إسرائيل إستنجدت بالمقاتلات الفرنسية لإنقاذها من القوات المصرية .. تفاصيل أخطر لحظات «العدوان الثلاثي» على مصر

الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم 

أكثر من ستين عاما مرت على العدوان الثلاثي على مصر في بداية من 29 اكتوبر/تشرين أول من إلى 6 نوفمبر/تشرين ثان من العام 1956، عندما قامت فرنسا وبريطانيا وإسرائيل مجتمعين بالتعدي على القطر المصري برا وبحرا وجوا، انتقاما من المواقف المصرية تجاه القضايا العربية، والنزعة القومية التي كان ينتهجها الرئيس جمال عبد الناصر في تلك الحقبة من تاريخ مصر.

لتلك الحرب أسباب كثيرة منها ما هو معلوم بحكم مرور عقود عليها والبعض الآخر ما يزال في الأدراج المغلقة لم يتم الكشف عنه، ومن الأسباب المعلومة لتلك الحرب، أن القيادة المصرية لم تعترف باسرائيل، وتؤكد مرارا على أن ماحدث في فلسطين هو حالة استثنائية ومؤقتة، وسيتم إزالتها من الوجود في الوقت القريب، والسبب الآخر الداخلي، هو إعلان الرئيس عبد الناصر تأميم الشركة العالمية لقناة السويس المصرية، وتحويلها إلى شركة مساهمة مصرية، مع الاحتفاظ بحقوق المساهمين الدوليين فيها، بعد رفض البنك الدولي والغرب تمويل مشروع السد العالي، وهو ما اعتبرته بريطانيا التي  احتلت مصر لمدة 70 عاما بمثابة إعلان لحالة الحرب من جانب مصر ، والسبب الآخر هو الدعم اللا محدود من جانب مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.(المصدر)

أهداف مؤامرة العدوان الثلاثي على مصر

1 ــ أهداف بريطانيا وفرنسا، إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وإعادة قناة السويس إما دولياً أو بشركة قناة السويس ــ إسقاط نظام الحكم فى مصر ولم يتحقق أى هدف من الهدفين

2 ــ إسرائيل ــ القضاء على قواعد الفدائيين فى سيناء وقطاع غزة ــ فتح الممرات المائية (قناة السويس ومضيق شرم الشيخ) ــ نزع سلاح سيناء ــ إسقاط نظام الحكم ولم يتحقق من هذه الأهداف إلا التمكن من الملاحة فى مضيق شرم الشيخ الذى تمركزت به قوة دولية بموافقة مصر ثانياً أهداف مصر السياسية والعسكرية ــ المحافظة على إستقلال مصر ضد أى عدوان أجنبى ــ عدم تمكين قوات العدو من إعادة إحتلال منطقة قناة السويس وقد تحقق هذان الهدفان وقد خططت قوات الحلف العدوانى الثلاثى لعملياتها الحربية واضعة نصب أعينها ضرورة أن تتم العمليات بضربة خاطفة بحيث يحسم الموقف فى أقصر وقت ممكن حُدد أولاً بخمسة عشر يوماً ثم خفض بعد ذلك إلى ثمانية أيام وذلك لإعتبارين مهمين

أولهما الموقف الدولى المعارض لأى تدخل عسكرى وخاصة من جانب الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى و الصين الشعبية وتهديد الأخيرتين بإرسال متطوعين للقتال بجانب المصريين

وثانيهما ان القوات المسلحة المصرية وجيش التحرير الوطنى والمقاومة الشعبية المصرية لو لم تتم العمليات بسرعة كبيرة ستتمكن من تنظيم دفاع طويل المدى وحرب مدن وشوارع بما لن يمكن القوات المعتدية من تحقيق أهدافها ولذلك فإن خطط الحلفاء تأرجحت بين العمليات فى إتجاه الإسكندرية لما فى ذلك من ميزات مناسبة للإنزال البحرى ووجود ميناء جيد ومطار

إلا أن الإنتقال عبر مناطق كثيفة بالسكان مما يتيح لحرب مدن والمقاومة الشعبية أن توقع خسائر فادحة بالقوات المهاجمة وتطيل من مدة العمليات لزمن لا يمكن تحديد مداه .. وإستقر الرأى أخيراً على إختيار إتجاه

