أشرف مروان تاني .. إسرائيليون يفجرون مفاجأة!
الموجز - إعداد _ محمد علي هـاشم
نعم، فيلم آخر عن مروان بصدد العرض العام المقبل، والذي يرى فيه عميلًا “مخلصاً نظيفاً” لمصر. ليس هذا فقط، هناك كتابان جديدان صدرا في نفس الوقت، وكلاهما يحمل كمًا هائلًا من المعلومات الخطيرة، والتي يجب على الدارسين للأمر الاطلاع عليها: الكتاب الأول بعنوان “THE MAN WHO FELL TO EARTH” وفيه يكشف أهرون بريجمان لأول مرة جانبًا من الأحاديث التي دارت بينه وبين مروان في سنتيه الأخيرتين، من خلال تفريغ لبعض التسجيلات التي احتفظ بها وكانت في حوزة سكوتلانديارد أثناء التحقيق في وفاة الأخير.
أما الكتاب الثاني فهو لأكاديميين إسرائيليين من الجامعة العبرية بأورشليم بعنوان “الحرب السوفييتية الإسرائيلية 1967- 1973” الصادر عن جامعة أوكسفورد، وهو مبني على ورقة بحثية نشراها عن أشرف مروان في دورية الشرق الأوسط وأفريقيا المرموقة الصادرة عن دار راوتلج.[1] يأتي ذلك أيضًا بعد ورقة طرحها يوري بار جوزف، نُشرت في دورية INTELLIGENCE AND NATIONAL SECURITY وهي في جوهرها ما وجدناه في كتاب الملاك، ولكن بمزيد من الإصرار على رجاحة تفسيره.[2]
إذًا، يجب أن نضع هذا الفيلم في إطار أوسع نرصد فيه حراكًا غير طبيعي يشمل عددًا ملحوظًا من الدراسات والأبحاث التي نُشرت في الثلاثة أعوام الأخيرة بشكل يثير ثلاثة أسئلة هامة:
عن توقيت هذا الحراك الغير طبيعي؟
وما الجديد الذي يجلبه؟
وما هو رد الفعل المصري حياله؟
١- توقيت الحراك
هذا سؤال تصعب الإجابة الحاسمة عليه.
أحد العوامل التي اقترحها البعض هي مرور أربعين عامًا على ذكرى نصر أكتوبر، والحاجة التي خلقتها هذه الذكرى عند الإسرائيليين لفهم ما حدث، فلا يمكن لأحد أن ينكر حجم وثقل دور مروان المفصلي في الأمر. أرى أن هذا التفسير مفهوم في العام 2013 (عام الذكرى الأربعين)، لكن لماذا يمتد الأمر إلى العام الخامس بعد الأربعين، ويحتدم الآن بهذه الصورة؟
يهيأ لي أن الأمر مرتبط بحالة الصراع الداخلي بين أجهزة الأمن الإسرائيلية، فمرارة “هزيمة عيد الغفران” لم تفارق حلق قيادات عديدة ما زالت تلعب دورًا مؤثرًا في جهازيّ الاستخبارات الأساسيين في اسرائيل: الموساد وأمان. وإن كانا خرجا من الخدمة، فإن الصراع بين إيلي زعيرا وزفي زامير (الأول رئيس الاستخبارات العسكرية والثاني الموساد) حول طبيعة دور مروان ظل قائمًا، حتى أن القضايا المرفوعة بينهما بسببه كانت في دوائر القضاء الإسرائيلي إلى وقتٍ قريب، وكلاهما ظهر في ندوة محتدمة بسبب الذكرى الأربعين في معهد الأمن القومي في تل أبيب.
فالقضية تطعن بشكل مباشر في شرف هذه الأجهزة؛ لأن دور مروان إما أنه رفعهم إلى سابع سماء أو خسف بهم إلى سابع أرض، لا يوجد حل وسط.
