حسام مصطفى إبراهيم يكتب: 23 سببا لرفض دستور الإخوان

 

هذه أول مرة أقرأ فيها دستورًا كاملا، ولا خبرة قانونية كبيرة لدي، ومع ذلك فقد لفت انتباهي الكثير من المواد التي أراها كارثية، وهو ما يعني أن المختصين سيكتشفون مصائب أكثر!
 
وفيما يلي أسبابي وملاحظاتي التي بنيت عليها قرار رفضي لمسودة الدستور، وهي مطروحة للمناقشة بالطبع.
 
1. لم ينصّ الدستور على تعيين نائب للرئيس، وهو المطلب الذي بُحّ صوتنا بتحقيقه أيام مبارك!!
 
2. معظم المواد عامة وفضفاضة، مما يفتح المجال أمام التأويل، وسنّ قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، وليس عهد مبارك وترزية قوانينه عنا ببعيد!
 
3. فكرة أن فلانا –أيا كان منصبه- لا يمكن عزله، محض هراء، فلا أحد فوق المحاسبة أو القانون، ولابد أن يكون مبدأ المساءلة والثواب والعقاب ساريا على جميع موظفي الدولة!
 
4. يمكن لمزدوجي الجنسية الترشح لمجلس الشعب!
 
5. المادة (4) (وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء)، وقد كانت مطالب المستنيرين استقلال الأزهر، أما هذه المادة فتكرّس لاستقلال شيخ الأزهر نفسه وليس الأزهر!
 
6. المادة (10) (وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون)، لم تحدد ما هو "الطابع الأصيل للأسرة المصرية" وهو ما يمكن أن يُعطي الحق للجماعات المتطرفة لتكوين هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدعوى الحفاظ على طابع الأسرة المصرية وترسيخ الأخلاق وحمايتها.
 
7. مادة (12) تهتم الدولة بتعريب العلوم، لا تنميتها ولا ترجمتها ولا تسيير ظروف أهلها، ولكن "تعريبها"، وهو ما يعني إمكانية المطالبة بعد فترة بإلغاء تدريس اللغات الأجنبية، وقد فعلها شيخ بذقن من قبل في مجلس الشعب وطالب بإلغاء تدريس الإنجليزية لأنها لغة أمريكا الكافرة والفيديو على اليوتيوب!
 
8. المادة (14) تحديد الحد أدنى لدخول المواطنين، و"حد أقصى لا يستثنى إلا بقانون"، وهو ما يعني أن يبقى الحال على ما هو عليه، حيث ستسن القوانين لأصحاب النفوذ والسلطة لمنحهم مرتبات خيالية كما كان يحدث في العهد البائد تماما، لكن هذه المرة بالدستور!
 
9. ميزانية القوات المسلحة سرية، ويجوز لمجلس الدفاع الوطني –الذي يتكون في أغلبه من العسكريين- مناقشتها وليس إقرارها، يعني من باب العلم بالشيء!
 
10. جواز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية!
 
11. لا يوجد دور واضح ومحدد لمجلس الشورى يختلف به عن مجلس الشعب!
 
12. لم يكفل الدستور حق إنشاء محطات البث الإذاعي والفضائي!
 
13. أباح الدستور حل الصحف والجرائد!
 
14. لم ينص الدستور على منع حبس الصحفيين في قضايا الرأي!
 
15. المادة (50) تنظيم التظاهرات السلمية لابد من أخذ إذن بشأنه أولا!
 
16. جميع دساتير العالم تنص على أنه بعد عمل دستور جديد للبلاد يسقط الرئيس المُنتخب تلقائياًَ وتتم إعادة الانتخابات الرئاسية وباطل بطلاناُ مطلقاً أي نص انتقالى يخالف ذلك (ميثاق الأمم المتحدة الفقرة 132)، لكن طبعا لن يسمح الإخوان بوضع مثل هذه المادة في دستورهم!
 
17. المادة (35) (فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا حبسه ولا منعه من التنقل ولا تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق، ويجب أن يبلغ كل من تقيد حريته بأسباب ذلك كتابة خلال اثنتى عشرة ساعة، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته؛ ولا يجرى التحقيق معه إلا فى حضور محاميه؛ فإن لم يكن ندب له محام ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء والفصل فيه خلال أسبوع، وإلا وجب الإفراج حتما، وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى ومدته وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض وأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه).
 

ولنا هنا تعليقان:

 
1.لم يتم تحديد المقصود بكلمة "تلبس"، وكان يجب توضيحها، بإضافة "تلبس بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون" مثلا، أما وهي عائمة هكذا، فتفتح الباب لاجتهاد الضباط والتفنن في عقاب المواطنين من خلالها، ويمكن أن يلقي القبض عليك وأنت سائر إلى جوار خطيبتك ويقول إنه تلبس (خاصة مع وجود المادة المفسرة لأحكام الشريعة فربما يعتبرها حالة خلوة غير شريعة تؤدي إلى الزنا!).
 