بورسعيد حتى يمكن تحقيق هدف العمليات بسرعة فائقة ثم وضع تقدير 6 أيام لتدمير الجيش المصرى وإحتلال بورسعيد والوصول إلى القاهرة

أول أيام العدوان والانذار الانجلو فرنسي :-

بدأت العمليات كما هو معروف بالإسقاط المظلى للقوات الإسرائيلية فى وسط سيناء مساء يوم 29 أكتوبر 1956 مستفيدة بقرب حلول الظلام وتأجيل إشتباك القوات الجوية المصرية معهم لصباح 30 أكتوبر .. بدأت قوة لواء مشاة مصرى مدعم والقوات الجوية المصرية فى عمليات القضاء على هذه القوة التى كانت أقل من 400 فرد وقد صدرت الطبعات المسائية للصحف العالمية يوم 30 أكتوبر بعناوين

((  القوات المصرية تبيد القوات الإسرائيلية والطيران المصرى يكيل لها الضربات ))

وقامت القيادة المصرية بدفع الفر قة الرابعة المدرعة إلى سيناء شرقاً لمقابلة هذه القوات مما إضطر الإسرائليين إلى طلب النجدة من القوات الجوية الفرنسية المتمركزة فى قبرص وإسرائيل نفسها وقد قامت هذه القوات بتوفير الحماية الجوية ضد الطيران المصرى وكذا إسقاط إمدادات من الجو للعناصر المتبقية من قوة المظللين الإسرائليين ـ كتيبة 890 مظلات ثم ظهر الإنذار الفرنسى الإنجليزى الشهير بالتراجع 10 كلم على جانبى القناة والسماح لقوات بريطانية وفرنسية بإحتلال منطقة القناة للفصل بين المتحاربين وتأمين الملاحة الدولية

يوم 31 أكتوبر ـ إستمر إشتباك القوات المصرية مع القوات الإسرائلية وقامت القوات الجوية ب 100 طلعة ضد العدو وإستمرت تحركات القوات البريطانية والفرنسية إستعداداً للنزول فى بورسعيد وبدأ القصف الجوى البريطانى الفرنسى بعد الظهر وعلى الصعيد السياسى أصدر الإتحاد السوفيتى بياناً شديد اللهجة يدين فيه العدوان الإسرائيلى وسياسة كلا من

بريطانيا وفرنسا

يوم 1 نوفمبر أصدرت القيادة المصرية أمراً بتوحيد جبهات القتال وسحب قواتها من سيناء لمواجهة العمليات الرئيسية للحلف العدوانى وإستمرار القصف الجوى ــ يوم 2 نوفمبر لإستمرار القصف الجوى البريطانى الفرنسى لمطارات بغرض تدمير المطارات والقوات الجوية المصرية وإلى هذه اللحظة لم يكن قد بدأ التمهيد المدفعى للإسقاط البحرى فى بورسعيد .. فهل أوقف قرار الجمعية العامة للأمم والمتحدة ذلك ...؟؟ سنجد الإجابة سريعة وهى بدء التمهيد للإقتحام الفعلى لبورسعيد إبتداءاً من يوم 3 نوفمبر ــ

يوم 3 نوفمبر .. بدأ القصف الجوى المكثف لمدينة بورسعيد وبوفؤاد ضد واقع القوات المسلحة ومطار الجميل وبطاريات مدافع السواحل وإستمرت القوات المسلحة فى تنظيم دفاعاتها فى كل من بورسعيد كنقطة متقدمة والمواقع الدفاعية الرئيسية إبتداءاً من شمال القنطرة إلى الإسماعلية إلى السويس مستخدمة فى ذلك فرقة المشاة والمجموعة المدرعة وباقى وحدات الفرقة المدرعة التى سحبت من سيناء .... ــ

يوم 4 نوفمبر .. أرسل الإتحاد السوفيتى مذكرة شديدة اللهجة إلى كل من بريطانيا وفرنسا يطلب فيها إيقاف عدوانهما على مصر وقد قام الإتحاد السوفيتى بإجتياح المجر فى نفس اليوم ومع ذلك إستمر القصف بالرغم من من مذكرة الإتحاد السوفيتى ــ

