كان يختار أهداف تربك العدو.. استطاع خداع طائرات المراقبة الجوية في أكثر من معركة .. العميد «ماجد محمد شتا» أسطورة سلاح المدرعات

الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم

- تظل حرب أكتوبر شاهداً على بطولة وتضيحة العديد من أبناء مصر ، منهم من حصل على حقه ومنهم من تاهت أسمائهم في زحام ملفات البطولات ولكنها أبداً لن تضيع ، في السطور التالية سنتعرف على واحد من أعظم من أنجبتهم القوات المسلحة المصرية ، مقاتل شرس لا يعرف شيئاً عن الإستسلام ، نجح في خداع أحدث الطائرات الإسرائيلية ، أثناء نقل دباباته إلى ميادين المعارك التي خاضها ه وجنوده ، إنه العميد ماجد شتا.

حياه البطل 

ولد السيد العميد ماجد شتا فى شهر اغسطس عام 1948 فى شارع بورسعيد فى محافظة القاهرة لأب وأم مصريين حيث كان يعمل الوالد مدرسا للرياضيات وكان اكبر اخوته السبعة ثلاثة ذكور واربعة اناث الذين كانوا جميعا اسماؤهم تبدأ بحرف الميم مكونين امبراطورية ميم القديمة وقد حرص والدهم رحمة الله عليه على تعليمهم جميعا تعليما عاليا فمنهم الدكتور والمحاسب حيث التحق السيد العميد ماجد شتا بمدرسة النقراشى الابتدائية النموذجية حتى عام 1956

حيث ذهب والده رحمة الله عليه فى بعثة الى السودان للتدريس وكان ذلك قبل العدوان الثلاثى على مصر حيث كانت له ذكريات جميلة بالسودان حتى عودته للقاهرة مرة اخرى حيث التحق بمدرسة السيدة نفسية الابتدائية بالعباسية ثم انتقل بالمرحلة الاعدادية لمدرسة الزعفران الاعدادية بالعباسية حيث كان متفوقا دراسيا وخاصة مادة الرياضيات ويرجع ذلك لمساندة والده رحمة الله عليه ثم التحق بمدرسة العباسية الثانوية وبعد حصوله على الثانوية العامة تقدم لجامعة الازهر للالتحاق بكلية الهندسة وفى نفس الوقت تقدم للكلية الحربية حيث تم قبوله بالكلية الحربية وايضا تم قبوله بكلية الهندسة جامعة الازهر الا انه فضل الاستمرار بالكلية الحربية رغم حبه لدراسة الهندسة خصوصا الهندسة الفراغية ودراسة المجسمات الا انه استمر فى الكلية الحربية لحبه لها ايضا ورغبة منه فى مساعدة والده فى تربية باقى اخوته حيث تخرج من الكلية الحربية عام 1968 دفعة 53 ولم يرسب فى اى ترم خلال فترة الدراسة بالكلية الحربية ولم يحصل على اى جزاءات خلال فترة دراسته بالكلية الحربية. (المصدر)

القصف الجوي والبري المتبادل مع قوات العدو الصهيوني

وسط الاشتباكات العنيفة. والقصف الجوي والبري المتبادل مع قوات العدو الصهيوني،كان لسلاح المدرعات دور مؤثر وملموس في التصدي لأي محاولات تقوم بها القوات الإسرائيلية لاختراق الجبهة المصرية. وإيقاف تقدمها بل وإلحاق خسائر فادحة بين صفوفها جعلتها تفكر بعد الأيام الأولي في الحرب ألف مرة قبل الإقدام علي اي محاولة اخري لان عواقبها وخيمة وثمنها سيكون غاليا.وسط الاشتباكات العنيفة. والقصف الجوي والبري المتبادل مع قوات العدو الصهيوني.

كان لسلاح المدرعات دور مؤثر وملموس في التصدي لأي محاولات تقوم بها القوات الإسرائيلية لاختراق الجبهة المصرية. وإيقاف تقدمها بل وإلحاق خسائر فادحة بين صفوفها جعلتها تفكر بعد الأيام الأولي في الحرب ألف مرة قبل الإقدام علي اي محاولة اخري لان عواقبها وخيمة وثمنها سيكون غاليا.

