مروان يونس يكتب: حق «الإرهاب السلمي» و«الترويع الديمقراطي»!!

من هول المفاجأة مما نمر به هذه الأيام و ذلك من الأراء و الأطروحات السياسية المتناثرة، منها المكتظة بها مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام الشعبي أو ما يمر على الفضائيات أو على صفحات الجرائد من خبراء الهري السياسي، اضطررت آسفا أن أبدأ رحلة بحث مجددا بغرض توصيف موقف اعتصام رابعة القانوني والحقيقي، ومن ذلك حقهم في الإرهاب والترويع كتعبير عن الغضب، ومن ذلك محاولة استحضار أقرب النماذج للحالة الأيديولوجية لقناعات الأحزاب الربانية المصرية المؤمنة بفكرة التوكيل الإلهي لها كاختيار رباني لسيادة المجتمعات من خلال شرعية إلهية يدعونها...  
 
ولكن أكثر ما استوقفني هو فكرة كيفية التعايش مع هذا النوع من الفاشية بدون أي مواربة في اللفظ، و منه كيفية التوافق والمصالحة الوطنية والتعايش معها المتلازم مع فرضية إلهية استخدام العنف منها...
 
فمن هذه النقطة أعتقد ربما يستطيع أن ينطلق أي باحث سياسي أو اجتماعي للمرحلة الثانية من بحثه حول واقعية المصالحة وأدواتها والذي يستلزم إعادة تعريف فئات المجتمع تعريفا جديدا متوافقا مع الوضع الحالي، ليظهر علينا نوعان من المواطنين في المشهد، المواطن العادي غير المنتمي لأي تيار سياسي، والمواطن المعتقد بحقوقه الفوقية المنتمي للتيار الديني والذي متلازم مع قناعاته واعتقاده في حقه الحصري في ممارسته العنف بديلا عن الرب لتمرير إرادته، و هنا نصل للمواطن "الإرهابي" بالتعريف الدنيوي المتمتع "حسب اقتناعه" في حقه بممارسة الإرهاب...
 
فمع تنامي صوت الضمير لمصر والذي بدأ يعلو يوما تلو الآخر، ومنه بداية توجه بعض أصحاب القلوب الرحيمة لمناقشة فكرة أحقية هذا التيار في ممارسة الإرهاب محاولين شرعنة ووصف حالة العنف لدى مواطن دولة إشارة رابعة العدوية ومؤيديه و تبرير فاشيته وتطرفه على خلفية حزنه على العياط والمفاجأة دوران الفكرة تحت مزاعم الديمقراطية و حقوق الإنسان...
 
وقبل أن يلين قلبي وانضم لفريق القلوب والدباديب لأبدأ بعزف سيمفونية الوفاق والحب مع الإرهاب و تبريره لهذا التيار محاولا أن أخرج لي بموقف أفلاطوني والذي سيتبعه بالطبع توفير مخرج و مبرر لهم بممارسة الإرهاب والتطرف والاحتفاظ لهم بحقهم الإلهي في تبرير ممارسة الترويع بدأت أصطدم ببعض النماذج المماثلة والتي لم تبرح ذاكرتي للآن أو لم تسقط من ضميري السياسي رغم الهجمات المتعددة من السياسيين والحقوقيين وأصحاب الرأي السياسي العاطفي...
 
تذكرت ألمانيا والحرب العالمية الثانية وكيف أعطى البرلمان الألماني قبل الحرب للحزب النازي حق الممارسة والدعاية للأفكار والترشح للبرلمان وكيف كان هذا الحزب الذي من قناعاته أن الألمان هم أصل الجنس الآري وهو الجنس الأعلى والأسمى على العالم والذي من حقه الكامل ممارسة الأستاذية وقيادة البشرية منفردا بسبب الخلق المتميز ربانيا ومنه اعطاءه الحق لنفسه في ممارسة التميز ولو باستخدام القوة ...
 