يوم 5 نوفمبر .. بالرغم من الضغط الدولى والإنذار السوفيتى وقرارت الأمم المتحدة قام البريطانيون والفرنسيون بإسقاط المظليين غرب بورسعيد وجنوبها فى مطار الجميل وكوبرى الرسوة !! وفى هذا اليوم صدر قرار جديد من الأمم المتحدة يصر على وقف العمليات الحربية وتأمين قناة السويس وتطهيرها وإنسحاب القوات المعتدية وقد قبلت مصر وإسرائيل هذا القرار وفى نفس اليوم أرسل بولجانين الرئيس السوفيتى خطاباته الثلاثة الشهيرة إلى كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل والتى يشير فيها إلى إمكان إستخدام الصواريخ ضدها ولو كانت بريطانيا وفرنسا أعطتا إهتماماً لهذا التهديد لكانتا توقفتا عن الإنزال البحرى الذى كان سيتم فجر اليوم التالى ولكنهما لم يأبها لهذا التهديد خاصة أن الإتحاد السوفيتى كان مشغولاً بالموقف فى المجر وقررا المضى قدماً فى خطط الغزو آملين أن يحققا الإستيلاء على بورسعيد والتقدم فوراً جنوباً لإتمام إحتلال منطقة القناة خلال الثمانى والأربعين ساعة التالية واضعين العالم أما الأمر الواقع . وعلى ذلك قامت قوات الكوماندوز البحرية البريطانية تعاونها بعض الدبابات المجهزة بحراً بالنزول غرب بورسعيد وقامت القوات الفرنسية بالنزول فى بور فؤاد وأمام المقاومة العنيفة التى أبداها المدافعون عن بورسعيد صدرت الأوامر إلى القوات التى نزلت بحراً بتفادى الدخول إلى قلب بورسعيد والتقدم فوراً للحاق بقوات المظليين التى إحتلت كوبرى الرسوة الباقى سليماً وكان الكوبرى الأخر على طريق المرشدين قد دمر بواسطة القوات المصرية (

لم يتم الإستيلاء على بورسعيد إلا بعد بعد وقف القتال يوم 7 و 8 نوفمبر 56 ) 

وفعلاً تقدمت القوات البريطانية ومعها بعض العناصر الفرنسية بسرعة إلى كوبرى الرسوة ودفعت مفارز مدرعة جنوباً فى إتجاه القنطرة حتى وصلت إلى شمال الكاب وهناك وجدت الموقف متغيراً لا يسمح بتنفيذ التقدم الخاطف الذى كان مخططاً بالتعاون مع إسقاط المظليين فى الإسماعلية وأبوصوير فقد إكتشفت أنها أمام دفاعات قوية قوامها لواء مشاة تدعمه وتعاونه قوات مدرعة كافية لصد تقدم القوات المعادية كما أكدت معلومات الإستطلاع الجوى للقوات المعتدية قوة دفاعات المصريين . ولذلك تطلب الأمر تعزيزات من القوات البرية وإعادة تجميع هذه القوات وإجراء تحضيرات تستغرق عدة أيام وصرف النظر عن الهجوم الخاطف لقوات المظليين خوفاً من تأخر لحاق القوات البرية الرئيسية بها وعزلها والقضاء عليها بواسطة قوات التجميع الرئيسى للقوات المصرية وبضياع الأمل فى تحقيق إتمام العملية فى فترة زمنية محددة وأن العمليات ستمتد لفترة بعد وصول التعزيزات المطلوبة ... وهنا تأكدت القيادتان السياسية البريطانية والفرنسية أنهما فشلتا فى تحقيق أهدافهما من وضع العالم أمام أمر واقع فى الثمانى أيام المقدرة لذلك ولم تجدا أمامهما إلا قبول وقف التقدم والقصف الجوى ليلة 6/7 نوفمبر وتم الإنسحاب يوم 23 ديسمبر 1956

المقاومة الشعبية ودورها في صد العدوان .

المقاومة السرية فى بورسعيد بقلم اللواء سمير محمد غانم

تعرضت للمقاومة السرية فى بورسعيد ضد العدوان الثلاثى عام 1956 تقول «تأسس على الفور العديد من منظمات المقاومة السرية فى بورسعيد توحدت أربع منها فى جبهة المقاومة الشعبية المتحدة ضمت أبرز فصائل المقاومة وهى اللجنة العليا للمقاومة الشعبية، الأحرار الانتقاميون، «م. س» المدمرون، واستمرت إلى جانبها فصائل متنوعة للمقاومة لكن القاهرة رأت ضرورة توحيد هذه الفصائل من المقاومة وقد كان فتأسست هيئة تحرير شعب مصر، والتى يرمز لها بـ «هاتاشاما»، وأشرفت المخابرات العامة المصرية على تأسيسها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر!!!

