بعد وفاته في لندن.. من هو ساطع النعماني صاحب مقولة "أنا شهيد أعادني الله للحياة لأوصيكم بمصر"

كتبت: سارة سرحان

 

عام ونصف قضاها الشهيد ساطع النعماني في رحلة علاج قاسية، اعتقد خلالها أنه لن يعود إلى الوطن، دائما كان يردد "أنا شهيد وراضٍ بقضاء الله"، إلا أن إرادة الله كانت أقوى بإعادته إلى الحياة مرة أخرى، بعدما اعتقد الجميع أنه لن يعيش أكثر من ساعات عقب إصابته الخطيرة.

 

فمن هو العقيد ساطع النعماني؟

 

هو ضابط شرطة مصري، كان نائبًا لمأمور قسم بولاق الدكرور، وقاده القدر لأن يكون بحكم التوزيع الجغرافي لمكان عمله، في مواجهة مباشرة مع أحداث العنف التي اشتعلت بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى، إذ تعرض العقيد ساطع النعماني خلال ممارسته مهام منصبه في حفظ الأمن، إلى إطلاق نيران مصدره -كما أفادت تحقيقات النيابة العامة- أفراد من جماعة الإخوان المُتجمهرين بميدان النهضة رفضا لإقالة محمد مرسى، دخل بعدها في غيبوبة شديد المستوى، وصلت إلى 60 يوما، ثم توجه إلى لندن في رحلة علاجية على نفقة الدولة وصلت إلى 411 يوما، عاد بعدها إلى مصر، ليُكرم من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى في العديد من المناسبات، واليوم بعد أن توجه مرة أخرى للعلاج بالعاصمة البريطانية لندن، توفى العقيد ساطع النعماني بأحد مستشفياتها وهى مستشفى سانت مارى.

 

وحين أراد أهالي بولاق الدكرور تقدير دور النعماني وتضحيته بروحه من أجلهم، نظموا فعاليات لاستقباله بمطار القاهرة الدولي، فور وصوله من رحلة العلاج التي استغرقت عاما ونصف، قضاها النعماني بين سويسرا ولندن، حيث توجه العشرات من أهالي منطقتي بولاق الدكرور وبين السرايات إلى مطار القاهرة، مصطحبين الطبل والمزمار الذي تعالت أصواته مع وطأة قدم النعماني صالة الوصول، والتف الجميع حوله، حيث استقبله وفد من وزارة الداخلية ونادي الشرطة ورئيسه اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة وعدد من قيادات وضباط مديرية أمن الجيزة.

 

على لسان البطل

 

وحكى البطل ساطع النعماني تفاصيل المعاناة التي مر بها طوال العام ونصف الماضي في اتصال هاتفي مع صحيفة "الدستور"، قائلا: "الموضوع بدأ 2 يوليو قبل الماضي، عندما خرج الرئيس المعزول بخطاب على الشعب، وما إن وصل إلى كلمة الشرعية التي كررها مرارا، حتى انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، كأن الشرعية كانت كلمة السر لبدء الهجوم على أهالي بين السرايات.

 

وأضاف، إنه كان متواجدا بمكتبه بقسم شرطة بولاق الدكرور، فحضر الضباط وأخبروني بإطلاق الرصاص على أهالي بين السرايات من أعلى كوبري ثروت، فانتقلت على رأس قوات ضخمة، وبالفعل شاهدت قرابة 50 شخصًا يطلقون الرصاص بكثافة من بنادق آلية، وبعضهم يعتلي أسطح جامعة القاهرة، ربنا وفقني إني أبعد المواطنين عن مرمى النار، وأثناء وجودي فوجئت بطلقة تخترق وجهي".

 

وأكد النعماني أنه لم يفقد الوعي حتى دخل المستشفى، إلا أنه فور دخوله غرفة العمليات فقد الوعي، وظل في غيبوبة طوال 60 يوما كاملا، حتى أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقت أن كان وزيرا للدفاع، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، بنقله إلى سويسرا بطائرة خاصة إلى مستشفى بجينيف.

 

وتابع: "أجريت عدة عمليات جراحية في العين والفك والوجه، ثم تم نقلي إلى لندن لإجراء عدد من الجراحات الكبرى، وصلت إلى 12 جراحة مختلفة، والتي انتهت كمرحلة أولى إلى ما هو عليه الآن، فاقدا البصر في العين اليسرى، وفجأة رجعت للحياة، وأذكر أني كنت متضايق جدا ورددت (أستغفر الله العظيم، يا رب ليه ما خلتنيش شهيد، كان زماني في الجنة)، أكيد في سبب وحكمة من ربنا إني أرجع للحياة تاني، واكتشفت الحكمة لما رجعت لمصر، وهي إني أوصل رسالة للمصريين وأقول لهم: خلوا بالكم من مصر".

 

وطالب النعماني بإعادته للعمل في خدمة بلاده، قائلا: "أنا لسة عايش وواقف على رجلي وأتمنى من وزارة الداخلية أن تتيح لي فرصة العمل مرة أخرى في مجال الشرطة الذي أعشقه منذ صغري"، ووجه الشكر إلى اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية على الاهتمام به، مختتما حديثه قائلا: "شكرا يا أمي يا مصر".

 

كما أشاد العميد ساطع النعماني، ممثل مصابي قوات الشرطة، خلال كلمته في حفل تخريج دفعة جديدة لطلاب كلية الشرطة، بأكاديمية الشرطة، بالقاهرة الجديدة، بموافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على طلبه لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، وخلال الحفل صافحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقبل رأسه.

 

وكرمت محافظة الجيزة العقيد ساطع النعمانى بإطلاق اسمه على مدرسة طابا الإعدادية بنات ببولاق الدكرور، وقال الدكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزة إن إطلاق اسم البطل على المدرسة يُعلى من شأن التضحية والفداء كما يبرز عطاء ابناء مصر الشرفاء من رجال الشرطة الذين قدموا ولا يزالوا يقدمون التضحيات لبلدنا ويستحقون منا كل تقدير .

 

تشييع جثمان البطل

وأفاد مصدر أمني، أنه يجرى الآن إجراءات استقبال جثمان الشهيد العقيد ساطع النعماني، داخل الأراضي المصرية، بعد التنسيق مع وزارة الخارجية والمؤسسات المعنية في لندن.

 

كلمات خالدة للعقيد ساطع النعماني بعد عودته الأولى من لندن
 

- أنا رجعت من الموت، والله وحده أعادنى إلى الحياة لأوصي المصريين على بلادهم.

- أيها المصريين.. أفيقوا.. الخطر قادم.

- إن كنت فقدت بصري لكني لم أفقد بصيرتي والآن أرى بعيون المصريين وعيون زوجتي وطفلي الوحيد ياسين الذي أتمنى أن يعيش في هذه الحياة وينعم بعد أن حاول الإرهابيون تعكير فرحة المصريين بثورتهم.

- مش مصدق إني رجعت مصر تاني وشفتها تاني أنا كنت شهيد لكن ربنا رجعني للحياة تاني.

- أنا لسة عايش وواقف على رجلي وأتمنى من وزارة الداخلية أن تتيح لي فرصة العمل مرة أخرى في مجال الشرطة الذي اعشقه منذ صغري.

- شكرا يا أمي يا مصر.

تعليقات القراء