ووسط الحديث عن تفوق سلاح المدرعات في حرب اكتوبر المجيدة وقدرته علي تحقيق العديد من الانتصارات علي العدو. جاء العميد ماجد محمد شتا احد أبطال هذا السلاح ليحكي من ارض الواقع كيف كان لقواتنا اليد العليا. وابرز وأصعب المواقف التي صادفت جنوده ليس فقط من ناحية التدريب والاستعداد ولكن ايضا من الناحية المعنوية التي وصلت لأدني مراحلها بعد نكسة 1967.

يقول العميد شتا ان الحديث عن حرب أكتوبر لابد ان يسبقه الكلام عن حرب الاستنزاف التي استمرت ثلاث سنوات وكانت الطريق لتحقيق الانتصار في 73. وكان له باع كبير في هذه الحرب منذ لحظة تخرجه عام 1968 وخدمت في السرية س 18دح اللواء 18 مشاة ميكانيكي الفرقة 21 مدرعات في قطاع الجيش الثاني الميداني. وكانت القيادة ترسل خطة اسمها التراشق وكان ايامها العميد عبدالحليم أبوغزلة قائد مدفعية الجيش الثاني الميداني في حين انه كان قائد فصيلة برتبة ملازم ويضيف انه شارك في اكثر من معركة سواء في القنطرة او الدفرسوار. وان الاساس كما قال في معركة اكتوبر كانت حرب الاستنزاف لان الجيش لم يكن بعد نكسة يونيو في أفضل حالاته. فالروح المعنوية منخفضة وليست هناك ثقة في السلاح ولا في القادة ولا في اي شيء. وبدأت عمليات التدريب وتعليم الجنود فن الرمي. وكان شعارنا النصر او الشهادة. وكان الامر يصدر لنا لتحضير الدبابات وكان ذلك يتم في الايام غير القمرية اي في اول الشهر العربي او آخره. حتي يتوافر نوع من السرية حيث كان يتم تحميل الدبابات علي الحرارات لتتوجه الي المكان الذي من المقرر القيام فيه باشتباك. وبعد الوصول الي المكان نقوم بإزالة أثار الجرارات لان طائرات العدو كانت تقوم صباح كل يوم بالتصوير. ويقول انه كان يركز في البداية علي تدمير دوشمة المراقبين لأنها تضم أفراد للرقابة. وكانت الخسارة الأهم عند العدو هي الأفراد اكثر من خسائره في المعدات لانه كان في مقدورهم تعويضها.(المصدر)

الحكاية كما يرويها البطل 

وعندما قامت الحرب مع اسرائيل فى 5 يونيو 1967 تم ضرب مطار شرق القاهرة الساعة التاسعة والنصف صباحا وقد شاهد بنفسه بسالة الطيارين المصريين حيث قامت طائرة ميج 21 بضرب طائرة ميراج بصاروخ جو جو مما ادى الى انشطار الطائر الميراج الى نصفين وقد كانت هناك صعوبة فى هبوط الطائرة الميج 21 بالمطار بعد ضرب الممرات ، الا ان براعة الطيار مكنته من الهبوط بسلام وذلك باستخدام المظلات الموجودة بالطائرة وقد استطاع الطيار من ايقاف الطائرة فى مسافة قصيرة على الممر

ورغم ذلك لم تتمكن القوات الجوية من اداء مهامها على الوجه الاكمل نظرا لعدم الاستعداد الكامل وضرب معظم المطارات والطائرات على ارضها ومن هنا تم التاكد من الهزيمة بالحرب وبناء على ذلك تم انسحاب الجيش من سيناء وقد كان من نتيجة ذلك استشهاد واسرمعظم الدفعة 50 وتم رجوع الدفعة 51 الى الكلية الحربية وعادت الدفعة 53 الى منازلهم انتظارا للاوامر الجديدة

وقد كان بيان تنحى رئيس الجمهورية جمال عبد الناصراعلانا لمسئوليته عن الهزيمة الا ان الشعب طالبه بعدم التنحى لثقتهم به وحزنا من الجيش لتلقيه الهزيمة وعدم صموده بالحرب وقد نال الجيش الكثير من السخرية نتيجة هذه الهزيمة التى لم يكن له ذنب بها وذلك لعدم اصدار الاوامر الصحيحة له وعدم تقدير الموقف بصورة سليمة الا ان الارادة والتصميم عند الجندى المصرى كان لها دور ورأى أخر فى عدم التفريط فى الارض وعندما طالب الشعب جمال عبد الناصر بعدم التنحى كان ذلك رغبة من الشعب ان يصلح جمال عبد الناصر ما افسده وثقتهم بأنه قادر على ذلك .

