مروان يونس يكتب: ليست جبهة الإنقاذ وحدها المسئولة عن إنقاذ الوطن

 

اختلف المصريون حول من يلقون عليه اللوم في حال الوطن، البعض رأى أن اللوم كل اللوم يقع على جبهة الإنقاذ التي لم تتحرك لتقف في الشارع تطالب بحقوق المصريين، معتقدين أن أعضاء الجبهة لو كانوا معتصمين بالميادين لتغير الوضع، فبغض النظر عن نتائج اعتصامهم من عدمه يجب أولا أن نعرف أن جبهة الإنقاذ آثرت أن تلعب دورالغطاء السياسي ومحامي الثورة الثانية، كما يجب أن نعلم أن هذا الدور الآمن لهم يوفر أيضا مكانا للشارع للتفاوض كما يوفر الحماية السياسية للاحتجاج بالشارع والقانونية من خلال مجموعات من المحامين المنتمية له...
 
فربما لا يوجد بجبهة الإنقاذ من سيدخل يوما قصر الاتحادية محمولا على الأعناق في ثورة غراء و لكن لنتفق أن بهم كثير ممن نشك فيهم، كما نعترف أنهم أخطأوا في العديد من القرارات السياسية وربما أخطاء استراتيجية لا تغتفر، و لكن يجب أن نعي أنهم يمثلون الغطاء السياسي والحماية القانونية ولو كانت"هشة" للاحتجاجات، و التي بدونها كل من في الشارع هو بلطجية بحكم القانون وغوغاء و لا مطالب لهم سوى الفوضى مما يحقق حلم السلطة بالبطش بهم و تكرار السيناريو الإيراني فورا..
 
وتأكيدا لذلك نرى اتجاه السلطة الحالية لفصل جبهة الإنقاذ عن الشارع من خلال رسالتين، الأولى موجهة للإخوان و مؤيديهم "أن هؤلاء خونة وعلمانيين كفار ملاحدة وضد استقرار مصر.. إلخ" وتتحرك مؤسسات الدولة إعلاميا برسالة أخرى في الشارع وعلى الإنترنت موجهة للكنبة "إن الجبهة وحشة ولا حيلة لهم و خانوا المطالب ولا يمثلوا أي أحد بل ثقوا في المؤسسات واتركوهم وارجعوا للكنبة"، وفي الرسالتين نهايتهم فصل الثورة عن غطائها السياسي لاقتناص الشارع بسهولة إما بتأجيج مشاعر البسطاء والمتأخونين المنتظرين للغنائم التي تأخرت والثانية إرجاع الكنباوية لأماكنهم وهم نصف أي حراك شعبي الآن واعتبارهم من أهم القوى المؤثرة..
 
ولكن كيف تتحقق أي مطالب بداية من تغير مادة بالدستور وصولا لسقوط نظام؟؟ وما موقف المؤسسات السيادية الحقيقي و ليس الإعلامي؟؟؟
 
فأولا لنعترف أن انحياز المؤسسات السيادية لأي احتجاج هو مؤشر تحويل الاحتجاج لثورة وتشريع مطالبها لتكون واجبة التنفيذ، فلا نغفل أنهم من أعطوا شرعية لاحتجاجات يناير 2011 كما يجب أن نقتنع أنهم لم يعطوا الشرعية للمظاهرات هذه المرة...
 
ففي 2011 كان الوضع يختلف، فقد نجح محاصرو المحاكم حينها في هدم و حرق 99 قسم واقتحام السجون لإخراج رجالهم مما أفقد المؤسسة السيادية الأولى القدرة على المقاومة وأعطى الفرصة للثانية لمباركة حركة يناير والتي سارعت بالوقوف بجانبها منذ الأسبوع الأول سواء دعما للإخوان أو تنفيذا لرغبة أمريكية، و لكن صوريا تمكنوا من اتخاذ الخيار الوطنى (الإعلامي) وللتأكيد أعتقد أننا نتذكر أن وصول أول 5000 متظاهر للقصر أسقط مبارك في مفاجأة وبدون أي عنف...
 