بمناسبة قيادتى للمقاومة السرية فى بورسعيد عام 1956 من قبل المخابرات العامة المصرية بعد احتلال بورسعيد لن أعلق على ما كتب عن المقاومة ولكن لى كلام آخر يتلخص فى الآتي:

1 ـ بعد تأميم قنال السويس فى 26/7/1956 وبدأت انجلترا وفرنسا التحرك ضد مصر قامت المخابرات العامة بقيادة السيد زكريا محيى الدين بتكليف بعض من ضباط المخابرات الذين سبق لهم قيادة الكفاح المسلح ضد القاعدة البريطانية فى القنال عامى 1953 ـ 1954 بإعداد مراكز للمقاومة السرية فى المنطقة حسب الآتي:

- فى بورسعيد تم انتداب الصاغ يحيى القاضى من القوات المسلحة لقيادة المقاومة السرية بصفته من أهل بورسعيد

ـ وفى القنطرة الملازم سلامة عثمان ـ وفى السويس الملازم يحيى راشد ـ وفى الشرقية الصاغ لطفى واكد

ـ وفى الاسماعيلية حيث المركز الرئيسى للمقاومة فى القنال كلها وكذلك مركز تدريب للمتطوعين وكان فيه الصاغات/ عبد الفتاح أبو الفضل

ـ سعد عفره ـ كمال رفعت ـ اليوزباشى سمير محمد غانم.

2 ـ قبل غزو بورسعيد بحوالى 3 أيام قمت بتسليم الصاغ يحيى القاضى فى بورسعيد حمولة 2 سيارة لورى محملة بالأسلحة والذخيرة والمفرقعات وذلك بحضور السيد حسنى عوض من رجال المخابرات العامة والذى عين مساعدا للصاغ يحيى القاضى وقد رجعت فى اليوم التالى إلى معسكر الاسماعيلية. وقد لاحظت أن الصاغ يحيى القاضى يتجول فى بورسعيد بالملابس العسكرية!!

3 ـ عندما تم احتلال بورسعيد وبورفؤاد انسحب الصاغ يحيى القاضى من بورسعيد وحضر إلينا فى معسكر الاسماعيلية لكى يتفادى اعتقاله من قوات الغزو التى اعتقلت بعض ضباط الجيش المصرى الذين كانوا فى القوات المصرية التى كانت تدافع عن بورسعيد وعلى رأسهم العقيد صلاح الموجى قائد القوات..

وأعتقد ان تعيين الصاغ يحيى القاضى لكى يكون قائدا للمقاومة السرية كان خطأ من وجهة نظر الأمن والعمل السرى لأن المفروض أن قائد المقاومة والقادة الفرعيين لأى مقاومة سرية ألا يكونوا معروفين ولا معروف محل اقامتهم!!

4 ـ لما أصبحت المقاومة السرية فى بورسعيد دون قيادة طلبت من رئيسى المباشر الصاغ حسن حلمى بلبل الموافقة على دخولى بورسعيد لقيادة المقاومة السرية وإمداد الدولة بالمعلومات عن القوات المعتدية وعن بورسعيد فوافق على ذلك.

5 ـ تسللت إلى بورسعيد عن طريق بحيرة المنزلة على إحدى مراكب الريس عبدالمنعم زعزوع ومعى جهاز لاسلكى صغير وقابلت حسنى عوض مساعد الصاغ يحيى القاضى الذى أخبرنى بحقيقة الأوضاع فى بورسعيد وانه لم يبق من رجال المقاومة غير خمسة أفراد فقط وان القوات المعتدية استولت على شحنة الأسلحة التى تم تسليمها لهم من قبل.

6 ـ كتبت تقريراً مفصلاً وكذلك خطة التحرك عن المرحلة التالية وأرسلته إلى الصاغ محمود عبدالناصر ضابط الاتصال برئاسة المخابرات العامة تتلخص فى الآتي:

أ ـ اعداد أماكن ايواء للمتطوعين المزمع احضارهم من خارج بورسعيد وأماكن لاستقبال وتخزين الأسلحة والذخيرة المطلوب تهريبها إلى بورسعيد.