هنا أود الإشارة إلى حقيقة أن الانقسام الحاد في الأمر أدى بشكل مباشر إلى انقسام حاد حول طبيعة الهزيمة، فكيف ينهزمون ولديهم هذا القدر من المعلومات الدقيقة والحساسة التي أمدها بهم مروان، إلا إذا كان “في الأمور أمور”، وهو أمر ليس باليسير، وقد لا يشعر به المواطن المصري الذي يقف على الجانب الآخر من المسألة بأعصاب هادئة.
هذا الانقسام هو التفسير العملي للمسألة في ضوء المتاح، وعلينا ألا نسارع في الظن أن إسرائيل تحاول توجيه الأمر نحو مصر بهزيمتها معنويًا أو ما يشابه ذلك، لأن الأمر كما قلت ليس فيه وجهة نظر رسمية لكي يستخدموها. باختصار، لا توجد “رواية إسرائيلية” كي نعتقد أنها تُستخدم في حرب دعائية ضد مصر.
هذا يعني أن الباحث عليه أن يتعامل مع محتوى نظرية بار جوزف (في كتاب الملاك وأوراقه) بجدية بعيدًا عن تأويلات نظريات المؤامرة التي تذر أي بحث أو معلومة في الهواء بلا موضوعية، آخذين في الاعتبار أن هناك رواية أخرى داخل اسرائيل نفسها تنصف مروان.
سأترك هذه النقطة الآن لأتحول للسؤال الثاني والذي يرتبط بمسألة الدافع وراء هذا الحراك إذا حاولنا فهم محتوى هذا الحراك.
٢- ما الجديد في هذا الحراك
بالنظر لكل ما هو منشور، نجد أن الكفة ترجح نحو كون مروان جزءًا من خطة الخداع الإستراتيجي المصرية، وليس العكس كما يرى معسكر يوري بار جوزف، الذي سنبدأ معه.
ورقة بار جوزف الأخيرة (كتاب الملاك) أعاد فيها التأكيد على كون مروان قد أمد الموساد بكم هائل من المعلومات التي يستحيل الاعتقاد معها أن مروان كان يخدعهم. إمداد الموساد بخطة جرانيت 1 (شاملة خطة تطوير الهجوم عبر المضائق)، عدة تحذيرات عن هجوم محتمل من قِبل مصر وسوريا، وأهم شيء محاضر لقاءات السادات مع القيادات المصرية بخصوص التسليح.
هنا يتساءل القارئ عن الآتي: أولًا، هل ما قدمه مروان بالفعل الخطة جرانيت كما هي؟ بارجوزيف نفسه يعجز عن الإجابة، ويقر بأن التنويعات التي حصلوا عليها تجعل من المستحيل التأكد أي الإصدارات (VERSIONS) التي حصلوا عليها هي الحقيقية. أضف إلى ذلك كون مروان لم يخبرهم بأن خطة تطوير الهجوم تم إلغاؤها. أما التحذيرات فليس من الصعب التخيل أنها كانت جزءًا من خطة الخداع الإستراتيجي، أمر قد تكشف في عدة وثائق وتقارير بعد ذلك.
والطريف أن بارجوزف نفسه يدلل على صحة احتمالية حدوث الهجوم بأن الملك حسين قد أبلغ جولدا مائير بالأمر، ومكمن الطرافة في الأمر أن هناك من الدلالات ما يكفي للإيقان بأن الملك حسين نفسه قد تم تسريب معلومات غير دقيقة له كجزء من خطة الخداع.
