هالة منير بدير تكتب: أن تكون حماراً أو خروفاً أو ذئباً ..!

بالطبع تتذكرون " موقعة الحمار " وكيف استخدم زياد العليمي ( النائب السابق في مجلس الشعب المُنحل ) المثل الشهير : " هانسيب الحمار ونمسك في البردعة " وكيف برَّأه المجمع اللغوي من تهمة السب والقذف في حق المشير طنطاوي مُفَسِّراً الواقعة أنها مجرد إسقاط مثل شعبي ..

 
في هذه الأيام العصيبة التي نحياها يتوارد إلى خاطري " الحمار " ثانية ، ورغبة مني في تحسين صورته ، بعد أن أسأنا له ولغيره من أبناء جلدته ، بعد أن ترددت العديد من استخدام أسماء من عالم الحيوان أو عالم الحشرات كإسقاط على تصرفات فصيل معين مثل " خرفان " أو "سوس " ، خاصةً أنه كانت تُروى قصص الحيوان وعلى لسانها تُسرد الحِكم أو من مواقفها نتخذ العظة والعبرة ..
 
-         لن أتكلم عن الخرفان في البداية ، فسأبدأ حديثي عن الحمير ، فالحمار قد ظُلِم بأنه رمٌز للغباء أو لتأدية نظام روتيني في الحياة ، ولكنه الحليم ، الطيب حد العبط ، " حَمَّال الأسية " يثق في صاحبه ثقة عمياء ، ينسى له الإساءة مهما فعل بمجرد أن يُطعمه ويسقيه إلا ويرجع قرة عينه من جديد ، هكذا حالنا ، حال أغلب الشعب ( مجرد أن يأكل ويشرب ) يكون قد حقق حلمه وإذا كَدَّر عليه أحدهم صفو طريقة الحصول على " اللقمة وشربة المية " مهما كانت هذه الطريقة مهينة لآدميته إلا ويتهمه بالعمالة والخيانة والعمل بأجندات أجنبية .. ولكن ما سأخصهم هنا برمز الطيبة التي لا يعرفها الخبثاء هم من اكتشفوا في النهاية أنهم وثقوا في صاحبهم حد العبط ، هم كل من قام بمساندة مرسي في إعادة الانتخابات ( ومن بينهم أنا ) فلقد ضحينا بتاريخ من المراوغة في سبيل ألا نمكن الفلول من مصر لنضعها على طبق من فضة للإخوان ، ولكني أحذر بدوري الإخوان فلقد ساندناكم حتى النهاية وأذكركم بأن للحمار " رفسةً " تأتي بغتة دون سابق إنذار ربما بعد أن يفيض به الكيل ، وربما بعد أن يفيق أنه في أسر بعض الذئاب .. ولا تنسوا كيف فعل الحمار بمبارك في نهاية الأمر ..
 
-         والآن يأتي دور الخرفان ، وربما بدأت بالحديث عن الحمير حتى لا يغضب الخرفان ، انزعوا عن أنفسكم تلك الصفة ، صفة الانسياق والانقياد بمجرد سماعكم صوت الراعي محذراً أو نافخاً في بوق ، أو أن يجري من حولكم بعض الكلاب نابحةً لتحدد لكم وجهتكم ، ارفضوا وبشدة أن تُنتزَع إرادتكم تحت شعار الدين وراية تطبيق الشريعة ، واعلموا أنكم تملكون من صفات الطيبة حتى العبط أيضاً مثلنا ، ولكنكم تُخدَعون في بعض الذئاب التي ترتدي فِرائكم لتَنْدَسَّ في وسطكم لتأخذ منكم ستاراً وغطاءاً لتنفذ مآربها ، أشرف لي أن تنضموا لصفوف الحمير الحمولة الصبورة الطيبة التي تثور في نهاية الأمر لتأخذ حقها بأرجلها الخلفية ، على أن تكونوا ضحية تحت سكين جزار ليس له قلب يرحم ، أتفهم أننا لا نرى أن الإعلان الدستوري فيه تأليه للرئيس ، فهذا لربما أننا نحب أميراً من أمراء المؤمنين وحفيد عمر بن الخطاب ( كما قال أحد المضللون ) ، أو أننا نسعى للاستقرار ونريد الخلاص من " الفيلم الهندي " الذي نحياه ، لكن أننا نحاول أن نروج " بطريقة ساذجة " تخوين كل من يناهض هذا الإعلان ونتجاهل كم " استعباط ، واستحمار ، واستغفال الإخوان للشعب " نكون قد اكتسبنا سمات الخراف ..
 
