هالة منير بدير تكتب: هتقول " لأ " للدستور بالطعم السلفي أم الليبرالي ..؟!
2012-10-30 15:54
عندما تأتي الساعة الموعودة وتقف بين ورقة وقلم لتصوت على دستور مصر ؛ فاعلم أنك في امتحان سخيف مُعاد بنفس أسئلته وإجاباتها المتوقعة وهي : إما " نعم " موافق ، أو " لا " مش موافق !! على غرار ما حدث في التصويت على التعديلات الدستورية ، ولكن هذه المرة سيكون التصويت على " دوريتوس " .. أقصد " التصويت على دستور ما بعد الثورة " إما ب "لا" أو ب "لا" أيضاً .. !!
كما تعلمون أن الدستور المتعثر ولادته لسنتين تقريباً والمنبثق عن جمعية تأسيسية لم يُبَت في حلها من بقائها إلى الآن ، والتي تكاد تخلو من الفقهاء الدستوريين الذين على أقل تقدير لا نسمع لهم صوتاً في التصريحات ؛ دستورله طعم " الدوريتوس " يعني الكيس نلاقي فيه طعمين في كيس واحد ، هكذا سيكون التصويت " اللأة " الواحدة هتكون بطعمين : الطعم السلفي والطعم الليبرالي .. !!
أما عن الطعم السلفي : وهذا لأن السلفيين وفي هذه اللحظة يحشدون للتصويت ب " لا " على الدستور لأنه من وجهة نظر جحافل السلفية حرام شرعاً وإثم مبين وردة عن الإسلام ومن يُصَوِّت عليه بنعم سَيُلقى في نار جهنم ، وأن من يخالفونهم من الليبراليين في الجمعية التأسيسية يقومون بوضع حجرعثرة في تطبيق الشريعة ويطالبونهم بالتوبة وتجديد الإيمان والعقيدة ، وأنهم ضالين مُضِلِّين ولن يفلتوا من العقاب الدنيوي ولن يُقبل منهم لا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج ، وكل هذا لماذا ؟؟ لأنه من الواجب أن تكون مادة الشريعة الإسلامية هي المادة الأولى في الدستور وليست الثانية !! أو لأن بقاءها في الأساس بنصها الحالي جريمة في حق الإسلاميين الذين يجب خوضهم لمعركة المصير ضد الليبراليين لإقامة شرع الله في مصر الذي ومن افتراضهم أنه غير مطبق منذ مئات السنين على أرض المحروسة !!! .. هذا بالضبط نفس الأسلوب المُتَّبع في فترة التصويت على التعديلات الدستورية ؛ إرهاب الناس وخداعهم بأن من سيصوت ب " لا " فإن مآله جهنم وبئس المصير ولابد أن يصوت بنعم كل من يحب الله ورسوله ، هذا هو إقحام الدين والدعوى بالجنة والنار في أمور دنيوية بعيدة كل البعد عن الدين ولا سيما أن شرع الله وشريعته الإسلامية مطبق ولا خلاف على ذلك ..
أما عن الطعم الليبرالي : فقد عانى المنادون بمدنية الدولة من تسلط الأحزاب الدينية وهيمنتها على الجمعية التأسيسية للدستور ومن قبلها في مجلس الشعب من مناقشات طويلة عقيمة لشئون مفروغ في أمرها دون أن يعقدها السلفيون بطريقتهم المعتادة من تكفير الآخر وإقصائه بدعوى أنه لا يريد تطبيق شرع الله لمجرد أنه في حزب أو تيار لا يحمل مسمى ديني أو يقوده شيوخ يكفرون ويجرمون الناس على أهوائهم ، لذا فهم ينادون هم الآخرون ب " لا " للدستور ولا لهيمنة التيارات الدينية ..
وبين لا السلفية البيضاء ولا الليبرالية السوداء فإننا نجد الحياة بلونها الرمادي المعتاد من الإخوان بموافقتهم على تمرير الدستور بمواده الحالية مع تصريحات مستفزة لهم هم الآخرين من أنهم سيحررون الوطن وسيجعلون الحكومة القادمة إسلامية وأنهم حماة الشريعة وحراسها ..
هل هذه هي الشريعة الإسلامية يا مدعو الإسلام ؟؟ أن تنفي حق الطبيب المصري في مطالبته الحصول على منظومة صحية محترمة ولائقة وتصفه بأنه عدو للوطن ؟؟ أن تطالب بهدم الآثار المصرية وتدعي في هذا العصر وبعد مرور آلاف السنين أنه سيأتي يوماً يعبد فيه المصريين هرماً أو تمثالاً فرعونياً ؟؟ لا والله وإنما عقولكم القاصرة هي التي تهيئ لكم مثل هذه التصورات ، افهموا أنتم كيفية الدعوة إلى الإسلام في البداية ، وافهموا كيفية الاختلاف مع الآخر ، وستعلمون ما هو الإسلام الحق لأنكم أصبحتم أسوأ رمز للإسلام بتصريحاتكم الخائبة على الدوام ..
وبين هاتين ال " لأة " السلفية وال " لأة " الليبرالية ، وال" نعم " المشبوهة خاصة الإخوان ؛ سيقف الشعب طوابير طويلة عريضة تشبه تماماً طوابير اصطفت على شباك سينما لتشتري تذاكر لفيلم " عبده موتة " ليكسب من جيوب الشعب الفقير خمسة ملايين جنيه ، وبعدها إذا طُلب منهم التبرع لعمل خيري تجد الإجابة : ( اللي يحتاجه البيت يِحْرَم ع الجامع ) ، شعب عجيب بحق يبقى عارف إنه داخل فيلم لراقصة وأنه سيشاهد كافة مشاهد الإسفاف على جرعة من التلوث السمعي والفكري وبالرغم من هذا يدخل ويصرف وبعد كم أسبوع يقف في طابور التصويت على الدستور ليصوت ب " لا " السلفية لأن شيخ الزاوية حذره ليلة امبارح بعد صلاة العشاء إن اللي هيصوت بنعم هيدخل النار !!
في كلا الحالتين سواء ستصوت بلا لأنك سلفي أو بلا لأنك ليبرالي فإننا لا نعلم هذه المرة ما مآل الدستور وأتساءل أين الفقهاء الدستوريون من هذه المهزلة السياسية ؟؟!! ..
تعليقات القراء