ب ـ تكليف الأفراد الخمسة المتبقين من المقاومة بالعمل للحصول على معلومات عن القوات المعتدية والبحث عن أماكن الايواء والتخزين المطلوبة.

جـ ـ تجنيد أفراد من اهالى بورسعيد ممن يسكنون بجوار المعسكرات والميناء لرصد تحركات القوات وكذلك تجنيد أفراد من أهالى بورسعيد للمقاومة السرية.

د ـ ارسال خرائط لبورسعيد للمساعدة فى تحديد أماكن القوات المعتدية.

ملخص عام لتطورات أزمة قناة السويس "العدوان الثلاثي"

فرنسا يؤرقها مساعدة مصر للثوار فى الجزائر

بعد أن أعلنت ساعة الصفر لثورى الجزائر فى أول نوفمبر 1954 من إذاعة صوت العرب فى القاهرة ” …التى كانت تبث فى البداية من جهاز اذاعة محطة سرية لغرض بث واذاعة برامج لتدعيم الثورة الجزائرية وبدء القلق والغضب يؤرق فرنسا لمساعدة مصر للثوار فى الجزائر اذ لم تكتفى تلك المساعدة على الدعم المعنوى فقط، بل شمل التدعيم المالى وتعداها الى التدعيم بالأسلحة والتدريبات العسكرى فى معسكرات مصر وكلياتها الحربية بالأضافة الى استضافة وتأمين وضمان اللجوء السياسى لثوار المقاومة الجزائرية وكانت فرنسا تتصور أنها تستطيع أن تخمد ثورة الجزائر بضرب مصر على أساس أنها كانت تقدم للجزائر المدد والعون

الغارات الإسرائيلية على الحدود المصرية

خلال عامى 1953 وعام 1954 اتجهت وزارة الدفاع الاسرائيلية نحو خلق جو من التوتر الشديد على طول الحدود ، فعلى الحدود المصرية ، أحكمت اسرائيل قبضتها على ” العوجة ” نقطة الوثوب الاستراتيجية إلى سيناء ، وفى صيف 1954 عملت على افساد علاقات مصر ببريطانيا وأمريكا بتنظيم أعمال العنف والتخريب لممتلكاتهما لإظهار ضعف حكومة مصر ، وفى نهاية سبتمبر 1954 بعثت بالسفينة الاسرائيلية ” بيت جاليم ” تحت العلم الإسرائيلي لعبور قناة السويس ولكن مصر استطاعت أن تفوت على اسرائيل تحديها لقرارها بمنع السفن والبضائع الاسرائيلية من المرور فى القناة

إرسال الفدائيين المصريين إلى الحدود

وكان الرد المصرى الطبيعى على هذه الاعتداءات أن بدأت مصر تشن حرب الفدائيين للثأر من هذه الهجمات، فقامت مجموعات مختارة من فدائيى الحرس الوطنى (كان قد تم وضعهم وقتئذ على بعض نقط الحدود، فى دور تدريبهم وتحميلهم واجبهم فى الدفاع عن الوطن إلى جانب وحدات الجيش المصرى) بالقيام بغارات داخل حدود إسرائيل (2)، وعلى هذا الأساس زاد التركيز على الأعمال الفدائية التخريبية داخل أراضى إسرائيل والتى اشترك فيها فدائيون مختارون من الحرس الوطنى بعد أن تم إعدادهم فى معسكرات التدريب المتقدم فى أنشاص يؤرخها كما يلى

الفريق كمال حسين فى كتابه “مشاوير العمر، أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر فى الحرب والمخابرات والسياسة” (14) “….