وقد بدأ الفعل جمال عبد الناصر بالتصحيح حيث كلف محمد فوزى وزيرا للحربية الذى بدأ بالفعل اعادة بناء وتجهيز الجيش بصورة صحيحة .

وعند العودة للكلية الحربية كان لدينا اصرار على الحرب حيث لم نأخذ فرصتنا الكاملة وقد تم استعدادنا جيدا وقد تم توزيعى فى تخصص المدرعات وبعد تعيين محمد فوزى وزيرا للدفاع لاحظنا اختلاف جوهرى فى القيادة من حيث تم اعادة الثقة فى القيادة وتجهيز المعدات والافراد واعادة بناء الجيش وتأثيثه من جديد واعادة الثقة لجميع الافراد وتعريف الجميع بمبادئ الحرب وقد كانت التدريبات شاقة

وبعد التخرج تم استمرارنا فى التدريبات فى مواقع مشابهة لميدان المعركة المتوقعة حيث يتم التدريب بطريقة تطعيم المعركة من حيث عبور موانع مختلفة مثل البرك والمستنقعات المملؤة بجيف الحيوانات وضرب النار فوق رؤسنا وذلك لأخذ الحيطة والحذر

وأود التنويه ان افراد طاقم الدبابة مكون من أربعة افراد حكمدار الدبابة والرامى والمعمر ويكون مكانهم فى برج الدبابة اما السائق فيكون موجودا فى كابينة القيادة ويكون تسلسل الاوامر عند وجود هدف سواء ثابت او متحرك سوف يتم التعامل معه او ما يسمى بأمر ضرب الناريتم تحديد مكان الهدف اذا كان جهة اليمين او اليسار او فى المواجهة وبناء على ذلك يتم توجيه مدفع الدبابة ناحية الهدف ويتم اصدار الامر للمعمر بتعميرطلقة مضاده للدبابات – أو شديدة الانفجار ( م د – أو ش ف ) وبعد ذلك يصدر الامر للرامى بضرب الهدف وتعتبر هذه الطلقة طلقة استكشافية والتى تحدث موجة من الغبار مكان الهدف ويتم عن طريقها ايضا معرفة معامل تصحيح الخطأ ويتم بعد ذلك اصدار الامر للمعمر بتعمير طلقة تسمى الحشوة الجوفاء او السابو يتم اطلاقها على الهدف من اول طلقة ويتم ذلك عن طريق التنسيق بين مدفع الدبابة والتليسكوب ورشاش الدبابة

مع العلم ان هذه الطلقة تحدث موجة تدميرية شديدة وحرارة عالية تصل لالف درجة مئوية واود التنويه هنا ان فصيلة الدبابات تتكون من ثلاث دبابات ويكون قائد الفصيلة موجودا فى احدى الدبابات ولكل دبابة من الدبابتين الاخريين حكمدار دبابة واعتبر انا بحكم كونى قائد للفصيلة حكمدارا ايضا للدبابة الموجود بها ويتم اصدار الامر للدبابات الاخرى بالضرب حتى لو كان الهدف فى مرمى اى دبابة من الدبابات الاخرى مع العلم اننا كنا نتدرب ايضا بدبابات قديمة اسمها ( جى أس ) بمعنى جوزيف ستالين وهى دبابة من ايام الحرب العالمية وهى دبابة برجها كبير وضخمة ويسهل ضربها اما دبابتى فكانت أس يو 100 وكانت مميزة لصغر حجمها وصعوبة رصدها حيث لا يظهر منها الا فوهة المدفع مما يعطينى الوقت لرصد اهداف العدو وتحديد اولويات الاهداف التى يتم ضربها

