مروان يونس يكتب: للخوف الإخواني ثلاث محاور.. السيسي وشفيق وحمدين!!

 

مع وصول دكتور مرسي للحكم بدأ تنفيذ برنامج التمكين، هذا البرنامج الذي يهدف إلى أدلجة الدولة والسيطرة عليها وعلى جميع مفاصلها وتسكين رجال السمع والطاعة داخل جميع المؤسسات للدولة سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية حتى عسكرية بغرض تغيير شكلها بما يتوافق مع قناعات الجماعة بالدولة الجديدة أو الجمهورية الثانية كما يدعون...
 
ويجب ألا ننكر الآن أن قصة التمكين أو مشروع التمكين يسير بشكل جيد وعلى قدم وساق، فقد تمكن الإخوان تحت غفلة الأحزاب المدنية وركوع مفاجيء لمعظم المؤسسات منها الشرطة من معظم المؤسسات بل قرب الوصول للمرحلة الأخيرة .. هذه المرحلة التي تعلن بعدها بحق الجمهورية الثانية عن نفسها وهي جمهورية الجماعة...
 
ووسط هذا التطور ومع الوصول هذا التيار لمعظم أهدافه بدأت تتغير الخريطة السياسية، فهذا التمكين لم يكن قانونيا أو دستوريا أو إرادة شعبية للمصريين أو للثورة ولكن كان في شكل حكم القوي "المدعوم أمريكيا" على الضعيف "الذي يعتقد ذلك رغم عكسه" وهو الشعب المصري وصمت عجيب "لأبناء الجيش المصري"، ووسط حركة التمكين واقتراب النهاية بدأت الاستفاقة وبدأت حركة شعبية واشتعال ثورة ثانية حقيقية في الشارع المصري بل في معظم المحافظات...
 
تحول المشهد لفريق حاكم مدعوم بوليسيا كالعادة بالشرطة وسياسيا بالبركة الأمريكية ومحليا بالصمت العسكري، وفريقا آخر يهدد عرش الفريق الأول لقدرته على توفير بديل واضح له، فلم يتبقى للإخوان المسلمين ما يخشوه أو ما يمنعهم عن الوصول للتمكين أو هز عرشهم الناشيء سوى القضاء على البدائل المتبقية والمتاحة وهي ترتيبا من حيث خوف الجماعة، غضبة جيش بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي أو انقلاب قانوني  و12 مليون صوت وعودة الفريق شفيق أو نجاح ثورة شعبية جديدة ربما قد تتخد حمدين صباحي زعيما محتملا لها...
 
ومنه فقد أعلن التيار الديني الحرب على آخر ثلاث عقبات، ولنتكلم أولا عن أخطرها وهي الجيش المصري، فقد اعتقد الإخوان أن أخونة الجيش لن تكون إلا من خلال خطة هادئة، هذه الخطة إن نجحت ستستطيع منها تمرير إرادة وقيادة الجماعة إلى الجيش تدريجيا وبهدوء خلال أربع خطوات..
 
الأولى، إقالة طنطاوي وعنان لأسباب عديدة كلنا نعرفها وسيتوافق الشارع معها ، ثانيا تعيين وزير توافقيا ومرحليا بإرادة المؤسسة العسكرية وهو الفريق عبد الفتاح السيسي، يليه تغييرا برلمانيا مع مجلس الشعب الجديد مفروضا على المؤسسة بقوة الصندوق "الافتراضي" ليتم تعيين وزير وقائد جديد محبا متوائما مطيعا رسميا للمرشد يبدأ في أخونة المؤسسة، ورابعا يأتي الوزير الإخواني الصِرف من أبناء المؤسسة الذين لا يزالون على وضع التقية داخلها كقائد لجيش المرشد...
   
ولكن اتضح مع تمرير الخطة أن الجيش لن يكون لقمة سائغة، فبدأت مرحلة خلاف شديد مع بداية مشروع التأهيل المعنوي لإقالة الفريق السيسي من خلال تصدير الشائعات وهز المؤسسة والذي منه سيبدأ تطميع قادة عديدين داخلها تمهيدا للقرار والذي إن لم يكن رئاسيا الآن سيكون برلمانيا لاحقا...
 
أما العقبة الثانية ترتيبا هي الفريق أحمد شفيق، فرغم كل محاولات الاغتيال المعنوي التي بدأت منذ اتهامه بموقعة الجمل إعلاميا، ورغم كل محاولات التصفية السياسية التي استمرت منذ استقالته من منصبه كرئيس وزراء وحتى الآن، ظل الفريق أحمد شفيق أهم متهم من الإخوان المسلمين وأحد ألد الأعداء...
 
فسواء رضي الإعلام الثوري أو الاخواني أو لم يرض عنه فهذا الرجل وبدون حزب وبدون جماعة و بدون مجلس عسكري داعم قد اختاره في المرحلة الأولى طوعا وبإرادة حرة مستقلة خمسة ملايين مصري، بل أضيف اليهم 7 ملايين آخرين بالمرحلة الثانية كملجأ أخير من الجماعة، فقد مثل بالنسبة لحزب الكنبة وأنصار الدولة المدنية باختلاف ألوانهم الثورية أو الفلولية آخر فرص الخلاص من الدولة الدينية المنتظرة...
 
كما لا يجب أن نغفل أيضا أن الوضع الحالى على الأرض أو التركيبة الجديدة بالميدان ربما تختلف عن يناير 2011 فقد أضيف للثوار جزء كبير من حزب الكنبة الذي خرج عن صمته ولازال يعتقد أن الأمل الوحيد هو قائد قوي يكون الجش في ظهره يستطيع مقاومة العمامات والأعلام السوداء التي تنشر الظلام تدريجيا في مصر، فالفريق أحمد شفيق لازال في عقول وقلوب جزء كبير من الميدان اختاره في جولتين أو جولة واحدة على الأقل...
 