أننا لا نرى شيئاً ناقصاً ومعيباً في الدستور ، فهذا لربما عيب فينا لأننا لسنا فقهاء دستوريون ، لكن أننا لا نرى أن هناك عيباً في الجمعية التأسيسية بعد انسحاب القوى المدنية والكنائس المصرية ، ولا يتم التوافق عليه بعد أن وعد الرئيس ، فنصبح خرفان منساقون في مرعى كبير  ..
 
-         أما عن الذئاب التي تردد ذكرها فهي بالفعل من اللؤم حتى تجعل من طيبة الحمار وانسياق الخروف سبباً لتجعلهما يتحاربا متجاهلين أن ذئباً يقود قطيعَ ذئاب ، جاء مرتدياً ذلك الفراء متنكراً ليصيد منا ومنكم الفرائس ، لقد انتزع الذئب عن نفسه فراء إخوته وترك الانسياق لهم ، ليُكَشِّر " مرسي " عن أنيابه للجميع مُعلناً إعلاناً دستوريا دكتاتورياً ينسب لإله دون أن يأخذ أراء مستشاريه ، وتلفيق وسلق دستور يُصَوَّت على مواده بين ليلةٍ وضحاها ليرفع ستة عشر عضواً أيديهم بعدم الموافقة ، ثم ينخفض العدد لأربعة بعد قولة الغرياني أنه إذا ثبت هذا العدد سيضطر لإعادة التصويت بعد 48 ساعة فيتحول المعارضون للمادة إلى موافقين في جزء من الثانية  " بقدرة قادر" وينخفض العدد لأربعة فقط تمسكوا باعتراضهم ، ليخير الشعب في النهاية على الاستفتاء عليه إما " بنعم " لأنها مفتاح الجنة ، وإما " بنعم " أخرى وإلا ستشربون من البحر ، وهو على مرأى ومسمع من بذور حرب أهلية بدأت تُنبت براعمها بين أفراد الدين الواحد وقد كنا نحسب التخوف فقط من فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين ، ليفلت مخالبه من أيدي من دعموه وساندوه بعد أن كانت أيديهم " إيد واحدة " في وجه ذئب قديم ، ذئب الفلول " أحمد شفيق " فيترك كل من سار خلفه داعماً " ليموتوا بغيظهم " وليُشْتَموا ويُسبوا بألفاظ البذاءة والكفر على ألسن بعض الضباع التي تمشي مع قطعانهم مرتديةً عباءة الشيوخ وعمة الإسلاميين ، يدعون الشعب للتصويت على الدستور أياً كان فقط عِنداً مع المعارضين له وليس لأنه دستور يليق بمصر، يطردون الناس من أرضهم لأنهم فقط لا يريدون أن يكونوا حميراً أو خرفاناً أو ذئاباً وإنما يرغبون في سمات البشر من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ..
 
-          شعبنا العزيز " المهاود " أرجوك لا تصوت بنعم على الدستور حتى لا تصبح كالحمار يحمل أسفاراً ، شعبنا العزيز المهاود ( اللي على فكرة مش إخوان ) قبل أن تؤيد وأنت لست أخوانياً أو سلفياً اقرأ الدستور في البداية فحبك للدين ليس معناه أن تقدس كتاباً آخر غير القرآن حتى تصوت عليه بنعم دون أن تعيه ، قادتنا الذئاب تذكروا أن نهاية الذئب مأساوية في كل حدوتة حكاها لنا الجدود ..
تعليقات القراء