علاء الدين العبد يكتب: بكالوريوس في حكم الشعوب

أخشى أن يأتي اليوم الذي يستشهد فيه أحد جنودنا أو يُصاب برصاص إسرائيلي فنقرأ خطاب من الرئاسة أو الخارجية رداً على الحادث بمقدمة " أنت الذي بدأ الملالة والصدود وخان حبي .. فإذا دعوت اليوم قلبي للتصافي لن يُلَبِّي " ..

للأسف الشديد إن حالة خطاب الرئيس ( الحميمي ) إلى شيمون بيريز لا يُعَبِّر فقط عن حالة من الارتباك تمر بها رئاسة الجمهورية بقدر ما أصبح مؤشر واضح جداً عن حالة من الخيبة ، فأقل ما توصف به الرئاسة أنها تعمل بدون ضابط ولا رابط وأنَّ هناك عشوائية في توزيع الأدوار ولا يوجد من يراجع أو يُوَجِّه أو يُصَحِّح أو ينصح !! ..

لا يهم أحد إذا كان هذا الخطاب هو ديباجة واحدة أم لا ،  ولا يهم أحد إذا كانت إسرائيل تنشر هذا الخطاب لنشر الكراهية لمرسي ، ما يهمنا هو أن ذلك الخطاب صدر فعلا من الرئاسة بهذه الصيغة المهينة لنا كمصريين .

الخطاب لا يوجد عليه فقط توقيع الرئيس بل للأسف الشديد توقيع رئيس ديوان رئيس الجمهورية وتوقيع وزير الخارجية  ، وببساطة شديدة وبكل وضوح وسهولة حين نتخيل أن الخطاب بعد إعداده ( و إذا افترضنا صحة ما قالوه أنها ديباجة محددة لجميع الدول ) لم يسترعي ذهن أحد من أصحاب التوقيعات الثلاث أن يستوقفه أي عبارة أو جملة بالخطاب ..

من أعطى الرئاسة هذه الديباجة ؟! من أعدَّ الخطاب ؟! من قدَّمه للرئيس ؟! أين السادة المستشارون ؟!..

إذا مرَّ ذلك على وزير الخارجية فمعناه أنه ما زال يعمل في ضوء المدرسة القديمة التي تربَّى فيها وليس له أدنى  رؤية للسياسية الخارجية  ( وتلك المصيبة الكبرى )  وأنه موافق على هذا الخطاب ويرى أن الرئيس مرسي لن يمانع التوقيع أو يعترض عليه !!
فإذا كان هذا حال وزير الخارجية فكيف ومن أين يستمد أو يرسم سياسة مصر الخارجية ؟ وكيف له أن يعيد لمصر مكانتها بين الدول وهو لا يقوى على إعادة صياغة خطاب ؟؟

 إذا كان الرئيس ورئيس ديوانه يرى ذلك الخطاب عادي وبروتوكولياً ، وإذا ما استبعدنا أي إحتمالات سيئة ،  فمعنى ذلك أحد الاحتمالين ، الاحتمال الأول : أنهم ليس لديهم أدنى خبرة في تغيير مجرد ديباجة خطاب لا تتناسب على الأقل مع  طبيعة العلاقة بين البلدين و ليس لديهم أدنى خبرة في توقع رد فعل الشارع المصري والمعارضة لذلك الخطاب .
الاحتمال الثاني : أنهم على درجة عالية من السذاجة ممكن جداً تورطهم وتؤدي بهم  وبنا وبمصر كلها إلى  ما لا يحمد عقباه ، قرارات  ستزيد من سخط الشارع وغضبه وإحباطه ،  وفي الحالتين فكيف نطالب من الشارع أن يصبر على حكومة قنديل والرئاسة نفسها على هذا القدر المحدود والضئيل من الخبرة السياسية ؟؟ ..

كيف نطالب الشارع أن يصبر وكل يوم يُطالعنا السيد / ياسر علي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ، لكي يبرر للرأي العام أو يعتذر ، أو يوضح أو ينفي أو يؤكد أخطاء الرئاسة ومستشاري الرئيس  ؟؟..

كيف نطالب الشارع أن يصبر حين نجد أن السيد / حسن البرنس ،  الذي صرَّح في سبتمبر الماضي بأن الرئيس السابق للهيئة العربية للتصنيع خصص 10% من أرباح الهيئة للرئيس محمد مرسي ، ويرفض التعليق على ذلك السيد / ياسر علي ، ولم تتم محاسبته على هذا التصريح ، ثم نجد الرئاسة تُعَيِّن السيد / حسن البرنس منذ أيام ، نائب محافظ الإسكندرية !! هل يُعَد ذلك من باب المكافأة ؟! أم من أي باب ؟!! ..

أنتظر في الأيام القليلة أن نجد تعيين عصام العريان نائب لمحافظ أيضاً بعد تصريحاته حول تسجيل المكالمات الهاتفية للرئاسة !!..

ماذا تريدون من المواطن البسيط بعد أن أصبحت الرئاسة نفسها بمستشاريها هي مصدر البلبلة والشائعات في الشارع ؟!! ..

السيد / ياسر علي في أحد تصريحاته حول (حالة ) النائب العام ، أفاد أن هناك دروس مستفادة من النقد الموجه للرئاسة ، فهل ستستمر الرئاسة في تلقي هذه الدروس حتى تحصل على بكالوريوس في حكم الشعوب ؟؟ وهل سينتظر الشعب المصري أن نبدأ بعد ذلك التطبيق العملي للحكم لمدة أربع سنوات أخرى ؟؟!!! ..

في النهاية أسأل شيوخنا ورجال الدين المحترمين والسادة إخواننا من الإخوان والسلفيين : هل يجوز شرعاً أن يكتب رئيس مصر لرئيس دولة إسرائيل ( ولا سيما إن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة ولبلادكم من الرغد ) .. ؟؟!! ..

 

تعليقات القراء