فلذلك الفريق أحمد شفيق لازال يمثل عبئا على دولة المرشد ومنافسا لابد الخلاص منه، فإن لم يكن بسبب 12 مليون صوت فهو بسبب مواقفه الحالية الواضحة تجاه الجماعة وسقوط النظام وإن لم يكن كذلك سيكون بسبب أنه الوحيد المتبقى من الحرس القديم القادر على لم شتات الدولة بإرادة الجيش وذلك مما لديه من خبرة إدارية وتوائم مع المؤسسات وأهمها القوات المسلحة ورجالها الذين يكنون له احتراما مؤكدا بصفته أحد أبطال الجيش السابقين...
 
كما أن للخوف من الفريق شفيق سببا آخر، ففي حالة الانقلاب القانوني من خلال تفعيل القضايا المتوقفة سياسيا على النظام ورئاسته، وفي ظل الوضع الحالي من غضب بالشارع وغضب بالجيش قد يكون حلا في يوم من الأيام، فمن الممكن أن نجد أنفسنا يوما أمام أحكام عدة تبدأ من مطابع أميرية، هروب الرئيس من السجن، السقوط الدستوري أو حنث اليمين، وفي ظل جيش غاضب و أحكام مؤجلة... كل شيء وارد...
 
فلذلك يظل الفريق "بعبع" مطلوب الخلاص منه بأي شكل وأعتقد أن هذه الأسباب قد أدت لعبوره المبكر خارج الحدود وفورا بعد إعلان نتائج الرئاسة فربما رأى ما لم نستطع أن نره من نوايا الجماعة مبكرا...
 
أما بخصوص البعبع الثالث وهو المناضل حمدين صباحي، فهذا الرجل اتفقنا أو اختلفنا على رؤيته الإصلاحية لمصر وجدواها "بعبع إخواني" بل أيقونة ثورية مستمرة...
 
فالسيد حمدين كان صاحب المفاجأة الكبرى في الانتخابات الرئاسية، لأنه حقق قرب خمسة ملايين  صوت من المصريين ودون عناء وتمويل وبدون أي شيء ولكن بسبب أنه كاريزما ولون جديد تحت الستين ورمزا لكثير من شباب المناضلين بالميدان...
 
إنتمى حمدين لجيل من السياسين ذاق ويلات السجن وطعم النضال، مما أضاف اليه ميزة لم تتكرر في قيادات المرحلة أو جبهة الإنقاذ وهي الجَلَد والقدرة على التحمل للعمل الجماهيري وأعباءه وتابعاته من تهديد للحياة وللحرية وللعمل، وذلك ما جعله آخر المناضلين الثوريين الحقيقيين المتبقين في منافسة الإخوان…
 
إتخذ حمدين أشكالا متعددة مرعبة لتيار الإسلام السياسي، الأولى أنه اشتراكي ناصري ويجب أن نعلم أن ناصر هو الأشكيف الأكبر للجماعة، والثانية أن سنه يسمح بخوض انتخابات قادمة بل إثنين بعدها بل والمنافسة عليها بقوة، وأيضا أن السيد حمدين أول من كسر حاجز الصمت من قيادات جبهة الإنقاذ وطالب بسقوط شرعية الرئيس ونزل الاتحادية، فحتى وإن عاد لاحقا عما صرح به فهو سيظل بعبعا إخوانيا ومنافسا قويا وشرسا رضوا أو لم يرضوا..
 
 
ففي ظل استمرار وجود شباب غاضب بالشارع معظمهم مِن مَن اختار حمدين في الرئاسة، فهو بذلك القيادة الأقرب نفسيا ووجدانيا لأي ثورة قادمة...
 
فلذلك أصبح السيد حمدين مهما، توائم سابقا أو سيتوائم لاحقا مع الإخوان العدو الثالث بالترتيب للإخوان فهم لن يسمحوا بتكون كرة الثلج حوله والتي قد ربما تطيح بحكم الجماعة لاحقا...
 
 فبالتأكيد لا مكان لحمدين صباحي كمناضل أو كمعارض سياسي في ظل دولة المرشد...
 
وهكذا يبقى الفريق السيسي والفريق شفيق والمناضل حمدين صباحي هم ما تبقى من عقبات في طريق التمكين، ولكن يجب أن نعلم أيضا أن مع سقوط العقبة وبالدومينو إيفيكت ستسقط العقبتان التاليتان تباعا ليتفرغ الإخوان للقضاء على ما تبقى من شباب الثوار بالميادين...
 
ولكن يبقى السؤال هل هناك مشترك يجمع الثلاثة أو هل يعتقد الثلاثة أن مصيرهم مشترك؟؟
  
حقيقة لا يوجد في رأيي أي مجال مشترك بين الثلاثة أو حل جماعي ولكن دعونا ننتظر، فالأهم ثم المهم ولننتظر ماذا سيحدث خلال معركة أخونة القوات المسلحة ومواجهة العقبة الأولى.. فأعتقد أن الفريق السيسي وقيادات القوات المسلحة تعرف جيدا أن ميعاد انتهاء المباراة هي سيطرة الجماعة على مجلس الشعب وتغيير الوزارة صندوقيا ولكن هل ينتظر الطرفان إلى هذا الحين؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة وما تحمله إلينا من أحداث..
تعليقات القراء