واود الاشارة الى انه اثناء دراستنا درسنا مادة اسمها اعرف عدوك والهدف من دراسة هذه المادة هو معرفة امكانيات العدو من حيث التسليح والافراد وما الى ذلك من امكانيات حتى يتم تحديد البدائل اثناء المواجهة وعرفنا ان العدو بالنسبة لسلاح المدرعات كانت كل دباباته حديثة اما دباباتنا فكان معظمها موديلات قديمة حتى عندما كانت روسيا تقوم بتوريد دبابات الينا كانت تقوم بتوريدها ناقصة بعض الامكانيات مثل التليسكوبات واجهزة الحاكم فكان يتحتم علينا لمواجهة هذه الظروف والمتغيرات ونظرا لما نتمتع به من روح الارادة والتصميم ان نقوم بتطوير ما لدينا من اسلحة حيث تم تزويد دباباتنا بما يعرف بستارة الدخان والهدف منها اخفاء دباباتنا حتى تصل للمدى المؤثر نظرا لان دباباتنا المدى المؤثر لها فى المواجهة المباشرة هو اثنين كيلو متر والمدى المؤثر لدبابات العدو هو ثلاثة كيلو متر وبناء على ذلك يتم اطلاق ستارة الدخان والتى تمكننا كما سبق وان ذكرت من اخفاء دباباتنا عن اعين العدو حتى نصل للمدى المؤثر وبعد ذلك يبدأ التعامل مع دبابات العدو وقد تم ذلك بالاشتراك مع الحرب الكيمائية .

مع العلم ان نسبة اصابة الهدف من اول طلقة كانت لا تتعدى 30 % وقد تمكنت بفضل الله من زيادة هذه النسبة نتيجة التدريب المتواصل والمثابرة الى 70% وقد حصلت بسبب ذلك على درع فى المسابقة التى اقيمت على مستوى القوات المسلحة بعد فوزى بالمركز الاول فى الرماية بالدبابات كما حصلت ايضا على المركز الثانى فى قيادة الدبابات فى نفس المسابقة كما اود التنويه الى ان طاقم الدبابة مدرب ايضا على التعامل مع الاعطال الطارئة التى قد تصيب الدبابة والتى تعتبر بالنسبة لطاقمها بمثابة سكن خاص لهم نظرا لان الدبابة قد تضطر للاستمرار بالقتال مدة ثلاثة ايام متوالية وبذلك يتم تزويد طاقم الدبابة بكل وسائل الاعاشة داخل الدبابة مثل تعيين القتال وتعيين الطوارئ والوقود الاحتياطى وكذلك نقوم باداء فرضة الصلاة داخل الدبابة وقد مكننا الاستمرار والصبر على التدريب ان نتمكن من تشغيل الدبابة بفردين فقط بدلا من اربعة افراد .

نعود قليلا الى ايام التخرج وكان ذلك فى سبتمبر عام 1968 وقد كان مقررا ان يحضر حفل التخرج الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الا انه لم يحضر وقد حضر حفل التخرج محمد فوزى وزير الحربية انذاك ومحمود زكى عبد اللطيف مدير الكلية الحربية وقد منحى محمد فوزى نوط حسن اداء الواجب العسكرى اثناء التخرج .

وبعد التخرج تم منحنا اجازة لمدة عشرة ايام وبعد ذلك توجهت الى الجيش الثانى الميدانى طبقا لرغبتى وتم الحاقى بالفرقة 21 مدرعات وقد كان تشكيل الفرقة 21 مدرعات والتى كانت تعتبر نسق ثانى للجيش الثانى الميدانى بمعنى ان النسق الاول هو فرق المشاة ودبابات التعاون الوثيق وكان تمركزهم على القناة مباشرة وقد كانت حدود الجيش الثانى من بورسعيد شمالا حتى فايد جنوبا وبعد ذلك تبدأ حدود الجيش الثالث الميدانى اما بالنسبة الى تشكيل الفرقة 21 مدرعات فقد كان يتكون من اللواء الاول مدرعات والذى كنت اتشرف بالعمل به وكان معه لواء واحد مشاة ميكانيكى واللواء 14 مدرع والذى كان به عادل سوكة وقبله تحسين شنن واللواء 18 مشاة ميكانيكى والذى كان به العميد أ ح عبد العليم وبعده طلعت مسلم وبعده قدرى عثمان بدررحمة الله عليهم وبعد ذلك تم الحاقى على اللواء 18 مشاة ميكانيكى على س 18 ذح ( ذاتي حركة ) والتى حضرت من خلالها حرب الاستنزاف كاملة اعوام 68 و69 و 70 وقد كان لى مرابض فى جميع الاماكن من بورسعيد والتينة والكاب والقنطرة والبلاح وابو سلطان وفايد وسرابيوم والدفرسوار