أما النقطة الأخيرة فهي الأهم: بالفعل قدم مروان لإسرائيل محاضر للقاءات روسية مصرية، ولعلنا نتساءل مع زعيرا: ما كانت النتيجة؟ النتيجة أن تلك المحاضر أفضت إلى إيقان اسرائيل أن مصر لن تدخل الحرب لأنها لم تحصل على صواريخ سكود ولا قاذفات بعيدة المدى، الأمر الذي سيُعرف بعد ذلك في وثائق إسرائيل بالإصطلاح: CONCEPTZIA، وهو عقيدة تبنتها أجهزة الأمن الإسرائيلية، مفادها أنه مستحيل (في المطلق) أن تدخل مصر الحرب بدون الأسلحة المذكورة وبدون تنسيق مع سوريا. ديان نفسه يعترف أن المعلومات التي وصلتهم من الشخص فوق الشبهات (في إشارة إلى مروان) أدت إلى النتيجة الكارثية.[3]
على النقيض، يمثل أهرون بريجمان صوت العديد من قيادات الاستخبارات العسكرية التي رأت في مروان عميلًا مصريًا بارعًا، وقد قدم أطروحته في الأمر من خلال ورقة في مجلد صادر عن حرب أكتوبر في أكسفورد بالعام 2013،[4] وفيه قدم نقاط اأساسية في الرد على الحجج المذكورة سابقًا، مضيفاً لها علم مروان الموثق بمواعيد وحقائق عدة تواريخ للحرب وإن كانت تمويهًا أم لا (لن أستفيض في هذه التفاصيل)
وفي كل الحالات يظهر في وثائق الموساد أن الرجل قد أبلغهم إما بعكس حقيقتها من خلال ترك نصف معلومة مضافًا لها انطباعه المضلل، أو إبلاغهم بالمعلومة في وقت متأخر يجعلها مؤذية. سأذكر ثلاثة أمثلة مما طرحه بريجمان،
التحذيرات التي قدمها مروان في أغسطس 72، وأبريل 73 والتي كلفت تعبئة اسرائيل فيها ما يزيد عن 50 مليون دولار هباءً.
أضف إليها لقاءين مفصليين في أغسطس 73: اللقاء السري بين قيادات الجيش السوري مع المصري في الإسكندرية، والذي لاح في أفقه ميعاد الحرب (6 أكتوبر، مع الاختلاف على الساعة)،
واللقاء المفصلي بين السادات والملك فيصل في الرياض.
يقول بريجمان ومن معه أن الوثائق الإسرائيلية أكدت حضور مروان وعلمه بأن السادات قد أبلغ الملك فيصل بأن الحرب ستقوم (قريبًا. قريبًا جدًا) لنجد ان مروان قد أبلغهم بأن الحرب قد “تأجلت إلى نهاية العام”.
أخيرًا يتساءل بريجمان: إن كان الخلاف في تسريب مروان لميعاد حرب أكتوبر للموساد (قبلها بيوم) حول الساعتين السادسة والثانية، لماذا أصلًا أبلغ بالميعاد قبلها بليلة؟ هنا يذكر بريجمان أنه طرح هذا السؤال في مكالمة تليفونية على مروان نفسه ليضحك الأخير ساخرًا، ومتسائلًا: “اثنين أو ستة مساءً، كانت هتفرق؟” بمعنى آخر: TOO LITTLE TOO LATE.
هذا يحيل الباحثين عن التفاصيل لكتاب بريجمان الذي بحق يحتوي على معلومات جديدة وعلى لسان مروان (الكتاب قيد الترجمة).
أشير فقط إلى محادثة أسهب فيها مروان، وهي في السادس من أكتوبر 2006، أي قبل وفاته بشهور. في هذه المكالمة يستفيض الرجل على غير العادة، بحسب كلام بريجمان، ويقول نصًا: “أنا لست سوبرمان. لم أفعلها وحدي، بل كنا فريقًا كاملًا. لم أكن أنا من قام بذلك (الخداع) ولكن مصر”.
الكلمات تأتي من رجل فاض به بعد التطورات والفوران الذي حدث في اسرائيل من 2002 حينما انكشف اسمه، وصولًا إلى المكلمة بين زعيرا وزامير في ساحات القضاء حول مروان، وقد كان هذا يشكل ضغطًا عصبيًا عنيفًا عليه كما يوضح بريجمان.
هنا ولأول مرة نرى اعترافًا من الرجل أميل لحقيقته كونه يقال لإسرائيلي لا مصري، وفي مرحلة دقيقة كما ذكرنا كان من الممكن أن يلتف فيها على الإسرائيليين، فما قاله كان يشكل خطرًا عليه منهم، بعد أن ظنوا فيه بطلًا من أبطالهم. ولعل المكالمة الصادمة تلك كانت في السادس من أكتوبر الأخير في حياته.