2.يمكن للداخلية احتجاز المواطنين لمدة 12 ساعة، يكون من حقه بعدها أن يبلغ بالاتهامات الموجهة ضده وإلا يطلق سراحه، فما الذي يمنع أن يتم احتجاز المواطن 11.5 ساعة، ثم إطلاق سراحه، ثم احتجازه مرة ثانية إلى ما لا نهاية!
 
18. المادة (127) يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب بقرار مسبب وبعد الاستفتاء الشعبي، وإذا لم يؤيده الشعب، فعلى رئيس الجمهورية تقديم استقالته!! فأي رئيس هذا الذي سيغامر بعمل استفتاء لحل مجس الشعب يمكن أن يكون فيه تنحيته من منصبه مهما كان هذا المجلس فاسدا وغير كفء!!!
 
19. المادة (149) لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة أو تخفيفها!!! وسلم لي على سيادة القانون!!
 
20. المادة (177) تقليل عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا إلى عشرة أعضاء دون توضيح السبب أو المغزى!
 
21. المادة (202) الرئيس يعين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، أي أنه سيعين السلطات الرقابية التي ستراقب أداءه!
 
22. المادة (219) المفسرة للشريعة الإسلامية في الماد ة(2) التى رشا بها مرسي السلفيين وأفهمهم أنها تطبيق للشريعة، غامضة ومطلقة ويمكن استخلاص قوانين مرعبة على حسّها!!
 
23. هناك مادة تقول إن كل مال لا مالك له فهو ملك للدولة، وهي تذكرني بشعار الشرطة في عهد العدلي "الشرطة والشعب في خدمة الدولة!!!" فهل الدولة شيء آخر غير الشعب والمواطنين؟! وكنت أتمنى أن تكون الصياغة "كل مال لا مالك له فهو ملك للشعب".. الشعب الذي أخرجكم من السجون وأجلسكم فوق ظهره فلم ترحموه وعدت تلهبونه بالسياط!!!
 

تعقيب

 
ربما لو كان هذا الدستور قد أتى بعد خروج الاحتلال الإنجليزي من مصر أو انتهاء عصر الملكية، لأصبح هناك نوع من أنواع المنطق في قبوله والاستفتاء عليه، باعتباره خطوة على الطريق نحو الديمقراطية، ولكنه دستور أتى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وأول رئيس منتخب، لذا يجب ألا يحوي كل هذا العوار ومحاولة "التكويش" على كل شيء من قِبل الحزب الحاكم ورئيسه!
 
النقطة الثانية، أنه من الطبيعي ألا يحوز الدستور إعجاب الجميع، ولكن لابد على الأقل أن تتوافر فيه المقومات الأساسية التي تصلح معها إقامة حياة ديمقراطية سليمة تحفظ كرامة الإنسان وحقه في الحياة، وهو ما لا يرسّخ له هذا الدستور من قريب أو بعيد، حيث هيمنة الشرطة والقضاء العسكري على كل شيء!
 
والشيء بالشيء يذكر، فقد كرّم مرسي طنطاوي وعنان، ولم يتخذ أي خطوات في سبيل تطهير الشرطة، وإنما كرمهم هم أيضا وزاد من رواتبهم، ما يدفعنا للظن أن هناك صفقة كبيرة تم عقدها بليلٍ بينه وبين هذه الجهات، وضع كل منهم بموجبها البنود التي يراها تحقق مصلحته في الدستور، مقابل الولاء للدولة الجديدة!!!
 
النقطة الثالثة، الأغلبيات تحسم أي شيء، إلا في هذا السياق، حيث يجب أن يُراعي الدستور حقوق الأقليات قبل الأغلبيات، وإلا انتفى مفهوم الدولة الحديثة!
 
النقطة الرابعة أن معظم المواد الموجودة في هذا الدستور منقولة نصا من دستور 71 مع إضافة بعض التعديلات التي تحرم المصريين من حريتهم وكرامتهم، فإذا كان دستور 71 بهذه القوة والجمال فلماذا لم نعتمده مع إضافة تعديلات تناسب المرحلة، بدلا من عمل دستور جديد يقسم الأمة بهذا الشكل؟!
 
ولو أخذنا في الاعتبار العوار الذي شاب تشكيل التأسيسية منذ البداية، وانسحاب معظم القوى السياسية والمدنية، وتحصين الرئيس لها وكأنه يقر بعدم دستوريتها ولا أهليتها لوضع الدستور، وسلق الدستور في يومين على الرغم من مد فترة عملها لشهرين، ومحاصرة الإخوان والسلفيين للمحكمة الدستورية التي كانت توشك على نطق الحكم في مسألة حلها، فلا يمكننا أن نُحسن الظن أبدا بهذا الدستور ونوايا من وضعه، ولا يمكننا أن نفكر في تمريره مؤقتا ثم يمكننا بعد ذلك تعديله!
 

لذا:

 
أنا أرفض هذا الدستور تمامًا، وأرى أنه خطوة لإحكام سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مصر، وهو المخطط الذي لن يتم بإذن الله، لأن المصريين لم يعودوا كسابق عهدهم، وإن انطلت عليهم الخدعة لفترة، فلن يلبثوا أن يستفيقوا وينهشوا بأسنانهم من خدعهم. 
 
والله غالب على أمره. 
تعليقات القراء