حقيقة لم أجد فارق كبير بين الفكر النازي والفكر الراديكالي الديني المتطرف مع فارق بسيط وهو فرضية التميز للألمان "عرقية بانتقاء إلهي" وعندنا في رابعة "دينية بانتقاء إلهي" مع تطابق في فرضية الحقوق والامتيازات بممارسة القوة والعنف والسيادة بقرار إلهي من خلال توكيلا حصريا للتيار الديني وخصوصية جينية للإخوان النازيون بألمانيا لسيادة البشر...
 
دخل هتلر و حزبه البرلمان ومع الوقت والسماح له بالممارسة وجد الكثير ضالتهم فيه فمع انضمامك للفئة الناجية أو الآرية تتحرر من القانون ومن الدولة ومن كل شيء بل يضعك قيما ومالكا لكل شيء بل أستاذا على الآخر، فلذلك نمى الحزب و زاد أعضاؤه واقتنص الحكم الألماني وعلى سنة الديمقراطية للمواطن الطبيعي وصل من خلالها للدولة وغير هوية الدولة ثم هدم الدولة، وبعد كل ذلك دخل في معاركه الخارجية وفتوحاته فصدر فكره لدول المحور بفاشية عند إيطاليا وشوفينية في اليابان واجتمع الفاشيون في "المحور" وحاربوا العالم ، ففكرة "أنا المواطن الأسمي" كانت المسيطرة سواء مبنية على عرق نازيا وعلى جماعة موسولينيا فاشيا وعلى أمة وتاريخها مثل اليابان أو على دين في مصر...
 
المهم انتهت الفكرة النازية والشوفينية والفاشية بمأساة مروعة من 6 مليون نازي ألماني مضافا إليهم 15 مليون آخر من جنسيات متنوعة بأوروبا من خلال حربا كانت الأكثر ترويعا وضحايا في التاريخ الإنساني...
 
المهم انهارت ألمانيا وكل من حولها سواء مِن مَن سمح بتلك النازية أو الشوفينية أو الفاشية صمتا مثل دول الجوار وتعاونا مثل الدول الأم لهذه الأفكار، وحتى نستفيد من التاريخ.. فماذا كان العلاج...!!
 
لم يعالج الألمان بعد الحرب الفكر النازي بالفكر أو حاربت إيطاليا الفاشية بالحب، ولكن العلاج بدأ من الدولة وبالعنف المشروع، علاجا أمنيا تماما بغرض القضاء على الفكرة من المنبع وتجريم المنتمي إليها وتطهير المجتمع منها تماما وبقوة القانون والذي يدعمه السلاح حتى وصلت ألمانيا لحالة من الهدوء وبدأت البناء، لكن للتذكره لم يُكتفى بهذا القدر بل تمت مطاردة كل قيادات الحزب النازي وبعد 60 سنه تم القبض على آخر القيادات هاربا في الأرجنتين عن عمر يفوق التسعين عاما...
 
ولنعود لمصر وحالة الصراع المذرية التي نعيشها وسط جماعة اعتقدت أن من حقها حمل السلاح كأي "فاشي" ولكن هنا ديني رباني وأيضا اعتقادها في حمل صك الأستاذية الإلهية على المجتمع والناس والارض والقانون في مواجهة كتلتين اجتماعيتين سياسيتين  رئيسيتين...
 
الأولى وهي كتلة السياسيين نتاج عصور المنع من الممارسة السياسية كرجل دولة وذلك سواء من مبارك أو الاخوان وهم المتصدرين لمشهد "أصحاب القلوب الرحيمة"، هذه المجموعة البائسة قسريا تربت على المواقف المؤيدة لحقوق الإنسان والرغي على الفضائيات و هذه الفئة من السياسيين للأسف قرابة 95% من الموجود في السوق تربوا على المواقف الضعيفة التي لا تثمن ولا تغني من جوع أو بالكتير الظهور على الفضائية أو الوصول لشرف 1000 ريتويت من التويتر، كما يدعم هذا الفريق مجموعة نشطاء تعودوا على دعم القضايا المفضلة أمريكيا بسبب أن تمويلهم بالكامل من هناك وطبيعي من أجل الورد يتسقي العليق، وبما أن الزبون واحد وهو أمريكا فقد افتقدوا مع الوقت البوصلة تدريجيا فتحولوا لدعم حقوق انتقائية للفئة المرضي عليها غربيا فلا عجب البكاء فقط على شهداء الأخوان وهو الصديق الأول للزبون الأكبر أمريكا...
 
