أحمد عبد الجواد يكتب: الكل والواحد
حرية الثورة والمعتقد
يقول الدرويش: "الحر من تخلص من الكل فى سبيل الواحد.. وتخلص من الواحد فى سبيل الكل"
لعل مقولة الحرية أضحت من أكثر المقولات انتشارًا بعد الثورة، الكل يدشن لمفهوم الحرية ووجوب تطبيقها، وحين نزلت الملايين إلى الشارع هتفوا بالحرية، فهى مبتغى الشعب إذن. لكن الفارق كبير بين الهتاف بالحرية وتطبيقها على أرض الواقع، هتفنا كثيرًا طيلة عقود، أتدرون قرائى الكرام هتفنا من أيام سعد زغلول وثورة "19" لكن من بحث عن تطبيق الحرية فى الناس.. من طبق الحرية على نفسه أولًا.. الآن وقت الحفر فى الواقع للتطبيق.
تطبيق الحرية ليس مجرد مقولة أو شعار يرفع فى الميدان، تطبيقها يحتاج للسلوك، دعونا نتحدث بعيدًا عن المصطلحات وتتبع تعريفات الحرية، دعونا نبدأ باسم الحرية سريعًا فى حياتنا، لا نطالب بها، بل نصنعها نحن بأيدينا.
ممارسة الحرية كمعتقد أو فكر هو ما نريده فى هذه الفترة أن يكون سلوك المواطن ضامن لفكرة الحرية ومعزز لها، أن تعبر عن رأيك بصراحة وهدوء دون أن تخون أحدًا أو تصادر على كلامه أو تقذفه سريعًا باتهامات، أول مبادئ الحرية فى وجهة نظرى أن نسمع لبعضنا البعض، أن نحاول فهم بعض، أن نفتح النقاشات لنصل إلى نتيجة فى النهاية، لا لكى يثبت كل منا للآخر أنه على حق، بل لنصل إلى الحقيقة.
مفهوم الحرية يبدأ من الآخر، الآخر ليس عدوًا بل هو مقارب لشخصى أو لفكرى، لكنه نشأ فى ظروف أخرى، ومن هنا أتت فكرة الاختلاف التى يجب أن نغيرها إلى التنوع، علينا أن نعى أن الآخر هو تنوع فى الفكرة فقط، لذا يجب عليك أن تتكلم مع هذه الفكرة وتحاول أن تصل إليها، حاول أن ترى الجيد فى فكرته وتتناقش فى المختلف عليه فقط، لأنك بهذا تمد جسر التواصل بينك وبينه - تواصل المتفق عليه - حاول أن تستمع بعقلك وأنت هادئ دون تحفز، حاول أن تدعو الناس إلى أن يفعلوا مثلك، لو كان المجتمع لا يسمع بعضه فهو مجتمع يحتاج إلى إعادة تقويم، والتقويم يأتى من الفرد، لا تنتظروا أن يتحول المجتمع لتتحولوا بل افعلوا ما تمليه عليكم حريتكم فى القبول والرفض، ذلك الرفض الذى قد ينبع من مجرد الخوف من شيء لا أعرفه، فلتتعرف على الآخر إذن، ثم حاوره.
اقبل ما يتماشى مع معتقداتك – على أن تكون فاهمًا لمعتقداتك جيدًا – وارفض ما يخالفها – بعد أن تتعلم ثقافة الاستماع، إذا ما غيرت فى نفسك فاعلم أن الآخر مع الوقت سيغير من نفسه أيضًا، وهنا فقط تكون الحرية سلوكًا.