وقد كنت اذهب الى هذه المرابض كل شهر مرتين فى الليالى غير القمرية وكنت وقتها بالكتيبة 243 دبابات وبعد انتهاء حرب الاستنزاف كان قد تم ترقيتى لرتبة نقيب تم الحاقى بالكتيبة 205 دبابات والتى كان قائدها المقدم محمود حنفى وكان قائد اللواء الاول توفيق ابو شادى والذى استشهد يوم 16 اكتوبر 1973

اما عن اول يوم عند التحاقى بالجبهة وكان عمرى وقتها 18 عاما وكنت اتمتع بالنشاط والحيوية ولكن وجدت معظم المجندين فى حالة انهيار بسبب قرارات الاستبقاء فى القوات المسلحة وعدم خروج اى افراد من الجيش وكان منهم من لديه اكثر من سبع سنوات بالخدمة ويعتبرون بدون عمل او تدريبات جادة وكان يتحتم على ان اخرجهم من هذه الحالة واعادة الروح اليهم من جديد بعد ان فقدوا الثقة فى القيادة والسلاح بعد نكسة 1967 وكان موقعى وقتها عند استراحة عثمان احمد عثمان بين طريق الاسماعيلية وابو سلطان وقد قمت بعمل ميدان رماية مصغر لعدم وجود ميدان رماية ورغم اننى كنت ضابط رماية الا اننى كنت اقوم بدور ضابط الاشارة وضابط التسليح وضابط المدفعية وضابط الرماية وكان معى ملازم اول اسمه نزار احمد صبرى وضابط احتياط اسمه على وكان قائد السرية رغم انه يعتبر ممتازا من الناحية التكتيكية الا انه لم يكن يتحلي بفرض الشخصية علي الجنود ، وبناء على ذلك اضطررت ان اعمل ضابط شئون معنوية لرفع الروح المعنوية للجنود واعادة الثقة لهم وابث فيهم الروح نظرا للفترة الطويلة التى كنا نقضيها معا وبناء على ذلك انقادوا لى وبدأوا فى سماع كلماتى وتنفيذ تعليماتى وبدأت معهم فى تنفيذ خطة التدريب

الشهرية والانتقال الى ميادين الرماية الكبيرة لرفع قدراتهم القتالية واثناء ذلك كنا نتعرض لهجمات جوية من العدو ردا على الغارات التى كانت تقوم بها قواتنا الخاصة خلف خطوط العدو

وخلال حرب الاستنزاف كنت اقوم بتجهيز الموقع الذي سأتحرك اليه بدباباتي لتجهيز المرابض ووضع الاسلاك الشائكة ، وكنت اتابع الجانب الاسرائيلي متابع لنا وشاهدت فوهة ماسورة دبابة اسرائيلية تتحرك تجاهي من الجانب الاخر ، فصحت في جنودي ( الكل ينزل الحفر ) وفي ثانية انفجر المكان بفعل قذيفة الدبابة الاسرائيلية ونجا الجنود بفضل ملاحظتي وسرعة تحرك الجنود للحفر .

وكان كل دوري في حرب الاستنزاف هو التحرك الي مواقع سابقة التجهيز علي خط القناة وعمل قصفات نيران والتحرك للعوده وكل التحركات تتم ليلا لضمان السرية ، وكنا نستخدم البلدوزرات التي تقوم بأعمال هندسية لقواتنا في اعمال التموية لتحرك الدبابات

وكنا عادة نقوم بعمل القصفات مع اخر ضوء لكي تكون الشمس في ظهرنا واهداف العدو ظاهرة لنا بوضوح عكس روتين العدو الذي يقوم بضربنا بالمدفعية أول ضوء حيث الشمس في أعيننا وفي ظهر العدو ومواقعنا ظاهرة له بوضوح ، وكان هدفنا الاول عادة يكون نقاط الملاحظة للعدو لكي نقطع عن العدو اي امداد بالمعلومات عن مواقعنا فيصبح العدو أعمي مؤقتا عن معرفة مكان الضرب الذي نضرب منة .

