هالة منير بدير تكتب: سوسة على كرسي مرسي ..!!

 

اضرب بيد من حديد يا رَيِّس ..! ، ادفنهم في مكانهم يا مرسي وإحنا وراك ..! ، افرم يا مرسي ، افرم كمان ..! هتافات مريضة من مؤيدين لا يحتشدون إلا إذا أُعطي لهم الضوء الأخضر ، وإذا احتشدوا فإنهم موافقون على قرارات لم تصدر بعد ، ومبررون أقل ما يوصفون به هم سُوس على كرسي الرئاسة ، نعم سوس يَنحر في كرسي رئيس منتخب لم يَفِق بعد من هول تحمله رئاسة مصر ، حتى يُبْلَى بنداءات إسقاطه في ثلاثاء الغضب ..
مستشارون يتقدمون باستقالتهم فُرادى ، أو آخرون لا يزالون في مناصبهم من بعد سُبَّة إصدار الإعلان دون استشارتهم ، أو متحدثون باسم الرئاسة بمنصب أو متطوعين كصفوت حجازي " عمر سليمان العصر البائد " الذي يصرح بأن الشعب غير مؤهل للديموقراطية ولا للحرية ، أو السيد غزلان الذي يصف المتظاهرين بأنهم عناصر مستأجرة واهمة بإسقاط النظام ، وآخرون يتهمون المتظاهرين بالحصول على أموال ووجبات لاقتحام مقار الحرية والعدالة ، ولا يوجد من بينهم ناصح أمين يَهمس في أذن الرئيس أن نهاية أليمة ستقع إذا لم يسقط أو يُعدل إعلانه الدستوري ..
ونحن ليس علينا إلا أن نشاهد فيلماً بائساً بكافة مشاهده ، بل وبكواليسه وما يحدث فيها من غوغائية واضطراب ، نسمع نفس تصريحات النظام القديم بكل تفاصيلها الغبية ، ولكن الأشد غباءً أن تتكرر على ألسن أشخاص هم على تمام العلم بنهايتها كيف كانت وكأنهم نسوا أن مقولة أن " مصر ليست تونس " على لسان صفوت الشريف وفي النهاية أصبحت كذلك ..
لم نسمع من السوس الإخواني اعتراضاً على رؤسائه عندما كان يجلس ويتفق ويضحك ويصافح السوس الليبرالي العلماني الكافر من قبل !! أين أنتم أيها المتأسلمين الإخوان ومشجعي حازم أبو إسماعيل في صفحاتكم الثورية أو على أرض الواقع من صور قادتكم في مقابلات تضم البرادعي وعمرو موسى وحمدين وأبو الفتوح ومن قبلها اتفاقات مع عمر سليمان والمجلس العسكري ؟ أين أنتم من الزج بشبابكم ليقفوا حوائط مانعة أمام مجلس الشعب عندما اعترض الناس على حكومة الجنزوري الفلولية ؟ أين أنتم من مشاهد السحل والضرب والتعذيب للمتظاهرين في الشوارع على يد الرئيس المؤمن مرسي هذه الأيام ؟ أين أنتم من مشاهد شهداء أقل من عشرون عاماً أقرب إلى الطفولة والصبا من القتل عمداً في الوجه والصدر ؟ أين أنتم من حرمة الدم وأن حياة إنسان أهم من أن يحترق مبنى ؟ أم أنكم بنفس منطق الحزب الوطني ومؤيديه أن يحترق المجمع العلمي أقسى وأفظع من أن تُزهق روح ؟! .. أين أنتم من خطاب مرسي العاطفي للإسرائيليين الذي استهله بصديقي الوفي وأنهاه بتمني رغد العيش لهم ، في حين أنكم تسلخون البرادعي وتتصيدون له الأخطاء وتحورون كلامه كلما أفضى بتصريح وكأنكم حزب وطني جديد يحاول نسج الإشاعات حول الرجل ليبغضه الشعب لعلمكم بمدى قوته وتأثيره ؟! .. أين أنتم من تصريح قادتكم أنكم لن تحشدوا مظاهرات لتأييد الإعلان الدستوري ثم تنزلوا في دمنهور والمحلة وغيرها فتصطدموا مع المتظاهرين المعارضين للإعلان فيسقط المصابون وعندما يُسأل متحدث رسمي باسمكم عن هذا يرد بمنتهى السُخف والاستخفاف أن قرار عدم النزل كان على القاهرة فقط ؟!! ..
وتصريح مني ، من سوسة ثورية ليبرالية : لا أرفض الإعلان بأكمله ولكن أطلب إسقاط مواد التحصين لقرارات الرئيس والجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وأرفض التدخل في شئون القضاء ، وكما تتهمون الثوار بأنهم وضعوا أيديهم في أيدي الفلول ، فأنتم وضعتم أيديكم من قبل في أيدي آباء الفلول ، قد أؤيد صفوت حجازي في انسحابه من برنامج الإبراشي عندما اتصل مرتضى منصور " الفلول " وقد أؤيد طرد أدمن صفحة " إحنا آسفين يا ريس " ، ولكن الثوار واضحون منذ البداية ولا يسيئهم أبداً أن ينضم لهم فلول تطابقت مصالحهم مع الثورة الآن ، وهم على تمام العلم من يحمل في قلبه نية صادقة لإتمام مطالب الثورة ، ومن يركب عليها للوصول لمآرب خاصة ، وهم أيضاً على علم أن " كل ريمة ترجع لعادتها القديمة " عندما تهدأ الأجواء ..
يا سيد مرسي خُذ العبرة من أسلافك :
احذر يا مرسي مستشاريك ومناصريك ومؤيديك ، وخذ الدرس من سلفك المخلوع المسجون فما وضعه في مآله هذا هو صم آذانه عن معارضيه والسماع والاستمتاع فقط بآراء حلقة الفساد التي كانت تحيط به من مؤيدين " مطبلاتية " يصفقون على ما ينجزه وما لا ينجزه ..
مبارك كان أذكى فقد كان يطل علينا بطلعته البهية ليخطب ويستدر عطف الناس ، وكان يستميل قلوب الكثيرين ليؤيدوه ويقسموا الشارع في تأييد بقائه من عدمه ، أما أنت ففي كل يوم تتمادى فيه في التجاهل فإنك تقسم الشارع على نفسك وتخسر نقاطاً كنت قد كسبتها من قبل في وقت قياسي ..
لقد استخدمت لفظة " السوس " ، بل تستطيع أن تفرزه وتجنبه على جنب ( كما قلت في خطابك الأخير أمام قصر الإتحادية ) ولكن هل عندك المهارة لتكتشفه في الوقت المناسب ؟! قد تعتقد في السوس أنهم من المعارضين فقط ، وأذكرك بالقذافي الذي استخدم لفظة الجرذان في خطاباته وكانت نهايته أن أخرجوه من مأوىً للجرذان ، إذاً فلتنتبه لعباراتك جيداً ..
ربما العيب لم يكن في مبارك أو في النظام ، ربما العيب في " سوسٍ " حقيقي ، يسكن ويستوطن كرسي الرئاسة يحمل فيروس فرعوني قديم ، فيصيب كل من يجلس عليه بمرض الكِبر وعنجهية السلطان وجبروت الحاكم ، ثم ينسيه كيف خلا هذا الكرسي من قبل ليطيح بمن كان عليه ويهديه نهاية مأساوية ، نهاية محتملة ومتوقعة بشدة لمن لم يُحَصِّن نفسه ضد هذا الداء العضال ، داء الحاكم ..

تعليقات القراء