و مرت الأيام وصولا لهذه اللحظات وكل الأجهزة السيادسة على نفس الوضع، محافظة على مكاسب الثورة الأولى والتي انحصرت في مكاسب للتيار الديني إلى الآن، بل مباركة غاضة للبصر عن أي تصرف للإخوان المسلمين من سحل و تعذيب وصولا لإهانة أعلى محاكم الدولة (حتى من غير أن تقول عيب مايصحش) !! فاتحين الطريق لتحويل الرئيس من شخص طبيعي إلى دستورا متحركا ومصدرا للسلطات وفرعونا جديدا...
 
حقيقة لا أعلم ما هي مكاسب المؤسسات السيادية إلى الآن أو خطتها للخروج بمصر من الأزمة... وربما لا نستطيع تقديرها من خلال عقليتنا المدنية المحدودة ولكن نستطيع تحليل ما تريد منا وهو الاستقرار والاستسلام والخنوع والتخويف المستمر من خطر داهم مروع رهيب اسمه جماعة الإخوان المسلمين!!
 
واتباعا لنظرية أن كل قرار لمؤسساتنا هو في صالح المصالح العليا للبلاد، فما هي هذه المصالح التي تحققت منذ السماح بهدم دولة القانون وبيع مصر اقتصاديا وقهر وإخماد أي معارضة للفرعون ربما على أقل تقدير ستصوب تصرفاته... و إقناع البسطاء أنه للخلاص من ديكتاتورية لابد من القبول بفاشية...
 
و لكن ما أعلمه اليوم أن المجتمع المصري أصبح مشتتا منهارا،  مكونا من خمسة قناعات:-
الأولى: من قرر الخنوع لأي نظام، الثانية: على الوضع جالدا للذات بسبب يناير 2011، الثالثة: مكتفيا بمكاسب رؤية قهر ثوار الميدان وعقابهم على خطأهم، الرابعة: اتخذ الوضع مقاوما بدون خطة "ترفيصيا"، والخامسة و الأخيرة: هم مجموعة أخيرة وصلت لمرحلة الإنكار اتخذت الوضع منتظرة معجزة من السماء وتحرك المؤسسات وحدها للإنقاذ..
 
أما مجموعة المنتصرين فهم نوعان:- الأول: هو النوع السعيد الفرح بالانتصار منتظرا الغنائم من فتح مصر، والثاني: مجموعة تأييد الأقوى ويكفيهم  نصرا رؤية عذاب من اختلف معهم في الرأي و من ذلك مباركة قهر أي معارضة لفرعونهم الجديد...
 
أما عن ماذا بعد... لنتفق أولا أن جبهة الإنقاذ بها عيوب لا حصر لها وقامت بأخطاء سياسية فادحة ولكنها الغطاء السياسي الوحيد المتاح، ثانيا نحن ضد العنف ولكن ماذا فعلت السلمية أو المحاكم المحاصرة، ثالثا نحن مع المؤسسات السيادية الوطنية ونرفض المساس بها ولكنها لا ترضى بأي حركة ضغط بالشارع سواء لإسقاط النظام أو حتى الضغط عليه لتحقيق أي مطالب أخرى، رابعا الثورة قادمة ولو بعد عشرات السنين ولكن إن سمحت المؤسسات بتسييسها الآن منعا للانهيار فالانهيار قادم وقولا واحدا وبكل أسف وبعد سنوات ليست بالكثيرة سيتكرر السيناريو السوري...
 
أخيرا وبالتأكيد هناك حلول ستظهر على الساحة وسيوفرها لنا القدر ولكن حتى نكون عرضة لرحمة الله يجب أولا أن نتوقف عن جلد أنفسنا عن الماضي والتفكير بالمستقبل، ثانيا أن نتحد على هدف واحد ونترك الخلافات الأيديولوجية الفلسفية ولو لبعض الوقت ونترك التصنيفات التي يفتتنا بها الإخوان، وثالثا على مؤسسات الدولة السيادية مراجعة نفسها حول ما هية مصر، وما هو الأمن القومي، ومدى ضرورة دولة القانون وهل الفاشية شيء مقبول من عدمه، و ذلك قبل فوات الأوان..
 
و أخيرا.. تحية للبنت أم عبايه بكباسين وتحية للراجل المسحول علشان مالبسش حزام... فهم من دفعوا الثمن عنكم ولازالوا يدفعونه سواء كنتم ثوارا أو ما يسمى إعلاميا بالفلول...
 
 
 
تعليقات القراء