كان عيار مدفع دبابتي 100 ملم ومدي ضرب غير مباشر يصل ل 15 كيلو متر مما يتيح لنا استخدامة كمدفعية متحركة ، وكان هذا المدفع يستخدم في الحرب العالمية الثانية كمدمر للدبابات في معارك كورسك وبرلين .

وكان لدينا مخزون من دبابات تي 34 وهي التي شاركت في بدايات الحرب العالمية الثانية وحتي نهايتها وكانت دبابة قديمة وعالية جدا عن الارض يسهل اكتشافها وتدميرها ، وكان لدي كل فرقة مشاة كتيبة دبابات من تلك الدبابات ( كتيبة 30 دبابة تقريبا ) ولم تكن ذات جدوي بمدفعها ال 85 ملم امام الدبابات الاسرائيلية بمدفع 100 ملم و 105 ملم

وكانت كل تشكيلات المدرعات والميكانيكية المصرية في حرب أكتوبر مسلحة بدبابات ت 54 و ت 55 وعدد قليل من دبابات تي 62 الاحدث من سابقيها .

وخلال فترة حرب الاستنزاف ونظرا لان عملنا كان تكتيكيا عبارة عن مدفعية متحركة فكنا في تواصل دائم ومستمر مع قائد مدفعية الجيش الثاني للتنسيق والتعاون ، وأذكر العميد أبو غزالة بكل خير فقد كان نعم القائد الكفء المتعلم الدارس الذكي ، وكنا نتقابل معة كثيرا لاعتماد خطط ضرب المدفعية حتي قبل ان يصبح قائد مدفعية الجيش الثاني في حرب أكتوبر وكنت بصحبة قائد مدفعية اللواء أسمة ماهر رزق فتيان نقوم بأعتماد الخطط من قائد مدفعية الجيش.

بعد ذلك بدأنا فى التدريب على خطة العبور بعد ان تم نقلنا الى منطقة الخطاطبة على الرياح الناصرى للتدريب على العبور من حيث التدريب الليلى والتدريب النهارى وعبور المانع المائى العبور على البراطيم العائمة التى تسحبها اللنشات وذلك فى البداية قبل انشاء الكبارى التى تم انشاؤها بواسطة سلاح المهندسين وكذلك التدريب على العبوربواسطة الدبابات البرمائية وكذلك طريقة عبورخط بارليف وكيفية التعامل مع دشم خط بارليف واثناء التدريبات كنت فى اجازة بالقاهرة عندما سمعت خبر وفاة الزعيم جمال عبد الناصر والذى سبق ان زارنا عدة مرات بالجبهة وصراحة انه كان على قدر تحمل المسئولية رغم بعض الاخطاء والتى كان ابرزها نكسة يونيو 1967 وبعد ذلك علمنا ان السيد محمد انور السادات هو من سيتولى المسئولية خلفا له وصراحة ان كل القيادات العسكرية كانت لديها قناعة تامة بتولى السيد محمد انور السادات للمسئولية وخاصة بعد ثورة التصحيح حيث قام بتغيير الكثير من القيادات ورغم قسوة الحياة المعيشية على مستوى افراد القوات المسلحة وايضا على مستوى الافراد المدنيين الا ان روح التصميم والارادة مكنتنا من التغلب على هذه الظروف ورغبة فى تحقيق النصر .

في فترة اكتوبر 1973 كنت ضابطا في اللواء 45 مدرع مستقل بالهايكستب والذي تشكل في يوليو 73 قبل الحرب بثلاثة اشهر فقط ، وبعد العديد من خطط الخداع والتحركات الوهمية ادركت ان ساعة الصفر قد اقتربت خاصة بعد العديد من المناورات والاعلان عن رحلة عمرة للضباط والكثير من التحركات بعيدا عن قناة السويس والتى كانت من اكبر خطط الخداع والتى تظهر ان الجيش ليس على استعداد للقتال مما كان له اثرا كبيرا لدى العدو بعدم استعدادنا للمواجهة .

