأت جورجيا لإعلان استقلالها يوم 26 أيار/مايو 1918 لتتبعها بعد ذلك كل من أرمينيا وأذربيجان اللتين أعلنتا انفصالهما بعد يومين فقط.


وبشكل سريع، اندلعت المواجهات المسلحة بين الأذربيجانيين والأرمن حول عدد من المناطق كانت من ضمنها كاراباخ، حيث تنازع الطرفان حينها على ترسيم الحدود بينهما.


تزامنا مع سقوط العثمانيين وهزيمتهم بالحرب العالمية الأولى، تمكنت القوات الأرمينية من الاقتراب من مدينة شوشا (Shusha) عاصمة منطقة كاراباخ، إلا أنها أجبرت على التوقف بعد طلب تقدم به البريطانيون وطالبوا من خلاله بحسم الأزمة في مؤتمر باريس للسلام.


أثناء مؤتمر باريس، اتجه المجتمعون للمطالبة بعقد صلح بين طرفي النزاع.

 

خريطة تبرز الاتحاد السوفيتي وجمهورياته

 

ومع انخفاض حدّة التوتر، تعكر صفو المفاوضات بشكل مفاجئ، حيث عمد الأذربيجانيون للقيام بعملية تطهير عرقي بشوشا أثناء شهر آذار/مارس 1920، أسفرت عن مقتل المئات من الأرمن، وأعادت للجميع ذكرى مذابح الأرمن التي قادها الأتراك بالحرب العالمية الأولى وأسفرت عن مقتل نحو 1.5 مليون منهم.

أزمة بسبب ستالين والاتحاد السوفيتي

 

بحلول شهر نيسان/أبريل 1920، اجتاحت القوات السوفيتية المنطقة، وضمت كلاً من أرمينيا وأذربيجان لممتلكاتها، جاعلة منهما جمهوريتين سوفيتيتين، وأوكلت جانبا هاما من أمور هذه المنطقة لمفوض الشعب لشؤون القوميات حينها جوزيف ستالين.


إثر ذلك، عرف النزاع الأرميني الأذربيجاني نهاية مؤقتة، لكن بالتزامن مع كل هذه الأحداث، صوت المسؤولون السوفيت في البداية لضم منطقة كاراباخ لأرمينيا، بسبب احتوائها على 94% من الأرمن، إلا أنهم سرعان ما تراجعوا عن ذلك وفضّلوا تطبيق مصطلح "فَرِّق تَسُدْ" عن طريق إبقائها تحت سيطرة أذربيجان أملا في الحفاظ على التوتر بين الطرفين وإلهائهما عن الاهتمام بقضايا ومشاكل الاتحاد السوفيتي.


عودة التوتر

مع تولي ميخائيل غورباتشوف (Mikhail Gorbachev) زمام الأمور وقرب انهيار الاتحاد السوفيتي، مرر الأرمن بكاراباخ مشروع قرار يقضي بانضمامهم لجمهورية أرمينيا.

وتزامنا مع تفكك الاتحاد السوفيتي لم تتردد هذه المنطقة التي تمتعت بحكم ذاتي في إعلان انفصالها عن أذربيجان لتندلع حرب طاحنة بين أرمينيا وأذربيجان حول كاراباخ أسفرت عن سقوط أكثر من 30 ألف قتيل وجريح وتشريد عشرات الآلاف الآخرين قبل أن تعرف نهايتها بفضل اتفاق وقف نار ساهمت فيه بشكل رئيسي منظمة مينسك التي ظهرت مطلع التسعينيات لإيجاد حل للأزمة الأرمينية الأذربيجانية.


اتهامات لتركيا

 


وقال رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في حديث لـ"واشنطن بوست" Washington Post، نقلته وكالة "أرمنبرس": إن تركيا تخلق حالة من عدم الاستقرار في جوارها في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط والآن جنوب القوقاز.

وأضاف أن تركيا تشكل تهديدا متزايدا للأمن العالمي.

وقال إن تركيا تساعد أذربيجان بطائرات بدون طيار وقوات مرتزقة من سوريا، بالإضافة لطائرات إف-16 منذ اندلاع الصراع يوم الأحد الماضي.


باشينيان قال: "تحدثنا مع كبار المسؤولين من دول الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا، لكن حتى الآن لم يكن هناك تقدم واضح نحو وقف إطلاق النار أو مفاوضات التسوية".

وأضاف أن الهجوم الأذربيجاني المدعوم من تركيا على أرمينيا نفسها "أصبح الآن حقيقة واقعة" بقصف منطقة فاردينيز- شرق العاصمة يريفان.

ووصف ما يحدث اليوم بأنه "إعلان حرب ضد الشعب الأرميني".

وأضاف: "بلادنا تواجه تهديدا وجوديا بسبب الصراع التاريخي بين تركيا وأرمينيا"، مشيراً إلى أن أرمينيا فقدت "العشرات" من القتلى وأصيب نحو 200 منذ بدء القتال.

وقال إن الأذربيجانيين فقدوا عدة مئات من القتلى بالإضافة إلى أكثر من 100 دبابة وبعض المروحيات ومعدات أخرى.

القوات الأرمينية صدّت الهجمات على كل من ناغورنو كاراباخ وأرمينيا و"آمل الآن أن يفهم الرئيس الأذربيجاني أنه لا يوجد حل عسكري للقضية".

 

تعليقات القراء