ما لا تعرفه عن أول من رفع العلم المصري في سيناء بحرب أكتوبر .. وقصة أبطال النوبة ودورهم في المعارك
الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم
حرب أكتوبر هى الحرب التي شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973، والتي شهد لها العالم أنها من أقوى الحروب التي خاضتها مصر.
يطلق عليها أيضا في سوريا "حرب تشرين التحريرية"، وفي إسرائيل "حرب يوم الغفران"، وهي الحرب التي خاضتها كل من مصر وسوريا ضد إسرائيل، لاستعادة شبه جزيرة سيناء في مصر، وهضبة الجولان في سوريا، والضفة الغربية في الأردن، وقطاع غزة في فلسطين.
ما لا تعرفه عن "الملا" أول من رفع العلم المصري في سيناء بحرب أكتوبر 73
انتهت الحرب، كما هو معروف، بانتصار جيشي مصر وسوريا على الجيش الإسرائيلي، بعد سلسلة من قصص التضحيات سواء على المستوى الفردي للمقاتلين أو بمساعدات معظم الدول العربية والأجنبية ومنها الاتحاد السوفييتي آنذاك، ومن بين قصص التضحيات التي سطرتها كتب التاريخ، قصة الرقيب نورد الدين الملا، الذي يعتبر من أوائل الذين رفعوا العلم المصري على أراضي سيناء خلال حرب أكتوبر 1973، بحسب موقع cairoscene.
وكان الرقيب نور الدين علي الملا قد التحق بالخدمة العسكرية عام 1966، ومن ثم خدم في صفوف قوات سلاح المشاة، حيث شارك في حرب الاستنذاف، حسبما ذكر موقع "أخبارك" المصري، ويذكر من بين بطولاته في تلك الفترة، أنه أثناء إبحار قاربه سأل قائده عما سيكون الوضع عليه إذا أصيب القارب، فلم يجب الملا لكنه لم يتردد في أن يقفز بملابسه كاملة في المياه، وسبح إلى الضفة الأخرى من القناة وأشار إلى قائده برفع سلاحه في رسالة طمأنة له.
وكانت بطولته الكبرى في حرب أكتوبر، وشارك ضمن فرقة كلفت بعبور قناة السويس، وبالفعل وصلت مجموعة كان يقودها قبل وصول المهندسين العسكريين المكلفين بفتح ثغرة في حقول الألغام لعبور القوات من خلالها، لكن الملا لم ينتظر كثيرا حيث بادر بقطع الأسلاك الشائكة، وبالفعل نجح بالتعاون مع المجموعات الأخرى في اقتحام النقطة رقم 146.
مزق الرقيب الملا العلم الإسرائيلىي، ثم استولت وحدته على النقطة وقتلت وأسرت من بها من جنود إسرائيليين، ثم تقدمت الوحدة فى اتجاه المواقع التي تتمركز فيها الدبابات الإسرائيلية وتضرب منها المواقع المصرية، فاشتبكت وحدة الملا مع قوات إسرائيلية احتياطية لمدة ساعة خسرت فيها القوات الإسرائيلية العديد من الدبابات والعربات المجنزرة.
في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 شن الجيش المصري هجوما ليليا على مركز قيادة إسرائيلي بممر متلا، شارك فيه الرقيب الملا ضمن مجموعة الاستطلاع المتقدمة، ونجحت مجموعته في مهمتها ودخل البطل في معركة ضارية مع القوات الإسرائيلية وظل يقاتل بشجاعة وبسالة حتى نفذت ذخيرته، واستشهد الرقيب نور الدين الملا في الـ12 من أكتوبر 1973، بعد أن اعتبره كثير من المؤرخين من أوائل من رفعوا العلم المصري في سيناء.
وكرّم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات اسم الرقيب نور الدين الملا، عرفانًا بتضحياته البطولية، ومنحه وسام "نجمة سيناء".(المصدر)
حرب أكتوبر والتشفير النوبي
ابتكر الجيش المصري طريقة ذكية لحرمان الجيش الإسرائيلي من التقاط شفرات الأوامر السارية بين قيادات القوات المصرية تعتمد استخدام اللهجة النوبية غير المكتوبة التي يصعب فهمها في سلاح الإشارة.
كان الجيش الإسرائيلي في حرب 1973 متفوقا في مجال الاتصالات والتقاط المعلوات والرسائل السارية بين أفراد وقيادات الجيش المصري.
ومع قلق القيادات المصرية من هذه المسألة، ظهر الصول أحمد إدريس، الذي اقترح على قياداته هذه الفكرة والتقى الرئيس الراحل أنور السادات.
وفي لقاء للصول إدريس مع موقع "رصد" قال: قلت لقادتي إن اللغة النوبية تنقسم إلى قسمين بين أهلها وهي "لهجة نوبة الكنوز"، و"لهجة نوبة الفديكا"، ويعود أصل "الكنزية" إلى اللهجة "الدنقلاوية" نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما يعود أصل "الفديكا" إلى اللهجة "المحسية"، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان…فأبلغ قادتي الفكرة لرئيس الأركان الذي بدوره عرضها على الرئيس أنور السادات ووافق على الفور وفوجئت باستدعاء الرئيس الراحل لي".
وتابع: "وصلت لمقر أمني لمقابلة الرئيس السادات وانتظرت الرئيس بمكتبة حتى ينتهي من اجتماعه مع القادة، وعندما رأيته كنت أرتجف نظراً لأنها كانت المرة الأولى التي أرى بها رئيسا لمصر، وعندما قابلني وشعر بما ينتابني من خوف وقلق اتجه نحوي ووضع يده على كتفي ثم جلس خلف مكتبه وتبسم لي وقال: فكرتك ممتازة…لكن كيف ننفذها؟ فقلت له لابد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون في النوبة، وعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيي 1964، وهم الذين نزحوا بعد البدء في بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة…هم موجودون بقوات حرس الحدود…فابتسم السادات قائلاً: بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنوداً بهذا السلاح".
وأشار إدريس إلى أنه بعد عودته إلى مقر خدمته العسكرية، علم أنه تم الاتفاق على استخدام النوبية، كشفرة وأنهم قرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين، الذين بلغ عددهم حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، وتم تدريب الجميع، وذهبوا جميعاً وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتى حرب 1973".
وأكد إدريس أن السادات طالبه بعدم الإفصاح عن هذا السر العسكري، وهدده بالإعدام لو أخبر به أحداً، موضحا أن هذه الشفرة استمرت متداولة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات.
وأردف: كانت كلمة "أوشريا" هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر/ تشرين، ومعناها العربي "اضرب"، وجملة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية"، وبتلقي كافة الوحدات كلمة "أوشريا" وكلمة "ساع آوي"…بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع كل في تخصصه دون أن تدرك القوات الإسرائيلية ماذا يجري بالضبط.(المصدر)