ومن اكبر الشواهد على ان ساعة الصفر قد اقتربت هو الاعلان عن تسريح عدد من الجنود من الخدمة وكان ذلك من ضمن خطة الخداع الاستراتيجى للعدو الا انه لم يتم تسريح احد من القوات الاساسية .

وقد كان ايضا من دواعى شعورى ان الحرب ستكون يوم السبت 6 اكتوبر 1973 ان هذا اليوم هو يوم عيد الغفران عند اليهود ويكونون فى عطلة عن اى اعمال وايضا لصعوبة استدعاء قوات الاحتياط فى هذا اليوم، وقد اتصلت بزملائي في الكتائب الاخري أستفسر عن الحال عندهم وكان عند الجميع حالة أسترخاء تامة لكنني كنت متيقن من قرب موعد الحرب لسبب لا اعرفة .

وقد كان اختيار التوقيت لبداية المعركة فى منتصف النهار توقيتا جيدا لقواتنا رغم ان هذا التوقيت لم يحدث فى اى من الحروب التى شهدها العالم من قبل حيث ان التوقيتات المعروفة لاى قتال تبدأ عادة عند اول ضوء للنهار او اخر ضوء قبل حلول الليل وعند ظهور الطيران الساعة الثانية ظهرا تأكدنا ان المعركة قد بدأت وعند عودة الطائرات تيقنا من حدوث النصر لان الطائرات قد ذهبت لاداء مهامها وعادت بدون اى خسائر تقريبا .

وبعد مشاهدة الطائرات عائدة بعد الضرب كان كل منا له الرغبة فى العبور كان احساسنا رائعا لا أستطيع وصفة اخذت اصرخ اريد العبور مع زملائى رغبة من فى المشاركة فى المعركة وتحقيق النصر رغم ان الخطة لا تشمل عبورنا للقناة ، وبعد ذلك صدرت لنا الاوامر بالتحرك لمشاركة القوات التى عبرت وتم التحرك بالدبابات سيرا علي الجنزير لمسافة 76 كيلو لاقرب مكان ممكن وليست محمولة رغم ما فى ذلك على ضرر للدبابات مع العلم انه قد تم تجهيز كل الدبابات بالنواقص سواء اجهزة الحاكم وخلافة حتى تكون على اهبة الاستعداد للمشاركة فى القتال وكنا نتابع اعمال سير القتال عن طريق الاتصال ببعضنا البعض وكانت كل البيانات العسكرية المذاعة صحيحة تماما على عكس البيانات المذاعة اثناء نكسة يونيو 1967 مما ساعد على رفع الروح المعنوية للجنود والافراد والضباط حتى جاءتنا اخبار الثغرة

من يوم 6 أكتوبر وحتي يوم 26 أكتوبر كنا بالقرب من الجبهة ضمن لواء تم تشكيلة مؤخرا قبل الحرب بثلاثة شهور فقط بأسم اللواء 45 مدرع مستقل وكان الهدف من اللواء هو استعواض خسائر الوحدات الاخري ولم يكن يتبع أي جيش من الجيوش أنما تحت أمر القيادة العامة وكان قائد اللواء هو العقيد عادل علي حسني ومن قاده كتائبة سليمان مصطفي وسيد عرفة وكنت في الكتيبة 286 دبابات وقائدي المقدم سليمان مصطفي ، و كنا نتدرب استعدادا للدفع للمعركة في مركز تدريب المدرعات وتجهيز الدبابات للقتال كمعدات وتدريب الافراد تدريب راقي .

كان قرارالسيد الرئيس محمد انور السادات والذى كان يعتبر اسوأ القرارات التى اتخذت اثناء حرب اكتوبر 1973 باصدار الامر للفرقة 21 مدرعات بتطوير الهجوم وذلك بالعبور شرق القناة وذلك بغرض تخفيف الضغط عن سوريا وقد وضح ان هذا القرار كان سياسيا اكثر منه عسكريا لدرجة ان اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثانى الميدانى قد اصيب بذبحة صدرية نتيجة عدم رضاه عن نتائج هذا القرار والجدير بالذكر ان معظم القادة كانوا غير راضين عن هذا القرار واضطروا لتنفيذه بالاجبار .