العيد الرابع الثورة يوم 26 يوليو 1956 فرصة الرد على الأهانة

لاحت لعبد الناصر يوم العيد الرابع الثورة كفرصة الرد على الأهانة بأكثر منها لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وفى الساعة السابعة مساء يوم 26 يوليو 1956 إعلن لجماهير الشعب المتجمع فى ميدان ساحة المنشية بالأسكندرية القرار بتأميم مصر للشركة العالمية لقناة السويس البحرية وسمع

العالم منبهتا ولم يصق الكثير اذانهم وهكذا دخل التاريخ كطلقة حرية طغى صداها على تطور الأحداث فى الأيام والأسابيع والشهور التالية، بل يمكن

تشبيهها بالدوائر التى تنشأ فى بحيرة ماء بعد القاء الحجر فيها ، ولا ابالغ اذا ادعيت بأن صدى هذه اللحظة قد واصل دوامه حتى يوم 28 ديسمبر 1970 عندما اسلم عبد الناصر روحه لربه وتوفاه الله

كانت كلمة “ديليسبس” الكود السرى لقيام مصر باللسيطرة على مكاتب ادارة الشركة العلمية لقناة السويس البحرية ، ولم يختفى هذا الأسم من ساحة تطورات الأزمة والحرب حتى يوم مغادرتة القوات الأنجلوفرنسية لأراضى مصر، فتم نسف التمثال فى الهواء وحطمت معه ذكريات ماضية للأبد

ولاح الآن بشكل واضح لبريطانيا وفرنسا شبح المشاكل لأقتصادية فور علمها بقرار تأميم مصر لقناة السويس فعلاوة على أن التأميم يعتبر ضربة مضادة ذات أثر سياسى على الدول المستعمرة وخاصة بريطانيا وفرنسا فإنها ايضا تحمل أثرا إقتصاديا كبيرا ، فبالنسبة لآنجلترا تعتبر القناة أقصر طريق لها نحو الهند ومستعمراتها فى شرق أفريقيا وجنوب آسيا كما أن الحكومة البريطانية تمتلك 40 % (اربعون فى المئة) من أسهم الشركة علاوة على مرور حوالى 70 % (سبعونفى المئة) من السفن البريطانية فى هذا الممر الملاحى الهام ، أما بالنسبة لفرنسا علاوة على مرور سفنها فى القناة ، فلها ايضا مصالح إدارية وإقتصادية فى الشركة اذ انها تلعب دورا إقتصاديا فى حياة الفرنسيين فقد كان هناك حوالى ربع مليون فرنسى يملكون أسهما فى الشركة نظرا لما تحققه من أرباح خيالية.

نتائج العدوان الثلاثي على مصر 1956م

1-انسحاب القوات البريطانية والفرنسية منبور سعيدفي23 ديسمبر1956، ولذلك تحتفل محافظةبورسعيدفي ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء قوات العدوان

2-هروب إسرائيل متأخرة من سيناء في اوائل عام 1957م كما هربت من قطاع غزة

3- وضعت قوات دولية في الحدود المشتركة بين مصر والكيان الصهيوني

4- من النتائج الأخرى لفشل العدوان الثلاثي هي ازدياد شعبيةجمال عبد الناصروالخط السياسي الذي كان ينتهجه وازدادت هذه الشعبية أكثر بعد إعلان قيام الإتحاد العربي بينسورياومصركنواة لدولة عربية شاملة ذات نظام لامركزي والتي أعلنت عام1958مما أدى إلى تسريع قيام الحركات المناهضة للأنظمة الموالية للدول العظمى الاستعمارية، ذات التطلعات المهيمنة على مقدرات العالم الثالثكحركة 14 يوليو\ تموز1958في العراقوحركة 26 سبتمبر\ ايلول1962فياليمن،ومسيرة الاستقلالفيتونسعام1956. في الحقيقة مسيرة الإستقلال فيتونستوجت في20 مارسمن عام1956أي قبل العدوان.

الخاتمة

هذا وبالله التوفيق تم الانتهاء من موضوعنا الذي يتحدث عن أزمة قناة السويس او ما يعرف بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م واستعرضنا تداعياته واسبابه ونتائجه وتم توضيح بعد المعارك المتسلسلة ودور الشعب من المقاومة الشعبية في مواجهة القوات المعتديه بعد إنسحاب القوات النظامية درأ للوقوع في فخ قوات التحالف الغازية من الصهاينة والانجليز والفرنسيين ...

هذا وبالله التوفيق ...