من الجدير بالذكر أنه أشار إلى حصوله على قلادة وتكريم من السادات سرًا، الأمر الذي سينكشف فقط بعد وفاته.
أما التحليلات التي بُنيت على الوثائق السوفييتية فلا تختلف عن استنتاجات بريجمان والاستخبارات العسكرية، فالوثائق الجديدة توضح أن مروان كان على علم بتفاصيل العملية كافكاز OPERATION KAVKAZ وهي الاسم الكودي للتخطيط الروسي المصري المشترك. وفيه يظهر أن مسألة طرد الخبراء السوفييت وبعض الخلافات الأخرى حول التسليح، كانت غطاءً لإيصال منظومة الصواريخ المضادة التي ستُستخدم فيما بعد كسلاح فاصل في حماية الهجوم المصري في حرب أكتوبر.
بل إن مروان قد ضلل ملحقًا بريطانيًا في السفارة بالقاهرة، وقد كان معروفًا أنه يعمل للاستخبارات البريطانية، وأبلغه أن جميع الخبراء الروس بالكامل رحلوا، الأمر الذي ثبت لاحقًا أنه غير حقيقي والغرض منه التأكيد على عقيدة الـ CONCEPTZIA باستحالة حصول مصر على منظومة الصواريخ.[5]
لستُ في هذا المقال بصدد الدفاع عن مروان، ولكن أردت بهذا العرض أن أوضح الصورة العامة داخل الدوائر الأكاديمية والإعلامية في العالم، وللقارئ الاستزادة من المصادر الموجودة بالهوامش.
قبل الانتقال للقسم الأخير، أود أن أعلق على سؤال مهم: ولماذا قام مروان بإبلاغهم بالميعاد قبلها بيوم أصلًا؟
هذا السؤال مهم، ولكن في رأيي لن يتم فهمه إلا في ضوء مسألة لا يتحدث عنها الكثيرون، وهي شرعية الحرب وخطة الضربة الاستباقية.
حينما أراد عبد الناصر أن يتلقى الضربة الأولى في حرب 67، كان يريد الحفاظ على انحياز المجتمع الدولي اتجاهه كما كان في حرب 56 بتجريم من سيأخذ بزمام المبادرة، إلا أن الخطأ هو أنه لم يستعد لما كان يريد، فكانت الضربة الأولى كاسحة ومدمرة بالكامل.
أما في حالة 73، فكان حائط الصواريخ شديد الفاعلية لدرجة لم يتوقعها أحد إطلاقًا كما رأينا في الحرب نفسها. هنا يبدو لي أن السادات أراد أن يستفز اسرائيل لاستخدام هجوم جوي يحرض عليها المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت أن يتجنب التأثير الضار (حيث استوعب درس النكسة كاملًا) بدفعهم متأخرًا لأخذ القرار بهذه الضربة، وبالتالي لن يكون أمامهم إلا استخدام سلاح الجو الذي كان سيُجرم اسرائيل وفي نفس الوقت يتم تدميره، أي كما يقال شعبيًا: موت وخراب ديار.