فى هذا التوقيت صدرت لى الاوامريوم 26 أكتوبر بالتوجه سيرا بالدبابات للانضمام على اللواء الاول مدرع غرب القناة وكنت فى هذا اللواء قائد سرية بالكتيبة 205 دبابات والتي يقودها المقدم صلاح .... ، وتوليت بعد ذلك قيادة السرية الثالثة دبابات ، وكان الوضع سيئا جدا في اللواء نظرا لاستشهاد قائد اللواء والعديد من ضباط اللواء الاكفاء ، ولم يكن هناك أي امداد او تموين مناسب لنا في أول الفترة التي وصلت فيها ، لكن الروح المعنوية للضباط والجنود العالمية ساهمت في رفع مستوي السرية واعددنا خطة اسمها شامل لتصفية الثغرة وكانت مهمتي ضمن اللواء الاول مدرع لتصفية الثغرة ... وكان الاسرائيليين قاموا بعمل خنادق عميقة مضادة للمدرعات لاعاقتنا عن الهجوم عليهم ، وكنا نقوم بدفع دوريات ليلية للاستطلاع ودرسنا الموقف جيدا للتغلب علي تلك الموانع ، وكنا في شوق شديد لتصفية الثغرة وتدربنا جيدا عليها

ورغم قرار وقف اطلاق النار الرسمي ، كنا نقوم بأشتباكات شبة يومية مع العدو ولم نترك له فرصه لكي يهنأ بالراحة او بتدعيم دفاعتة

وكان العميد ابراهيم العرابي قائد الفرقة يمر علينا يوميا ، وكانت شخصيته قوية جدا ، وكان يرفع معنوياتنا دائما ويحدثنا عن خبرات القتال

وكان اريل شارون في مقر قيادته على تبة تسمي قمة فايد امامنا وكنا على استعداد للتعامل مع الثغرة واحضار اريل شارون اسيرا لولا صدور قرار وقف اطلاق النار وقد قالت جولدا مائير وقتها انتم لديكم قوات بالشرق ونحن لدينا قوات بالغرب اذا ليس امامنا الا التفاوض

وقد وضح ان هذا هو السبب الرئيسى لقيام اسرائيل بعمل الثغرة لشعورها بعدم القدرة على مواصلة القتال وكما سبق وان اشرت ان سبب الثغرة هو صدور الامر للفرقة 21 مدرعات بالعبور وترك مكانها خاليا علما بان الفرقة 21 مدرعات كانت مهمتها الاساسية صد اى هجوم قادم من ناحية الشرق وتم استعواض مكانها بجنود ليس لهم دراية او خبرة بالارض.

وقد كانت الثغرة محدودة جدا بمنطقة الدفرسوار ولم تتمكن قوات العدو من الوصول الى السويس او الاسماعلية وقد قامت قوات العدو بالعبور بعدد سبع دبابات برمائية من البحيرات المرة وتمركزوا بمنطقة فايد .

ورغم العديد من خسائرنا واستشهاد عدد من القادة وقلة الامداد والتموين الا ان هذا لم يثنى الجنود والضباط عن هدفهم الذى دخلوا المعركة من اجله وهو النصر او الشهادة حيث قام العدو باستعواض خسائره من الطائرات والمدرعات من امريكا رأسا الى ارض المعركة مما احدث اختلال فى التوازن الا اننا كان لدينا الاصرار على النصر حتى صدر قرار وقف اطلاق النار . وهكذا تحقق لنا النصر وبعد ذلك تم انسحاب القوات المعادية من الثغرة .

واود هنا الى التنويه عن فكرة ازالة الساتر الترابى بمضخات المياه والتى كانت فكرة عبقرية من احد ضباط سلاح المهندسين حيث يتم استخدام هذه المضخات لسحب المياه من القناة ودفعها تجاه الساتر الترابى وقد كان دخول هذه المضخات لمصر خدعة اخرى لاسرائيل حتى لا تعلم سبب دخولها فقد تم ادخال هذه المضخات لمصر على انها مستوردة لصالح كلية الزراعة وقد كانت هذه الفكرة جيدة جدا حيث تندفع المياه تجاه الساتر الترابى وتاخذ الرمال الى قناة السويس مما سهل فتح الكثير من الثغرات بالساتر الترابى لانشاء رؤوس الكبارى فيما بعد .(المصدر)

تعليقات القراء