للأسف كان آدائهم ضعيفا مهتزا مروعا غير حياديا، بل أحيانا كثيرة خائنا فللأسف تغاضوا هم وأيقوناتهم من السياسيين والنخبة السيامي عن السلاح الآلي والجرينوف وصواريخ جراد والقنابل والتعذيب للقتل الموجه ضد أي معارض يعثر عليه في مملكة الرب برابعة العدوية، بل وصل البله والاستعباط إلى التغاضي عن حرب ميليشياتهم لجيش بلدهم "الافتراضية" في سيناء في مقابل كرسي العياط وتمادوا في طريق قلة الأدب طلبا للسبوبه فلم نجد بكاء إلا على قتلي الجماعة و ليس  قتلى الواجب..
 
والثانية هي حزب الكنبة وهو الغالبية في 30 يونيو و26 يوليو الذين هبوا ليس من أجل عيون جبهة الإنقاذ أو عيون البرادعي وحمدين والثورة الغراء أو الانقلاب الإخواني الجميل أو الخيانة العظمى بيناير "كل حسب ما يراه" ووضعوا هدفا لهم أسمى من إنقاذ ثورة و هو إنقاذ وطن من الضياع، ولرحمة الرب كان هذا الفصيل مدعوما بجيش مصر والذي إلى الآن يسطر أعظم ملحمة كفاح من أجل الوطن بعد ملحمة 73 ولكن هذه المره أمام عدو داخلي من مجموعة تدعي أن من حقها الحكم إلهيا واستخدام السلاح ربانيا وهدم الوطن كسنة للحياة وترويع المواطنين كمواجهة للكافرين والخيانة عندها وجهة نظر سياسية...
 
لنقرأ المشهد جيدا، فقد انتفضت دولة الـ 5000 عام و يزيد بأغلب مواطنيها على محاولات هدمها من خلال الإرادة الإخوانو-أمريكية من خلال فرض فاشية وأستاذية الجماعة على شعب عريق..
 
وبعد خسارة أول معركة لدولة الإخوان الربانية وهي معركة إعادة العياط أمام الدولة المصرية، بدأ تيارنا الفاشي يأخذ منحنيا جديدا في رسالته لياخذ معه رفقاء النشطاء المأجورين منهم والمزايدون لهم في موجه من تحريم الدم ومنه تحريم مواجهة الدولة مع الجماعة ومشروعها لهدم الدولة، باحثين عن مخرج للحفاظ على التنظيم الثمين أمريكيا، فتارة نبحث عن التوافق الحمزاوي وتارة عن حقوق الإنسان وتبرير أفعال "المواطن الإرهابي" وشرعنة حقه في ممارسة العنف الاجتماعي والذي يبدأ منه تبرير القتل، حمل السلاح، قطع الطريق، مهاجمة الشعب، الحرب على الجيش بسيناء وبالطبع تبرير ترويع المواطنين وقتلهم في مناطق كثيرة بمصر كحق في التعبير عن الغضب للنموذج الإرهابي الواجب رعاية الحقوق له متجمعين تحت لواء نظرية حقوق إنسان مزعومة...
 