قائمة المراجع والمصادر

1-المجموعة 73 مؤرخين

2- د . يحيى الشاعر

3- مذكرات موشيه ديان عن معركة قادش 1956م

4- مقال جريدة الاهرام عام 1996م بعنوان هل أنقذ التدخل الدولي والانذار السوفيتي مصر للواء محمد رفعت وهبة زميل أكادمية ناصر العليا(المصدر)

 

بورسعيد الباسلة تتصدي للعدوان

أمام الإصرار المصري علي التصدي للعدوان، ومنع الدول الاستعمارية من فرض سيطرتها، بدأ العدوان الأنجلوفرنسي علي مدن القناة، بالغارات في بورسعيد، في 5 نوفمبر 1956، وأحرقت القوات البريطانية حي المناخ بأكمله بالنابالم، وفي حي العرب، دمروا بالطائرات منطقة الجمرك القديمة، وعدد من العمارات السكنية.

وتم الإنزال المزدوج البريطاني، في مطار الجميل غرب المدينة، بينما كان الإنزال الفرنسي في منطقة الرسوة جنوب بورسعيد، بجانب الإنزال البرمائي البحري، والإنزال بالهليكوبتر البريطاني.

أمام هذا الهجوم للقوات المعادية، ضرب أهل بورسعيد مثالًا للمقاومة الشعبية، فكان القتال يدور من منزل لمنزل، وتمكنت المقاومة من تكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في حرب شوارع، تم التخطيط لها وفقا لتنظيم محكم، من قيادات الجيش المصري.

وتمكنت المقاومة من بث الرعب في قلوب القوات المهاجمة، بالرغم من تفوقها بالعتاد والسلاح، من خلال عمليات فدائية منظمة، ونجحت المقاومة في خطف الضابط "أنطوني مور هاوس"، ابن عمة الملكة أليزابيث، ملكة إنجلترا.

واغتيل الماجور جون وليامز، رئيس مخابرات القوات البريطانية في بورسعيد، وقد قام بهذه العملية أحد أفراد المقاومة السيد عسران، وقامت المقاومة، بالتعاون مع مجموعة الصاعقة، بمهاجمة الدبابات البريطانية بالصواريخ في شوارع بورسعيد، بقيادة بطل الصاعقة الملازم إبراهيم الرفاع.

وتمكنت المقاومة من مهاجمة مقر كتيبة بريطانية، فى مبنى مدرسة الوصفية نهارا، ومهاجمة الدوريات الراكبة والسائر لقوات العدوان، بالقنابل اليدوية، وهو ما كبد القوات المهاجمة خسائر كبيرة، تسببت في فضيحة عالمية للدول المهاجمة.

انتصار مصر علي العدوان الثلاثي
وبالرغم من نجاح القوات المعادية، في التقدم لمسافة 35 كم في امتداد القناة، بعد أن تمكنت من احتلال بورسعيد، إلا أن استبسال المقاومة، حرك العالم ضد القوات المعتدية، وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان، وقامت بنسف أنابيب البترول.

ونجحت تحركات مصر الدولية، بمساندة دول العالم الثالث والشرق الأوسط، التي كانت تقاوم الاستعمار، في إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 2 نوفمبر، قرارا بوقف القتال.

واستمرت القوات المعادية في هجومها، إلا أن إنذار موسكو في 3 نوفمبر، باستخدام القوة النووية، في حال استمرار العمليات القتالية، كان له تأثير كبير، فقد أصبح العالم علي محك حرب عالمية ثالثة.

وهو ما جعل الولايات المتحدة، تتراجع عن موقفها المساند للعدوان، وأدي لوقف التغلغل القوات المهاجمة، وقبول إنجلترا وفرنسا وقف إطلاق النار، في 7 نوفمبر.

وتحت الضغوط الدولية، والفضيحة التي كشفت المؤامرة علي مصر، أنزل العلم البريطاني من فوق هيئة قناة السويس ببورسعيد، وانسحبت القوات المعادية من بورسعيد، في 22 ديسمبر، وفي اليوم التالي، 23 ديسمبر، تسلمت السلطات المصرية، مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو تاريخ اتخذته المدينة عيدها القومي، أطلق عليه "عيد النصر".

خرجت مصر من هذه الحرب منتصرة، وقلمت بورسعيد أظافر الأسد العجوز بريطانيا، لتغيير خريطة القوي في الشرق الأوسط، وانطلقت حركات التحرر في إفريقيا وآسيا، وزادت من قوة ونفوذ عبدالناصر والثورة، بعد كشف مخطط القوي الاستعمارية.(المصدر)

تعليقات القراء