منذ أغسطس 1973 تُظهر الوثائق أن قيادات اسرائيل قد طفح بهم الكيل من انتظار وقوع الحرب، فبدأت تناقش فكرة الضربة الاستباقية PRE-EMPTIVE ATTACK، ولكن كان رد أمريكا واضحًا: هذا غير مقبول إطلاقًا، فكسينجر كان أذكى من أن يبتلع هذا الطعم، وبالتالي انتصرت جولدا مائير لرأيه، وإليك التسلسل الآتي بعد التحذيرات غير الحقيقية التي أطلقها مروان وأصابت اسرائيل بالذعر وكلفتها عشرات الملايين بين أبريل وأغسطس 1973:
في تل أبيب كان رفعت الجمال (جاك بيتون) على علم بذلك، وفي نفس الوقت كان قد حصل على كل المعلومات والخرائط، وقد ذكر نصًا أنه علم بأن اسرائيل كانت تنوي ضرب مصر، ومع وفرة المعلومات عن هذه النية والخرائط الدفاعية أصيب الرجل بالضحك؛ لأنه لم يكن يتوقع أن يحصل على تلك المعلومات وهو كان في اسرائيل بغية تصفية نشاطه واعتزاله والعودة إلى ألمانيا، إلا أنه أوصل كل ذلك لمصر.[6] إذًا مصر كانت تدفع اسرائيل نحو الضربة الاستباقية، ولكن في توقيت هي التي تحدده لكي تضمن طبيعة الرد الجوي.
في الرابع من أكتوبر: يترك السادات رسالة لسفير روسيا مفادها أن مصر عازمة على التخطيط لضربة “انتقامية” ردًا على “هجوم اسرائيلي محتمل،” بحسب ما نشر السفير نفسه في مذكراته.[7]
في صباح الخامس من أكتوبر، يزور الفريق الشاذلي الجبهة ويرى كيف أن اسرائيل على غير استعداد، فيقول أنه حتى لو عرفوا الآن فلا يهمه. مساء نفس اليوم، يأتي مروان ليبلغهم بحتمية الهجوم فتشتعل جولدا مائير ودايان ومجلس الحرب، ويناقشون الضربة الاستباقية ليأتي مرة أخرى كيسنجر وينقذهم، مفسدًا خطة مروان، محذرًا من رد فعل امريكا إذا بادرت اسرائيل بالحرب.
باختصار، يهيأ لي أن الحكومة الإسرائيلية حينها سقطت في شبكة من المعلومات التي تحكمت في سلوكها بطريقة أدت إلى النتيجة التي سجلها التاريخ في السادس من أكتوبر.
٣- رد الفعل المصري في الميزان
إن الدراسات الخاصة بأشرف مروان مرهونة بوفرة الأدلة، فمع تزايد الأدلة يمكننا أن نفهم أكثر طبيعة دوره، أيًا كانت.
هنا يبدو أن الكرة في ملعب مصر، التي للأسف لم توفر أي معلومة عنه أو عن نشاطه، فكل ما هو متاح لدينا كان بفضل الخلاف الحاد بين أطراف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فأين نحن من ذلك؟ هل ستخرج مصر عن صمتها؟
الخروج عن الصمت بات أمرا ملحًا، لكن ما أتمناه أن يكون هذا الخروج على قدر المسؤولية والجدية التي تلقاها الموضوع من الدوائر الأكاديمية العالمية. أخشى ما أخشاه أن يخرج علينا الرد في صورة عمل درامي على طريقة مسلسل رأفت الهجان المأخوذ عن رواية صالح مرسي. فقد كانت الرواية عبارة عن رسمة كاريكاتورية لشخص رفعت الجمال، حولته إلى جزء آخر من أجزاء سلسلة أفلام جيمس بوند في حقبة الثمانينيات التي عاصرتها، والتي تميزت بالتركيز على وسامة البطل روجر مور وفحولته الطاغية على النساء بمناسبة وبغير مناسبة.