لذلك قرأت وفحصت ميثاق حقوق الإنسان مجددا ولم أجد أي أثر لأي حق في ممارسة الإرهاب، و لم أجد أي شيء قريب له سوى حقوقه من خلال كونه سجين مجرم له الحق في المأكل والملبس والوسادة والعلاج وعدم الإهانة البدنية وحقه في الحصول على محاكمات عادلة ولكن بكل أسف لم أجد حقا له في ممارسة إرهابه أو حمله للسلاح ومواجهة شعبه ودولته سواء بالسلاح المشروع أو غير المشروع !!!
 
وصل المشهد المصري لطريق مسدود، فها هي مجموعة تصر على العنف ويوميا ينضم لها مجموعات من العملاء القابضين ثمنا لذلك أو من المغيبين عبدة النشطاء ومخابيل الثورة وأعداء الدولة من الأناركيين في مصر بدأت في الوقوف مع الحق المشروع في هدم الدولة والتعاطف مع المواطن الإرهابي ومنه التنظير أن ربما تكون دولة الميليشيات "الديمقراطية" نموذجا مصريا جديدا...
 
فالآن ومن الواقعية السياسية يجب علينا أولا أن نصف المشكلة وصفا صحيحا، لدينا حزبا نازيا دينيا، يحاول أن يفرض هذا الحزب إرادته بقوة السلاح لا يرى الديمقراطية إلا وسيلة لفرض أستاذيته ويسعي لهدم الدولة من خلال التمكن من الدولة لينشيء دولة طائفية بامتياز، كما لم يبخل الإخوان "قادة التيار" عن التوضيح للشعب البسيط فقالوا أنه لا وطن لهم، وطنهم الإسلام وخلافه...
 
اختار الإخوان مواجهة الدولة بالقوة والقوة لا تواجه إلا بالقوة، ولكن هناك طرق وتكتيكات واختيارات لاستخدام هذه القوة، فإما أن يكون سيناريو جزائري بقتل الفكرة في المنبع وممارسة الدولة للعنف المشروع للحفاظ على الوطن أو سيكون سيناريو ألماني بتركهم يتوغلوا ويتواجدوا على نفس أسس التواجد في العصر الانتقالي السابق وآخر فترة حكم مبارك وحينها سنجد 20 مليون آخرين ضحايا فكرتهم  الفاشية وإرادة جماعتهم الربانية الادعاء، والتي بالطبع ستنشر حروبها خارجيا بعد القضاء على الدولة المصرية داخليا وتحويل الشعب من معارضين الجماعة لميليشيات مناوئة....
 
نهاية لدي نصيحتين:
 
فعزيزتى الولايات المتحدة، نعلم أن بث فكر الإخوان ودعمهم لتقسيم المنطقة طائفيا سيكون أهم الخطوات في إدخال المنطقة بالكامل لحرب شاملة عربية عربية مما سيسمح لكم ببيع السلاح وإنعاش الاقتصاد وزيادة السيطرة على هذه المنطقة، ولكن لتتأكدي أن الحرب ستطولك يوما وبكل تاكيد ولو بعد حين، ونصيحة فلتجربي انشاء دولا من الأصدقاء الذين ربما بقراتهم على الحياة ينعشون اقتصادكم كعملاء لكم...
 
وعزيزتى الدولة المصرية التي سمعنا عنها... أولا لأعترف أنني من مدرسة "أن أول خطوات بناء الحريات  هو اقصاء العاملين على تقويض تلك الحريات - فلا حرية لاعداء الحرية "..
 
ثانيا الاختيار الآن إما دولة القانون أو دولة الميليشيات... كما أن انتظار تمكن سياسيين الغبرة أو نشطاء حقوق الإنسان مجهولي الانتماء لانتزاع حق ممارسة الإرهاب في مصر كأحد حقوق الإنسان أمرا خطيرا ولا يجب السكوت عليه فالوقت يمر ومصر في خطر وكل له اختياراته... 
 
اعلان حقوق الإنسان للأمم المتحدة "و لم أجد فيه المواطن الإرهابي"

http://www.un.org/ar/documents/udhr    / 

 
 
تعليقات القراء