وائل غنيم يكتب: سيدخل كل ما حدث في ذاكرتنا المتبلّدة .. سننسى كل شيء .. حتى نفيق على موعد مع كارثة جديدة ..

 

هل تعلمون ما يدمي القلب .. 
هي الحقيقة المرة .. 
التي عشناها على مدار سنوات عمرنا القصيرة ..
 
سنغضب ونهتف ونصرخ ونتألم ونبكي .. 
سنرفع البروفايلات السوداء ونعلن الحداد على الفيسبوك وتويتر .. 
 
سيغضب المذيعون عبر شاشات التلفزيون التي تزينها الشريطة السوداء ..
 
ويعتذر المسؤول الفلاني عن الخطأ الجسيم ويعزوه إلى "الإهمال" و"الفساد" و"النظام القديم" و"فلول الوطني" وغيرها من الشماعات .. 
 
وسنشاهد صورة رئيس الوزراء وهو يزور المصابين في المستشفيات ويؤكد على أهمية رعايتهم صحيا في بقايا المستشفيات الحكومية .. 
 
وسيوجه الرئيس ببدء تشكيل لجنة لعمل خطة متكاملة لإصلاح منظومة السكة الحديد لتقوم اللجنة بتكوين مجموعة عمل ينبثق منها مشروع يديره مسؤولو عن مبادرة ينتج عنها توصيات تُطبع في أوراق ملونة وترسل إلى مكتب سكرتير أول مدير مكتب رئيس قسم التواصل في مؤسسة الرئاسة ..
 
وسيعلن النائب العام عن تشكيل لجنة خاصة للبحث عن اسم مسؤول كبير كبشا للفداء ليتحمل المسؤولية الجنائية ثم يتم تبرأته لاحقا في ساحات القضاء لعدم كفاية الأدلة .. 
 
ستنتشر صور الشهداء وأهاليهم في كل مكان .. وسنبكي جميعا على مشهد أم وهي ترفع أيديها بالدعاء على الظالمين وتطالب بعودة ابنها التي لم تفق بعد من صدمة أنه مات .. 
 
وبعد أيام قليلة ..
وللأسف .. 
سيدخل كل ما حدث في ذاكرتنا المتبلّدة .. 
وسنواصل صراعنا مع الحياة وكأن شيئا لم يكن .. 
سننسى كل شيء .. حتى نفيق على موعد مع كارثة جديدة ..
ووقتها سنسأل: أين كل ما حدث؟ أين كل الوعود؟ أين ذهبت همتنا ومطالبنا في التغيير؟ ماذا فعل المسؤولون؟ لماذا تكرر المشهد بحذافيره؟
 
كلما فكرت في ذلك .. زدت همّا على همّي .. 
 
رحم الله كل من مات .. 
وحسبنا الله على كل من يحاول يوما بعد يوم أن يقتل حلما جميلا أحياه شباب هذه الأمة ..
 
تعليقات القراء