رفعت الجمال الذي بلغ به الأمر أنه كان يجالس موشيه دايان وجولدا مائير تم تقزيمه إلى شاب وسيم تتمحور حياته بين السكر ومغازلات إيستر بولنسكي (إيمان الطوخي) ويهوديت موردخاي (فايزة كمال). لا يختلف اثنان على حقيقة الدواعي الأمنية التي تؤخذ في الإعتبار أثناء إفشاء معلومات عن شخص ما، ولكن في حالة رفعت الجمال، فالمقارنة بين المسلسل والمذكرات التي صدرت عن الأهرام (أي بموافقة المخابرات) يرينا كم بُخس حقه. أتمنى أن يؤخذ أمر مروان بشيء من الجدية.(المصدر)
أشرف مروان تاني
هدأ الجدل المثار حول شخصية اشرف مروان لكن لم يتوقف ، هدأ الجدل بعد عرض فيلم الملاك ( الامريكي صنعا – الاسرائيلي تمويلا وتأليفا ) لان الفيلم الردئ فنيا والساقط شعبيا فشل في أن يقدم صورة أشرف مروان الجاسوس الخائن لكي يرضي اعداء مصر والناقمين عليها والذين وجدوا في اعلان الفيلم التشويقي مادة للحط من قدر مصر بدون أن يشاهدوا الفيلم اصلا وكالعادة مازالت القوة الناعمة المصرية في ثبات عميق فلم تستطع تقديم رد شافي يرفع من قدر مصر ويوقف حملة تشوية مصر في شخص اشرف مروان
لكن كانت المجموعة 73 مؤرخين السباقة في عرض وجه نظر وادلة الكولونيل الاسرائيلي شمعون مندس والذي كان ضابطا سابقا في المخابرات الاسرائيلية والذي قدم بحثا ثم اتبعة بكتاب عن أشرف مروان ودورة في تخدير المخابرات الاسرائيلية قبل حرب اكتوبر ولابد للقارئ ان يقف علي كلمة تخدير ولا يقرأها تحذير – فقد استطاع أشرف مروان بذكائة وبتنفيذ خطة بسيطة وسهلة لتخدير الجانب الاسرائيلي قبل حرب أكتوبر فمن ضمن عشرات المعلومات الحقيقية التي قدمها اشرف مروان قدم الفتات من المعلومات المزرعة بعناية فائقة بهدف قتل أي فكرة للحرب لدي الجانب الاسرائيلي
وعندما أقتربت ساعة الصفر واصبحت الحرب قائمة لا محالة وتحركت تروس الحرب الفعلية قبل اي طلقة نيران سارع السادات بأرسال اشرف مروان للقاء مدير المخابرات الاسرائيلية الموساد لتأكيد قوته لديهم بعرض معلومة غاية في الاهمية فقد أكد معلومة الملك حسين التي اوصلها لجولدا مائير بنفسة في اول اكتوبر وهي ان الحرب فعلا يوم 6 اكتوبر لكنها ليست صباحا انما مساءا – علما بأن الملك حسين لم يكن يعلم الساعة طبقا للمعلومة التي قدمها له الفريق اول احمد اسماعيل علي قائد القوات المصرية والسورية وهو عائد من سوريا في طريقة للقاهرة .
فسارع اشرف مروان للقاء تسفي زاميرا في لندن يوم 5 اكتوبر وتحت اعين ومراقبة المخابرات الاسرائيلية تقابل الاثنان وطبقا للكولونيل مندس فقد كانت مخاوف المخابرات الحربية الاسرائيلية امان من ان يقوم اشرف مروان بقتل تسفي زاميرا الا ان الاخير كان علي ثقة وحب كبير لاشرف مروان جعلته يقدم علي هذه المخاطرة الكبيرة بتواجده خارج اسرائيل عشية بدء الحرب المنتظرة
واستطاع اشرف مروان تحويل معلومة الملك حسين بيوم الحرب الي كمين للاسرائيليين فمن الطبيعي ان اي قتال يبدأ مع اول ضوء او اخر ضوء طبقا لمذهب الحرب الثابت لكن لم يتوقع الاسرائيليين او اي جهاز مخابرات عالمي في وقتها ان تنشب الحرب ( إن نشبت اصلا ) في منتصف اليوم وهو توقيت ينافي كل قواعد واصول القتال
فتحية الي روح البطل الشهيد اشرف مروان الذي تم قتلة في لندن لاخفاء حقيقة دورة في خداع اسرائيل لتظل هالة اسرائيل المخابراتية وكما هو مكتوب علي جدار بهو مبني الموساد ( عن طريق الخداع سنقوم بالحرب ) فيظل العالم موهوم بقدراتها الفذة وتظل اخفاقاتها وفشلها المتكرر سرا عن العامة(المصدر)