الروس هددوا بالتدخل الفوري .. قرار أمريكي بـ «التأهب النووي» لإنقاذ إسرائيل من أنياب «الجيش المصري»

الموجز

كانت الحرب الباردة في أوجها في مطلع السبعينيات من القرن الماضي حيث دعمت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل ودعم الاتحاد السوفيتي مصر وسوريا وبالتالي أصبحت الحرب تجري بين الطرفين بالوكالة عن القوتين الأعظم في العالم.

وكانت الولايات المتحدة تنتج أفضل الأسلحة ولا تتردد في منح إسرائيل أحدثها، لذلك نجحت إسرائيل في وقف تقدم القوات المصرية والسورية سريعا وانتقلت فيما بعد إلى الهجوم فنجحت في استرداد أغلب الأراضي التي خسرتها ونشطت الجهود الدولية لوقف القتال.

وعلى أثر ذلك تلقى الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون رسالة من الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف.

وقد حذر بريجنيف من أن الروس قد يتدخلون في القتال بين إسرائيل ومصر، وكان الإسرائيليون في تلك المرحلة أصحاب اليد العليا بعد أن عبر الجنرال أرييل شارون (رئيس الوزراء الإسرائيلي فيما بعد) قناة السويس.

ذكرت وثائق بريطانية سرية تم كشف النقاب عنها في عام 2004 أن الحكومة البريطانية كانت غاضبة من عدم استشارتها أو إبلاغها بشكل صحيح بشأن حالة تأهب نووي عالمي أعلنتها الولايات المتحدة خلال حرب أكتوبرالأول عام 1973.

وكتب بول رينولدز مراسل الشؤون العالمية في بي بي سي حينذاك يقول إنه في المذكرة اللاذعة، التي نُشرت بعد 30 عاما من السرية، اتهم رئيس الوزراء البريطاني آنذاك إدوارد هيث الرئيس نيكسون بصرف الانتباه عن فضيحة ووترغيت.

وكتب هيث في تلك المذكرة يقول: "علينا أن نواجه حقيقة أن العمل الأمريكي تسبب في ضرر جسيم، كما أعتقد، في هذا البلد وفي جميع أنحاء العالم".

وأضاف قائلا:"يجب ألا نقلل من تأثير ذلك على بقية أنحاء العالم".

ومضى يقول "يبدو أن رئيسا أمريكيا في ذلك الموقف (فضيحة ووترغيت) مستعد للذهاب إلى مثل هذا المدى في أي لحظة دون استشارة حلفائه، ودون أي مبرر عسكري في ذلك الوقت".

وهذه الحلقة هي مثال على مدى السرعة التي يمكن أن يحدث بها انقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها.

وشدد هيث على أنه علم بحالة التأهب النووي من وكالات الأنباء.

وكتب هيث يقول: "عندما سألت وزير الخارجية (السير أليك دوغلاس هوم) عن ذلك، كنت جالسا بجانبه على المنصة بينما كان على وشك الإدلاء ببيان، لقد كان في نفس الموقف".

وقد تفاقمت المشكلة بسبب محاولة واضحة من قبل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنغر للتقليل من أهمية حالة التأهب، فضلا عن مشكلة اتصال تتعلق بالبريطانيين.

ماذا تعني حالة ديفكون 3؟

وهكذا تم رفع حالة تأهب واستعداد الجيش الأمريكي إلى ما يعرف بـ "ديفكون 3 "حالة الدفاع 3".

وهناك 5 مراحل من هذا القبيل والحالة الثالثة تعني أن جميع القوات، بما في ذلك القوات النووية، في حالة استعداد عالية.

ذكرها بطريقة "محيرة" أو غامضة

وبحسب تقييم حالة التأهب من قبل لجنة المخابرات المشتركة، فإن الدكتور كيسنغر أبلغ السفير البريطاني في واشنطن اللورد كرومر عن حالة التأهب لكنه ذكرها بطريقة "محيرة" أو غامضة.

فقد أخبر اللورد كرومر عن "انخفاض مستوى التأهب العسكري مع إلغاء إجازات العاملين في البحرية والجيش في المناطق المجاورة للمنطقة التي تشهد الأعمال العدائية".

ولفتت لجنة الاستخبارات المشتركة إلى أنه "من الصعب التوفيق بين هذا البيان وفرض مرحلة التأهب الثالثة التي شاركت فيها القوات الأمريكية، بما في ذلك قواتها الاستراتيجية، في جميع أنحاء العالم".

أبلغ الدكتور كيسنغر اللورد كرومر في الساعة 0515 بتوقيت لندن.

ودخلت حالة التأهب حيز التنفيذ في حوالي الساعة 0600، وقد اتصل كرومر بلندن في الساعة 0620 ولكن لا يبدو أن أحدا أخذ الأمر على محمل الجد.

إذ لم يخبر أحد رئيس الوزراء أو وزير الخارجية.

وعلم ضابط المخابرات المناوب في مكتب مجلس الوزراء في الساعة 0730 بحالة التأهب من مركز المراقبة الإلكترونية للحكومة الذي كان قد علم من دوائر استخباراتية أمريكية بالأمر.

ولم ترسل البحرية الأمريكية إخطارات رسمية بالأمر إلى دول الناتو حتى الساعة 0800.

كان هناك تفصيل آخر يوضح نقص الاتصالات.

بدأ اجتماع الناتو، الذي تم فيه شرح حالة التأهب، في الساعة 1145 وانتهى في الساعة 1330.

ومع ذلك، لم يرسل السفير البريطاني رسالة إلى لندن حتى الساعة 1425. وقد سأل إدوارد هيث عن السبب.

وكان مبرر السفير أنه كان في الاجتماع بمفرده و "لم يكن لديه أي شخص يمكنه تمرير الرسالة إليه ليبعث بها في وقت أبكر".

وخلصت لجنة الاستخبارات المشتركة إلى أن حالة التأهب لم تكن ضرورية من الناحية العسكرية: "نميل إلى رؤية أن رد الولايات المتحدة أعلى من اللازم لتحقيق التأثير المطلوب"، على حد قولها.

ولطالما قال الدكتور كيسنغر إن ذلك مبرر لأنه يضمن عدم تحرك السوفييت.

وأشارت مقابلات لاحقة مع مسؤولين سوفييت إلى أن رسالة بريجنيف كانت خدعة، حيث أمل في أن تجبر الولايات المتحدة الإسرائيليين على التوقف.

الوضع في إسرائيل في يوم كيبور

في ذلك الوقت كان إيهود باراك الرجل الذي أصبح فيما بعد رئيسا لوزراء إسرائيل قد تخرج للتو من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأمريكية لكنه كان قد أدى خدمته العسكرية في القوات الخاصة الإسرائيلية لذلك جمع أغراضه وعاد إلى تل أبيب بمجرد سماع الأخبار.

وبمجرد وصول باراك توجه مباشرة إلى مركز قيادة القوات الإسرائيلية والمعروف باسم "الحفرة".

ويقول باراك "لقد كانت الوجوه شاحبة كأنما يعلوها الغبار فقد كانت هذه اللحظة هي الأشد قسوة خلال الحرب وبعد ذلك بدأت القوات الإسرائيلية في دخول المعارك والسيطرة على مساحات من الأراضي، لكن في ذلك اليوم ضاع أثر نصر 67 النفسي وضاع شعور أن الجيش الإسرائيلي لا يُهزم".

إعلان أمريكا التأهب النووي أثناء حرب أكتوبر

 

تعليقات القراء